كتب مدعي عام التمييز سابقاً القاضي حاتم ماضي في” اللواء”: بما ان مكافحة الفساد ليست خيارا فقد قررت الأمم المتحدة الترويج لعمليات التعاون الدولي والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات التي تساعد في اعمال مكافحة الفساد، وبآن معا في عمليات استرداد ما يكون قد نشأ عن هذه الأعمال، أو ما اتفق على تسميته ب «استرداد الموجودات» من حيث هي موجودة وبالشكل الذي تكون عليه.
من هنا نفهم لماذا زيارة الوفد القضائي الأوروبي الى لبنان اليوم الذي هو لإستكمال التحقيقات التي تجريها دول هذا الوفد حول فساد مالي واداري شاع في لبنان وامتدت اثاره الى دول الوفد من خلال عمليات اخراج الأموال الناتجة عن الإختلاسات المالية وعن عمليات تبييض الأموال واشكال الفساد الأخرى.
ان لبنان الذي انضم الى اتفاقية الأمم المتحدة المشار اليها يكون قد عبّر عن وقوفه الى جانب الشرعية الدولية وبآن معا التزامه بتنفيذ أعمال التعاون والمساعدة في مكافحة الفساد من دون التنازل او اهدار حقه في تطبيق القانون الداخلي الذي حفظته له الإتفاقية.
ولهذا السبب لا نفاجأ ان تعمد السلطة اللبنانية المختصة على استقبال وفد الدول الأوروبية، وان تضع بتصرفه كل الإمكانيات اللوجيستية الضرورية لإنجاح مهمته الإستطلاعية والتحقيقية وان توفر له الأمكنة اللازمة للقيام بعمله. على ان يقوم قضاة لبنانيون بعملية المساعدة وطرح الأسئلة والإستدعاءات، وبالإجمال إدارة الأعمال التحقيقية بالإشتراك مع أعضاء الوفد.
لذلك ليس مسموحا ان نعتبر أن حضور اللجنة الأوروبية المذكورة انتهاكا للسيادة الوطنية ولسيادة القانون اللبناني الداخلي وانما هو لتقديم الدليل على ان لبنان ملتزم بدوره كطرف مساعد في عملية تحقيقية بجريمة الفساد العابرة للحدود.
ومن المفيد ان نأمل ان تؤدي اعمال الوفد الأوروبي الى تمكيننا من استعادة الأموال الناتجة عن عمليات الفساد التي ارتكبت في لبنان وأودعت لدى دول الوفد الأوروبي وغيرها من الدول. ما يؤكد اهمية التعاون الدولي ليس فقط في جرائم الفساد على انواعه وانما ايضا في جرائم اخرى مثل جرائم تبييض الأموال والإتجار بالبشر الى ما هنالك.