يحارُ المرء من أين يبدأ في تعداد الازمات المتراكمة دفعة واحدة، من تعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية، الى المواجهة المستجدة داخل قصر العدل “بمدفعية القانون وأرواح ضحايا إنفجار المرفأ، الى الازمات الاقتصادية والتربوية والمالية المتلاحقة وأخطرها الانهيار “السوريالي” لليرة اللبنانية ازاء الدولار الاميركي.
وسط كل هذه الازمات، تكاد الحكومة أن تكون العمود المتبقي من هيكل الدولة المتداعي، ومع ذلك فهي تتعرض لحمم النار “الدستورية والميثاقية” من دون وجه حق، في وقت مطلوب من الجميع دعمها لتمرير هذه المرحلة الصعبة، وقيامها بالحد الادنى المطلوب لمعالجة القضايا الطارئة، حتى لا يشل عمل الدولة نهائيا.
أوساط حكومية معنية توقفت عند تجدد الحملة على الحكومة ورئيسها، وقالت “صحيح أن المواطن ملّ السجالات والخلافات لكن هناك حقائق يجب ان تعلن حتى لا يعتقد من يلبسون ثوب المعارضة والدفاع عن الحقوق انهم نجحوا في فرص اجندتهم الخاصة”.
وتتابع “الحكومة اليوم امام تحديات خطيرة أبرزها اضراب المدارس الرسمية المستمر منذ ثلاثة اسابيع، مع ما يشكله من خطورة على الاجبال الصاعدة، اضافة الى ملفات عديدة ملحة وطارئة، فهل مطلوب من رئيس الحكومة أن يستسلم للحملات التي تلبس “لبوس الميثاقية وحقوق المسيحيين”؟ وهل الطلاب المسيحيون في المدارس الرسمية بمنأى عن تداعيات الاضراب مثلا؟”.
وتتابع الأوساط “هل مسموح في هذا الظرف العصيب ان يتمترس البعض خلف المتاريس الطائفية، ويتلطى بعباءة المرجعيات الدينية ، بعلمها او بتغاضيها عن الواقع، لاحداث المزيد من الشلل في جسم البلد؟ وهل الحكومة مسؤولة عن الازمات أم أنها وجدت نفسها في مواجهتها ومطلوب منها الحل، فيما هي تتعرض لحملات مغرضة لاهداف سياسية او شخصية؟”.
وتختم الاوساط بالقول “على المعنيين استدراك الخلل والخطأ الحاصل، وتصويب الامور على قاعدة دعم عمل الحكومة بالحد الادنى لتسيير شؤون الدولة والعباد، لان البديل عن ذلك هو المزيد من الانهيارات وتراكم الازمات، وليتحمل عندها مَن يدفع للشلل التام مسؤولية ما قد يحصل، خصوصا وأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما زال يراهن على “حكمة المرجعيات المعنية” قبل أن يقول كلمته الحاسمة ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم تجاه الناس والتاريخ”.
وتختم الاوساط بالقول “مخطئ من يعتقد أن الحملات المدفوعة الثمن او الغوغائية ستدفع رئيس الحكومة الى تغيير قناعاته. ما يمكنها فعله فقط هي دفعه الى ما لا يريد الوصول اليه، لاعتبارات وطنية واخلاقية”.