قد تكون احدى دلائل تراجع قدرة رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل على الامساك بتكتل لبنان القوي هي الضغوط الجدية التي يمارسها بعض نواب التكتل عليه بهدف دفعه للقيام بهذه الخطوة او تلك، وحتى اللحظة تمكن باسيل من احتواء اعتراضات نوابه لكنه قد يكون مضطرا للتماشي معهم في الاستحقاق الرئاسي.
تراجع باسيل امام بعض النواب المعترضين بات ملحاً خصوصا في موضوع التصويت في جلسة انتخاب الرئيس نظرا لتقاطع نظرة هؤلاء النواب مع الجو الشعبي العام للتيار بعد الخلاف مع حزب الله، اذ ان الرغبة العونية تصب في التمايز وان بالشكل عن مسار حزب الله الرئاسي.من هنا بدأت قبل مدة مطالبات جدية من داخل “تكتل لبنان القوي”بضرورة خوض “التيار”معركة جدية لايصال مرشح جديد لرئاسة الجمهورية والتوقف عن التصويت بالورقة البيضاء، لذلك فإن الدفع يحصل اليوم بإتجاه احد خيارين ، اما ترشيح شخصية من داخل التكتل حتى لو كان باسيل، او الذهاب الى تبني شخصية من خارج الاطار العوني ومحاولة تأمين التوافق لها.
لم يحسم باسيل قراره لعلمه ان التمايز عن حزب الله في جلسة الانتخاب سيصعد الاشتباك السياسي بين الطرفين في حين انه يرغب بطي صفحته والعودة الجدية الى التنسيق المتبادل، كما انه يعلم ان ذهابه بعيدا بالرئاسة سيحرر حزب الله في الموضوع الحكومي وسيجعله يشارك في الجلسات من دون اي اعتبارات. لذلك فإن “التيار”، ومع علمه ان تمايزه الرئاسي لا يغير شيئا، الا انه لا يزال يتهيّبه، خصوصا وان مصير الجلسة المقبلة سيكون مشابها لمصير الجلسات السابقة اي انها ستنتهي بعد تطيير النصاب من دون انتخاب اي رئيس، وهذا ما يشكل عامل ضغط اضافي على “التيار”في شارعه المسيحي. في الوقت الذي يبحث داعمو رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض عن اسم بديل يكون اكثر قدرة على جمع التناقضات والوصول الى توافقات، لا يزال الحزب متمهلا في الاعلان عن اسم مرشحه خصوصا ان اي تنازل من قبل نواب المعارضة سيكون تنازلاً امام الورقة البيضاء وهذا بحد ذاته تقدم لقوى ٨ اذار بالنقاط على خصومها.
ستمر جلسة مجلس النواب كما مرّت سابقاتها من دون اي نتيجة، خصوصا ان كل المؤشرات الاقليمية والدولية لا توحي بحصول اي تطور ايجابي جدي يجعل من التسويات الداخلية واقعا لا مفر منه، لذلك فإن الكباش الداخلي مستمر رئاسيا وسياسيا…