تماماً كسياسته الكيدية في ادارة البلاد على مدى السنوات الست الماضية والتي أوصلته الى قعر الهاوية، هكذا يتعاطى “التيار البرتقالي” مع الجلسات الوزارية التي تناقش بنوداً ملحة وطارئة كالاستشفاء والأدوية والكهرباء حيث الانطلاق دوماً من قاعدة الدفاع عن حقوق المسيحيين، وبما أن النتيجة أصبحت واضحة للقاصي والداني، فالحجة موجودة “ما خلونا”.
أقل ما يمكن أن يقال في هذا الاطار وفق أحد المتابعين، أن السحر انقلب على الساحر بحيث أن “التيار الوطني الحر” الذي له صولات وجولات تصعيدية ونارية ضد اجتماعات حكومة تصريف الأعمال، ها هو اليوم يضع نفسه في قمقم كيدياته وأنانياته وعنترياته وعناده بحيث أن الجلسة الثانية ستعقد يوم الاربعاء وسيتأمن نصابها مع “حبة مسك” بعدما باتت هناك قناعة لدى عدد كبير من الوزراء من مختلف الطوائف بضرورة اجتماع الحكومة لتسيير أمور الناس.
وفي وقت أكدت مصادر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لموقع “لبنان الكبير” أن باب التشاور والتواصل لا يزال مفتوحاً مع الوزراء لأن المرحلة تتطلب التفاهم وليس المناكفات، ولكن في الوقت نفسه، يريد أن يمارس صلاحياته، ينتظر حصول المزيد من الانقسام والاختلاف حول جلسة الأربعاء على الرغم من أن بعض المعطيات أشارت الى أن الأجواء ليست متشنجة كما في الجلسة السابقة خصوصاً أن “التيار” لا يستطيع تحمل تبعات استمرار بواخر الفيول راسية من دون فتح اعتمادات مالية لها.
وفي هذا الاطار، لفت وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض الى أن “مجموع الغرامات المُتراكمة على الدّولة بسبب عدم تفريغ بواخر الفيول الرّاسية في البحر بلغ تقريباً المليون دولار”.
وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر “التيار” لا تزال تعتبر أن جلسات الحكومة في ظل الشغور نوع من التحدي، وقرار واضح في استفزاز مكون طائفي أساس.
لا شك أن العلاقة مع “حزب الله” ليست على ما يرام، لا بل الجرة بيننا “مشعورة” من أعلاها الى أسفلها، وتكاد تنكسر. وأداء الحزب سيء معنا في الفترة الراهنة، وكلامه عن محبته لـ “التيار”، بتنا نراه شعراً لا يطعم خبزاً.
وموضوع الكهرباء أساس بالنسبة الينا لكننا لا نزال على موقفنا بأنه لا يتطلب جلسة وزارية، ويمكن تمريره من خلال المراسيم الجوالة.
أما الرئيس ميقاتي، فنعتبر أنه أصبح دمية في يد الرئيس نبيه بري.
ورأى أحد المحللين السياسيين أن هناك مرحلة من المتغيرات السياسية خصوصاً في التحالفات الداخلية، ويحاول “التيار” أن يرفع السقف تحديداً في علاقته مع الحزب لأنه يرى أن اصرار الأخير على موقفه في ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بمثابة القتل السياسي له.
والموقف من الحكومة والجلسات الوزارية يأتي في اطار الشعبوية والمزايدة من جهة، وممارسة الضغط على الحزب للتخلي عن ترشيح فرنجية من جهة ثانية.
وكان فياض أعلن في مؤتمر صحافي أن مبادرته “تطرح حلاً شاملاً لقضية الكهرباء وهي تحت سقف القانون وترعى الشراكة الوطنية، وهذا الحل ليس بالقطعة لتنفيذ خطة الكهرباء، بل هو حل متكامل ومن حق المواطنين الحصول على التغذية الكهربائيّة ويجب أن تكون هناك زيادة تغذية مع زيادة التعرفة”.
وأرسل الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة إلى الوزراء، كتاب وزير الطاقة الملحق لجدول أعمال مجلس الوزراء والمرسَل إلى الأمانة للمجلس، بعد توزيع جدول أعمال الجلسة، إضافة إلى ردَّين من الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
استجواب وتعهد
وفي المقلب القضائي، وفي انتظار وصول الوفد القضائي الفرنسي الى بيروت في 24 الجاري للقاء المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الاشراف على ملف تحقيقات المرفأ والاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني، بدأ الوفد القضائي الأوروبي تحقيقاته في الملف المالي.
أما بالنسبة الى أهالي ضحايا المرفأ الذين تم الاستماع الى بعضهم على خلفية الاشكاليات التي رافقت تحركهم الثلاثاء الماضي أمام قصر العدل، بدا جلياً أن تحقيقات الأمس مرت بسلاسة تجنباً لمضاعفات قد تشعل الشارع بعد دخول مراجع على أعلى المستويات.
وأشار المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حماده بترك المستدعين من أهالي ضحايا انفجار المرفأ للاستماع اليهم في ثكنة بربر الخازن على أن يتعهد الذين استمع الى افاداتهم بعدم التعرض للأملاك العامة والقوى الأمنية والالتزام بالتظاهر سلمياً.
وفيما انتهت التحقيقات وترك باقي الذين استمع الى افاداتهم، بقي وليام ونون وبيتر بو صعب في الثكنة، ونقلا لاحقاً الى أمن الدولة في الرملة البيضاء في سيارة النائب جورج عقيص للاستماع إليهما، وطلب المحقق الكشف على هاتف بو صعب الخاص.
وفيما أفيد أنّ البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أجرى اتصالات صباحاً لمتابعة موضوع الاستماع إلى عدد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ تفادياً لتكرار ما حصل قبل أيام، استمر الأهالي المتضامنين في التواجد أمام ثكنة بربر الخازن، مطالبين باحقاق الحق ومحاسبة المرتكبين واحياء قضية أبنائهم. وأعربوا عن رفضهم نقل نون وبو صعب الى الرملة البيضاء قبل أن يعطي المحامي العام الاستئنافي في بيروت، اشارة بتركهما.
إقرار “الكابيتال كونترول”
عقدت اللجان النيابية جلسة مشتركة، في المجلس النيابي، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي قال بعد الجلسة: “اليوم، وبعد جهد الجلسة رقم 13 أنهينا النقاش في مشروع الكابيتال كونترول. خفضنا مهلة سريان القانون من سنتين الى سنة، وأخذنا في الاعتبار حقوق المودعين”.