يختلف اللبنانيون حول ما اذا كان الحل في لبنان يأتي بإشارة خارجية ام بتوافق داخلي.. لكن سواء من الداخل او من الخارج ،فان المجتمع بكافة اطيافه دخل في الانحدار الاخلاقي عبر عالم واسع، فيه مواقع تواصل اجتماعي متاحة ومباحة وسط سقوط اللغة السياسية السليمة وغياب رجالات الدولة وكلها عوامل كانت تشكل ضمانة الاختلاف بالرأي وحدوده وتكفل بقاء المؤسسات والدولة…
ما يجري اليوم هو ضياع اخلاقي كرسه الخارجون من الحكم في محاولة منهم النجاة باساليب وضيعة، ولا يمكن لاي اشارة خارجية ان ” تصلح بقوم ” فالاحرى ان تكون الغربلة لبنانية والاصلاح داخليا والتغيير جذريا وان تكون ” النيات بالاعمال ” وليس العكس..
واذا عدنا للواقع العام لما يجري في لبنان والخارج نرى تعقيدات كبيرة وسط تشابكات متعددة غير واضحة.
– لبنانيا يسعى رئيس” التيار الوطني الحر”جبران باسيل الى خوض غمار حرب شعبية شخصية والى فرض لاءات كفيلة باضاعة الوقت على امل قلب المعادلات وانتظار معجزة ما تبدأ من رفع العقوبات الاميركية عنه وتنتهي بتبني حزب الله له كمرشح رئاسي ، وهو غير وارد حتى اليوم في حارة حريك..
وفي الوقت الضائع ايضا ينفتح باسيل على تركيا من باب مد الجذور والجسور ليس الا. فالسياسة التركية تعلم حجم تدخلها في لبنان وهي بالتالي لا رأي لها بتسمية رئيس!
– تجتمع القيادات المسيحية حول نقطة رفض الحوار الذي يتبناه رئيس مجلس النواب نبيه بري. فقائد القوات اللبنانية سمير جعجع يعتبر ان طاولة عليها جبران باسيل لا جدوى منها “ومن جرب مجرب عقلو مخرب” . اما باسيل فيعتبر ان الكلام محصور مع تياره ” فهو الكتلة الاكبر ولماذا اعطاء القوات حجما اكبر” اما القيادات المسيحية الاخرى فهي ستكون ” شاهدا على مصالحة الاقطاب” وهي ستذوب فيها.
– حزب لله الذي يطالب برئيس جمهورية “لا يطعن بالمقاومة ” يعرف انه خارج كل المؤسسات الامنية والاقتصادية والمالية بشمل رسمي وحمايته الوحيدة او سنده هو سلاحه لذا فهو لا “يقاتل في الداخل ” لا بوجه الفساد ولا بوجه المصارف ولا في وجه الانهيار رغم تساؤلات كبيرة داخل بيئته. ويحرص حزب الله على عدم “الوقوف بالواجب “مع ايران والاحتدام الحاصل بينها وبين فرنسا. فالسفيرة “آن غريو” ضيفة كل اسبوعين في الضاحية.
مشهد لبناني مختصر يواكبه انهيار مالي واقتصادي وقضاء مضعضع وامن ممسوك بجهود كبيرة مع افق داخلي مسدود باستعادة الوعي الوطني والوعي الاخلاقي والتواصل.
الكل ينتظر ضمن الوقت الميت والكل ينتظر استعادة ما اكتسبه من الحقبات الماضية، وطموح الكثيرين اكبر واشمل .
وحده اللبناني الحر بذهنيته وباسلوبه وخياراته هو الذي ينتظر وينتظر وسيبقى ينتظر، فالنور لن يخترق الظلام وان جاء ستخنقه العتمة.