يتمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري بتوجيه المزيد من الدعوات لجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية، لكنه يدرس الموقف بعناية قبل أن يوجه الدعوة لجلسة مفترضة يوم الخميس، وهو يعلم سلفاً أنها لن تحمل جديداً بالمقارنة مع الجلسات السابقة، وفق ما قالت مصادر نيابية.
وبحسب ” البناء” فقد تكثفت الاجتماعات والاتصالات على كافة الخطوط السياسية، لا سيما بين الفريق الداعم للمرشح النائب ميشال معوض أي أحزاب القوات والكتائب والاشتراكي وبعض المستقلين، وبين قوى التغيير وكتلة الاعتدال الوطني، وقد سجلت زيارات ولقاءات عدة في اليومين الماضيين، إذ زار النائب نعمت أفرام معراب والتقى رئيس القوات سمير جعجع، فيما تحدّث النائب ملحم رياشي عن «الخطة ب» للقوات في حال تم الاتفاق مع قوى التغيير والمستقلين على مرشح واحد يستطيع تجميع أكثر من 60 صوتاً. لكن معلومات «البناء» أكدت بأن المشاورات لم تتوصل الى اتفاق على مرشح على الرغم من البحث بأسماء عدة، وبالتالي ستبقى الاصطفافات النيابية على حالها.وذكرت«البناء» أن اجتماعاً سيضم كتلة الاعتدال الوطني والنواب المستقلين للتشاور قبل جلسة الخميس، وسيجري المجتمعون تقييماً لما آل اليه الوضع الرئاسي وما يمكن القيام به للخروج من دائرة المراوحة.
وتتجه الأنظار الى اجتماع تكتل لبنان القوي الذي سيعقد بعد ظهر اليوم برئاسة رئيسه النائب جبران باسيل، وسط غموض حول ما يمكن أن يخرج به من قرار حيال الجلسة النيابية، في ظل احتمالين: التصويت لمرشح من خارج التكتل أو الورقة البيضاء. ورجحت مصادر «البناء» أن يبقى التكتل على الخيار الثاني لتعذر التوافق داخل التكتل على مرشح موحّد، في ظل الانقسام بين من يؤيد ترشيح أحد من التكتل وبين النائب باسيل الذي يفضل ترشيح شخصية من خارج التكتل.
أكدت أوساط مقرّبة من عين التينة لـ»البناء» أن الرئيس بري سيحسم مصير الجلسة خلال الساعات القليلة المقبلة ولن يتأخر في ذلك، وهو كان ينتظر نتائج المشاورات السياسية القائمة وما إذا كانت ستحمل متغيرات تكسر حالة المراوحة والتكرار للجلسات النيابية السابقة، مرجحة أن يدعو بري اليوم الى جلسة تعقد الخميس المقبل.وكتبت” النهار”: فيما “الاستحقاقات الكبرى” تنزلق الى مزيد من التعقيدات والمراوحة والغموض وهو تاليا ما يفسر التراجع اللافت لدى المراجع الرسمية والسياسية حيال كل محطة جديدة من محطات الاستحقاق الرئاسي او المأزق الحكومي. فغالبا ما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري في المرحلة الأولى السابقة من الاستحقاق الرئاسي يحدد قبل أسبوع تماما موعد الجلسة الانتخابية التالية، ولكنه مع مطلع السنة الجديدة التي تشكل المرحلة الثانية من ازمة الفراغ بات يلزم التريث وربما التردد في تعيين موعد الجلسة الحادية عشرة التي لم يدع النواب اليها بعد حتى الساعة. وواضح ان الارتباك وحده يبدو سيد المشهد الرئاسي مع تهاوي كل السيناريوات والرهانات والاندفاعات الإعلامية الدعائية التي طبعت مرحلة عطلة الأعياد حيال المتغيرات التي يمكن ان تطرأ مع بداية السنة الجديدة فاذ بالاسبوعين الاولين من السنة يعكسان مدى التعقيدات المتحكمة بأزمة الفراغ التي ازدادت المخاوف بل تضاعفت حيال احتمالات ان تطول ابعد بكثير مما كان مقدرا لها.
