قضاءان في بيروت وانطلاق التحقيقات الأوروبيّة بشبهات الفساد

17 يناير 2023
قضاءان في بيروت وانطلاق التحقيقات الأوروبيّة بشبهات الفساد

بدأت الوفود القضائية الأوروبية تحقيقاتها في بيروت بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحويلات مالية من لبنان الى الخارج تحوم حولها شبهات الفساد وتبييض الأموال.وكتبت” النهار”: بدا مشهدا استثنائيا للغاية عكس الى حد بعيد صورة لبنان الممزق بأزماته الداخلية وتخبطات سلطاته القاصرة والعاجزة والفاسدة من خلال “احتشاد” قضائي أوروبي يحقق في ملفات فساد وتبييض لبنانية تسربت الى بلدان أوروبية من جهة، فيما واصل “احتشاد” امني – قضائي لبناني ملاحقة عدد من ذوي شهداء انفجار مرفأ بيروت مع انحسار نسبي في العاصفة التي اثارتها هذه الخطوة المشبوهة والمدانة.

 
وقد أجريت امس جلسة الاستماع الاولى في الملف المالي الذي يحقق ‏فيه الوفد القضائي الاوروبي في لبنان بعد الاستماع الى الشاهد الاول وتقديم الشاهد الثاني ‏معذرة طبية‎.‎ وكانت الوفود الأوروبية القضائية بدأت تحقيقاتها في الطابق الرابع من قصر ‏العدل ‎ومُنع الإعلاميون من الوصول الى هذا الطابق، ‏حيث بدأ الاستماع الى الشاهد الأول في الملف، النائب السابق لحاكم مصرف لبنان سعد ‏العنداري من الوفود الثلاثة (فرنسا والمانيا ولوكسمبورغ) مجتمعين بحضور المحامي ‏العام التمييزي ميرنا كلاس والمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان .
 
اما في المقلب القضائي الاخر فاعطى مساء امس المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حمادة، اشارة بترك وليم نون وبيتر بو صعب رهن التحقيق بعدما مثلا امام المديرية العامة لامن الدولة في الرملة البيضاء على خلفية ما حصل يوم الثلثاء الماضي امام قصر العدل. وأعلن وليم نون، بعد تركه رهن التحقيق، أنهم “حققوا معي بأمور تتعلق بهاتفي وأنا عفوي ولا أخفي شيئاً عن المحققين وصرت ماضي ألف تعهّد” .وأضاف، “إذا كان صوتي يزعجهم فهذا يعني أنه يصل وصوتنا صوت الحق ونحن تحت سقف القانون ونطالب بعدالة 4 آب”.وجاء في افتتاحية” تداء الوطن”: بين مشهدين قضائيين متوازيين لا يلتقيان تحت قوس العدالة، عكست صورة “التحقيق البوليسي” مع أهالي ضحايا انفجار المرفأ مقابل صورة التحقيق الأوروبي في الشبهات المالية التي تحوم حول حاكم مصرف لبنان وأعوانه من الأقارب والمقرّبين والمصرفيين، الواقع اللبناني المرير.
 
وأمس شهد قصر العدل جلسات استماع ماراتونية استمرت حتى المساء عقدها محققون من ألمانيا وفرنسا ولوكسبمورغ مع عدد من الشهود من بينهم أحد النواب السابقين لحاكم مصرف لبنان سعد العنداري بحضور القاضيين عماد قبلان وميرنا كلاس التي تولت طرح الأسئلة نيابةً عن الوفد الأوروبي بمشاركة مترجمين يتولون مهمة الترجمة الفورية لأجوبة الشهود، بينما تغيّب العضو السابق للجنة الرقابة على المصارف خليل آصاف عن الحضور “بمعذرة طبية”، على أن يستأنف الوفد جلساته اليوم بالاستماع إلى إفادة كل من أحمد جشي، النائب السابق للحاكم، ورئيس مجلس إدارة “بنك الموارد” مروان خير الدين.وكتبت” الديار”: اسدل «الستار» مؤقتا على الملف القضائي المفتعل ضد اهالي ضحايا تفجير المرفأ، باشارات قضائية قضت بترك اثنين من المستدعين الرئيسيين، لكن مع ابقائهما «رهن التحقيق»، اي تحت ضغط الاستدعاء مجددا، فيما ترك الآخرون مع تعهّد بسلمية التحرك وعدم اهانة القضاء. «كباش» كان «لزوم ما لا يلزم» شغل الاوساط السياسة والقضائية والدينية، استغلها البعض من الساسة لادعاء بطولات وهمية، فيما لم يخرج من هذه المواجهة منتصر واحد، ولا تزال العدالة بعيدة جدا، فيما اصيب القضاء بالمزيد من «التشظي» تزامنا مع بدء الوفود القضائية الاوروربية بالامس، «رحلة» البحث عن اجوبة في ملفات فساد مفترضة.وأوضح الخبير القانوني د. عادل يمين لـ”البناء” أنه “استناداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العمومية بقرارها رقم 58/4 تاريخ 31/10/2003 والتي انضمّ إليها لبنان بموجب القانون رقم 33 صادر في 16/10/2008، تتعاون الدول الأطراف في المسائل الجنائية، وتنظر حيثما كان ذلك مناسبا ومتسقاً مع نظامها القانوني الداخلي، في مساعدة بعضها البعض، في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد، وتقدم الدول الأطراف بعضها إلى بعض أكبر قدر ممكن من المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية المتصلة بالجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية”.
 
 
ولفت يمين الى أنه “يجوز للسلطات المعنية لدى الدولة الطرف، من دون المساس بالقانون الداخلي، ومن دون أن تتلقى طلباً مسبقاً، أن ترسل معلومات ذات صلة بمسائل جنائية إلى سلطة مختصة في دولة طرف أخرى، حيثما تعتقد أن هذه المعلومات يمكن أن تساعد تلك السلطة على القيام بالتحريات والإجراءات الجنائية أو إتمامها بنجاح، أو قد تفضي إلى تقديم الدولة الطرف الأخرى طلباً بمقتضى هذه الاتفاقية”.وبناءً على ما تقدَّم وفق يمين فإنّ أيّ معاهدة يلتزم بها البلد تنطوي على بعدين متناقضين، الأول، يعتبر ممارسة للسيادة لأنّ الالتزام بالمعاهدة هو بذاته عملٌ سياديّ، والثاني أنّ أيّ معاهدة يبرمها أيّ بلد تؤثر بشكل نسبيّ على سيادته باعتبار أنّها ترتّب عليه موجبات تجاه الدول الأخرى المنضمة إلى المعاهدة، وهذه طبيعة المعاهدات، الأمر الذي يعني أنّ تنفيذ موجبات المعاهدة الدولية يشكل في كثير من الأحيان مسّ ولكن مقونن للسيادة لدى سائر الدول المتعاهدة، وهو أمر مفهوم ومقبول في حقل القانون الدولي العام كثيراً وخاصة في حالة الانهيار المالي الذي وقع في البلاد وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.