كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: لا يزال حزب الله لا يخفي امتعاضه مما سمعه من باسيل غداة جلسة مجلس الوزراء في 5 كانون الاول. هو كذلك غير مقتنع بالتصحيح الذي اعقب به اتهامه الحزب بعدم الايفاء بتعهده له والاخلال بصدقه معه، من ثم حصر باسيل الاتهام بمسؤول وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا. كلا الاتهام والتصويب الملحق به لم يرضيا الحزب آخذاً ببضعة اسباب: اولها، لم يعد يسعه تحمّل تهديده بفك تحالف التيار الوطني الحر معه كلما اختلفا على اي من الخيارات والاقتناعات والمواقف السياسية. احدثها بمغالاة غير مبررة مشكلتا انتخابات الرئاسة والحكومة. للحزب ان يقرر خياراته دونما ان يلزم حلفاءه بها ولهم ان يسلكوا الخيار المعاكس اذا شاووا. ليس اسطع دليل على ذلك سوى ما رافق انتخاب عون رئيساً عام 2016. انقسم البيت الشيعي على نفسه حيال عون. رشحه الحزب بينما عارضه الرئيس نبيه برّي. كلاهما ذهبا الى مجلس النواب مختلفين بتصويتين متناقضين وصار اخيراً الى انتخاب عون رئيساً. انتهى الخلاف لحظتذاك. ما امكن الحزب معالجته مع توأمه في الثنائي الشيعي – وله الاولوية غير المنازع عليها – يسع اي طرف آخر اقل اهمية الاتعاظ به. خيارات الحزب ملكه شأن خيارات الآخرين ملكهم. في ذلك مغزى قول نصرالله انه لن يتخلى عن «تفاهم مار مخايل»، وللتيار اتخاذ القرار التالي اذا رامَ.
ثانيها، عُزيت حملة باسيل على الحزب الى ما قيل عن تلقيه وعداً من صفا بعدم التئام حكومة ميقاتي في 5 كانون الاول. اكد باسيل انه تبلغ الوعد بينما نفاه صفا. في نهاية المطاف، في حسبان الحزب، ما قيل في الاسابيع الاخيرة لم يُقل من قبل طوال السنوات المنصرمة منذ عام 2006 في كل مرة اختلفا. صفا هو القناة الفعلية لتواصل باسيل مع الحزب ما لم يُدعَ الى مقابلة امينه العام. هو كذلك شريكه في صنع الائتلافات التي رافقت انتخابات 2018 و2022، كما في استحقاقات دستورية وقانونية وسياسية اخرى، على مرّها لم يؤتَ يوماً على التهديد بفك التفاهم. ما لا يخفيه الحزب ويقاسمه اياه لأسباب مختلفة التيار، ان كليهما في مناقشات داخلية داخل التنظيمين وصلا الى ما يشبه الاقتناع بأن «تفاهم مار مخايل»، بالصيغة الام، قد انتهى اخيراً ولا بد من صيغة بديلة مختلفة. ذلك ما يلتقي الطرفان عليه وهو انه ادى قسطه.ثالثها، بقوله انه يترك للتيار الوطني الحر خيار البقاء في التفاهم او مغادرته، جزم نصرالله بتمسكه بالمقاربة الحالية لمعضلتي الرئاسة والحكومة. مغزى المدلى به ان على رئيس التيار الالتحاق بحليف التفاهم او التغريد – اذا شاء – خارج السرب. في الاولى لن يتخلى عن فرنجيه وإن لم يرشحه الى الآن، وفي الثانية ثمة آلية أخطر ميقاتي بها مفادها الآتي: لأن حزب الله يدرك انه بات القادر على تقرير مصير التئام مجلس الوزراء او عدمه بعدما استقر الوزراء المشاركون على 16 وزيراً وهم ثلثا الحكومة، فإن نصاب انعقاده رهن ارادة حزب الله.
يحتاج حزب الله الى حكومة ميقاتي في الوقت الضائع الى حين انتخاب رئيس للجمهورية دونما ان يقترن موقف الدعم هذا بالاطلاق. الا انه يفضّل كذلك – وهو مصدر قوته المنبثقة من امساكه بنصاب الانعقاد – وقوع جلسات بأوسع تفاهم داخلي بين الافرقاء المشاركين فيها. تنبّه ايضاً الى ان الفريقين المتناحرين، ميقاتي وباسيل، يحاولان الاشتباك على ارضه. كل منهما يريد كسب معركته على الآخر من خلاله.