وما ينطبق من تداعيات على الازمة الرئاسية ينسحب أيضا على تخبط البلاد تحت وطأة الازمات الحياتية والخدماتية والاجتماعية والمالية في ظل مأزق حكومي حول الإدارة الحكومية الى مسرح للصراعات التي جمدت إمكانات الإبحار بالبلاد بالحد الأدنى من إجراءات الضرورة التي تمليها طبيعة حكومة تصريف الاعمال وسط ازمة الفراغ الرئاسي.ولعل هذا الواقع دفع بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا الى التشديد على أنه “مع بداية العام الجديد والديناميكية التي يجلبها، هناك حاجة إلى بذل جهود مكرسة لتوجيه لبنان نحو التعافي، وتلبية احتياجات الناس، وإعادة بناء الثقة في المستقبل”. وأكدت ان “انتخاب رئيس جديد وعمل مؤسسات الدولة بكامل فعاليتها أمرين أساسيين في هذا الصدد”.ترصد القوى السياسية ما اذا كان “تكتل لبنان القوي” سيلتزم ما اعلنه أعضاء عديدون فيه تسمية مرشح او اكثر لانتخابات رئاسة الجمهورية وتحت أي عنوان سياسي في اجتماعه اليوم. وعشية هذا الاجتماع توقّع عضو التكتل النائب سليم عون “أن يخرج اجتماع الهيئة السياسية بإسم أو سلة أسماء أو ربما بطرح جديد بالنسبة للانتخابات الرئاسية” موضحا ان “الهدف ليس طرح إسم لتعقيد الأمور أكثر لأن العملية دقيقة وحساسة، وان انتخاب الرئيس ليس الحل للازمة وانما هو أول تطبيق له على ان يتبعها خطوات عدة”. وواصل عون حملة التصعيد التي يشنها “التيار الوطني الحر” ضد الرئيس ميقاتي واتهمه “بالاستمرار بالكيد السياسي ضد التيار الوطني الحر”.وبحسب” اللواء” فقد كشفت مصادر سياسية ان تريث الرئيس بري في الدعوة لعقد الجلسة الحادية عشر لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم الخميس المقبل، كما كان مرتقبا،يعود الى سببين اثنين،اولهما استمرار اجواء الانقسام السائدة على حالها، بين اطراف السلطة وحلفائهم من جهة وأطراف المعارضة من جهة ثانية، وعدم حصول اي اختراق يمهد لكسر حالة الجمود والانتقال الى مرحلة انتخاب الرئيس، لئلا تكون الجلسة تكرارا مملا لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية السابقة،وبدون أي نتيجة ومخيبة للامال، في الوقت الذي ينتظر اللبنانيون من المجلس النيابي اداء مختلفا عما حصل حتى اليوم، ويتمكن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب وقت ممكن.
اما السبب الثاني والاهم من وجهة نظر المصادر السياسية، فهو ترقب الخيار الذي سينتهجه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تجاه الانتخابات الرئاسية، وما اذا كان سيرشح احدا في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقبلة ام سيبقى ملتزما مع كتلته النيابية التصويت بخيار الورقة البيضاء، لان أياً من الخيارين المذكورين، سيؤثر في مجموع الاوراق البيضاء التي سينالها اطراف السلطة وتحديدا تحالف الحزب، وينعكس سلبا على توزيع القوى السياسية في المعركة الدائرة، لانتخاب رئيس الجمهورية، في الوقت الذي يتجنب فيه الحزب الوصول إلى هذه المرحلة، التي تعكس عجز الحزب عن ادارة تحالفاته، كما كان يفعل دائما في مثل هذه الاستحقاقات المفصلية.