القضاء الفرنسي على خط ملف المرفأ هل نكون امام محكمة دوليّة جديدة؟

20 يناير 2023
القضاء الفرنسي على خط ملف المرفأ هل نكون امام محكمة دوليّة جديدة؟


كتب محمد علوش في” الديار”: لا تزال التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت متوقفة، بسبب طلبات الرد الموجهة ضد القاضي طارق البيطار، والانقسامات داخل مجلس القضاء الاعلى، والخلافات حول تعيين قاض رديف يبت بطلبات إخلاء السبيل، وكل هذا في ظل مطالبات من بعض اهالي الضحايا، ومن قوى سياسية، بتحويل التحقيق الى «الخارج» بحال عجز القضاء اللبناني عن العمل، لكن بحسب مصادر قانونية متابعة، فإن التحقيقات بملف المرفأ صارت دولية بالفعل، ولم تعد القضية مجرد مطالبات، كاشفة أن القضاء الفرنسي الذي أوفد ممثلين عنه الى لبنان لمتابعة القضية، يتصرف وكأن التحقيق هو فرنسي.

 
 
وتُشير المصادر الى أن القضاة الفرنسيين الذين وصلوا الى بيروت منذ ساعات، لا يضيعون الوقت، وهم يلتقون بقضاة لبنانيين كالقاضي غسان عويدات وصبوح سليمان، وعقدوا لقاءً مطولاً بالقاضي طارق البيطار مرتين وربما اكثر، ويستفسرون عن القضية، ويسألون عن مستندات كانوا قد طلبوها سابقاً، ويريدون الإطلاع على أدق التفاصيل، وزاروا مكان الانفجار. وبذلك يكون القضاء الفرنسي، بحسب المصادر، قد دخل الى ملف التحقيق في انفجار المرفأ بقوّة، بعد أن أمسك سابقاً، تحديداً بعد الإنفجار، بكثير من القضايا المتعلقة بمرفأ بيروت، وإعادة العمل به.
 
وتلفت المصادر إلى ان الاهتمام الفرنسي بالتحقيقات بحسب المُعلن، سببه وقوع ضحايا فرنسيين في الكارثة، بالإضافة الى لبنانيين يحملون الجنسية الفرنسية، مشددة على أن القضاء الفرنسي وصل الى بيروت بعد أن استنفد وسائل العمل من بعيد، فهو سبق له أن طلب بعض المستندات ولم يحصل عليها، كاشفة أن هذه المستندات، بالإضافة الى بعض الإجابات المطلوبة، لا تزال غير حاضرة، كون المعني بتقديمها هو القاضي بيطار نفسه.
 
 
بالمقابل، فهناك من يرى في لبنان أنه لا يمكن أن يقود التدخل الدولي بملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت إلا إلى إستغلال الملف سياسياً، وتحويل هذه القضية الى أداة للاستثمار، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما كان قد حصل في عملية إغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، التي تحولت التحقيقات فيها إلى مادة إنقسام بين اللبنانيين، خاصة بعد توجيه أصابع الإتهام بسذاجة الى أفراد، ما يعني عدم الوصول إلى الحقيقة الواضحة.
 
وكتبت دوللي بشعلاني في” الديار” ايضا: ان محاولة تدويل الأزمة من قبل الدول الأوروبية، يهدف الى التوصّل لاحقاً، في حال استمرّت في التدخّل في شؤون لبنان الداخلية، من دون أي إعتراضات على أدائها والخطوات اللاحقة التي تنوي القيام بها، الى فرض قرارات معيّنة على لبنان تصبّ في مصالحها في منطقة الشرق الأوسط. وقد يتمشى تلويح أعضاء الوفد بالتالي بفرض عقوبات على بعض القضاة أو الموظّفين، مع ما يُحكى عنه عن إمكان فرض عقوبات أميركية على الأشخاص أو النوّاب الذين يعطّلون انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.
 
 
من هنا، أكّدت المصادر أنّ مسار الوفد القضائي الأوروبي في لبنان لا يُطمئن، فتحويل «المحكمة الدولية» الى التحقيق من قبل وفد قضائي، على ما تحاول الدول الأوروبية والغربية، لن يؤدّي الى كشف حقيقة انفجار المرفأ، إنّما الى المزيد من البلبلة على الساحة اللبنانية، والى العودة مجدّداً الى الشارع وانقسامه بين مؤيّد ومعارض لمثل هذه التحقيقات، كونها تطول جدّاً ولا تصل الى الحقيقة.