ما زال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول جاهداً إيجاد مخرج للأزمة اللبنانية… من دون جدوى. وما زالت كل التسريبات التي تسبق الاجتماع الثلاثي الذي سينعقد في باريس تشي بتحرّك فرنسي جدي تجاه لبنان. إلا أن الواقع يختلف عن التسريبات والتمنيات.
فوفق مصدر ديبلوماسي أوروبي متابع فإن الاجتماع الثلاثي الفرنسي – الأميركي – السعودي هو روتيني، ولن ينتج منه أي تحرّك، بل كل ما سيبحث هو زيادة المساهمات في الصندوق الفرنسي – السعودي لدعم الشعب اللبناني في الصحة والغذاء، وخصوصاً محاولة فرنسا زيادة المساهمة السعودية في هذا الصندوق. ويضيف الديبلوماسي الأوروبي أن المملكة العربية السعودية حالياً “ليست في وارد التدخل السياسي في لبنان، حتى لو كانت فرنسا تحاول إدخالها من بوابة هذا الصندوق”. علماً أن قطر تحاول أيضاً الدخول الى خط حلّ الأزمة اللبنانية، على غرار دورها في مؤتمر الدوحة العام 2008، إلا أن الواقع الحالي يختلف عن السابق، إذ تأبى الدول الكبرى إلا أن يكون الدور الأكبر للمملكة العربية السعودية.
في السياق، تؤكد المصادر أن فرنسا دائماً حاضرة على الخط اللبناني، لكن لا جديد في الأفق، رغم الرسائل المتعددة للمسؤولين الفرنسيين وآخرها التي حملها وزير الدفاع الفرنسي في أثناء زيارته لبنان في نهاية السنة، أو الرسالة التي وجّههتها السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، والمواقف المكررة التي ينقلها أعضاء خلية الأزمة للمسؤولين اللبنانيين… وكلها تشدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ومنه تشكيل حكومة جديدة والبدء بتنفيذ الإصلاحات.
لكن رغم الاهتمام الفرنسي بلبنان، سياسياً والأهم اقتصادياً عبر تأمين مصالحها ومصالح شركاتها، إلا أن الاهتمام تراجع منذ بدء الحرب على أوكرانيا وانعكاسها على الدول الأوروبية كلها، إذ تصدّرت كل الأولويات، إضافة الى وضع إيران الداخلي المتوتر، والخارجي عبر تعليق المفاوضات النووية.
في المحصّلة، يختم المصدر أن لبنان دائماً في البال الفرنسي، لكن هذا كل ما يمكن لفرنسا أن تقوم به، وبالتالي هي لن تكون اللاعب الأساسي في منطقة الشرق الأوسط، كما يودّ رئيسها، حيث المصالح والاهتمامات تشاركية. وبالتالي ما على اللبنانيين إلا أن يحاولوا إنقاذ أنفسهم وعدم الاتّكال على المبادرات والتحركات الخارجية، عبر التوافق في ما بينهم لانتخاب رئيس يكون له دور أساس في إعادة انتظام الدولة ومؤسساتها.