كتب ابراهيم الامين في” الاخبار”: قد يكون غريباً، بالنسبة لكثيرين، الحديث عن فوائد استمرار التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر وتطويره. بعض أنصار الطرفين، وكل خصومهما، لا يرون فائدة من استمرار التفاهم. وتكثر التحليلات بأن وظيفة التفاهم انتهت يوم خرج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، ويتطوّع البعض ليشرح لنا أن الطرفين حصلا على مرادهما من التفاهم: استفاد الحزب من تحالف هزّ عرش الصيغة المناهضة للمقاومة سياسياً وطائفياً واجتماعياً، واستفاد التيار من دعم غير عادي لتحصيل حقوقه التمثيلية باسم الغالبية المسيحية في مواجهة سياسة العزل التي شنّها الآخرون منذ ما قبل عودة العماد عون من فرنسا.
هل يمكن تصور كيف ستكون عليه الأحوال في حال وقوع الطلاق القاسي في كل المناطق التي تتجاور فيها بيئتا الطرفين، في بيروت والشريط الحدودي وجزين والطريق الساحلي والبقاع الغربي أو الأوسط أو الشمالي. وهل يمكن تخيّل التدخلات الخبيثة التي يمكن لدول معادية أو قوى معادية أن تلجأ إليها لتوسيع الهوّة بين قواعد الطرفين لا بين قيادتيهما… وهل يمكن تخيل أوضاع أطر وتجمعات نقابية وأهلية واجتماعية فرضت على الطرفين التعاون والتمثيل المتوازن، وكيف يمكن أن تعود إلى حالات الانقسام الحاد وسط سعار اللغة الطائفية؟
وفوق كل ذلك، هل يمكن تخيل نتائج الطلاق بالنسبة لعواصم خارجية تسعى إلى تحقيق نتائج أقوى لحربها الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية على المقاومة وكل من يتعاون معها؟ وهل يمكن أن ندقّق في ما يعنيه أن يصبح المسيحيون جميعاً على خلاف أو عداء مع المقاومة، بينما هم يبحثون عن تسويات مع الزعماء المسلمين المستعدين لكل أنواع المحاصصة؟ وهل يمكن أن نتخيل كيف سيتطور المزاج المتطرف السائد اليوم في أوساط مسيحية كثيرة عن أن من الأفضل للمسيحيين أن يعيشوا وحدهم في حال لم تكن الشراكة على ذوقهم في بلد ينقص عدد سكانه من اللبنانيين يوماً بعد آخر؟
ثمة مخاطر كثيرة تحدق بالقاعدة الاجتماعية والسياسية للطرفين في حالة الطلاق. ومع أن الخلاف بينهما اليوم ليس سطحياً أو عابراً، فإن الحوار بمعناه الحقيقي، هو الذي يعيد تقييم كل ما حصل، ويتفق طرفاه على الإطار الأنسب الذي يحفظ العلاقة أو يطورّها. وثمة حاجة لأن يلعب حزب الله دوراً أكبر في احتواء حالة القلق التي تسيطر على التيار الوطني الحر، كما على التيار ألا يكرر خطأ الإدارة السورية للملف اللبناني سابقاً عندما كان يريد التمثيل المسيحي كما يتصوره هو، لا كما هو عليه فعلياً، وأن يتعامل بواقعية شديدة مع طبيعة توازن القوى كما هو عليه اليوم، لا كما يتمناه أن يكون.
من المفيد تذكير الجانبين بأن كلاهما واهم إذا نظر إلى الطلاق على أنه تحرّر من عبء العلاقة وتبعاتها، وهو وهم سيتبدّد عند أول استحقاق يُظهر فيه الخصوم والأعداء أنيابهم لالتهام ما بقي من هذا الكيان.