إنهيار قضائي غير مسبوق وملف انفجار المرفأ الى المجهول

26 يناير 2023
إنهيار قضائي غير مسبوق وملف انفجار المرفأ الى المجهول


دخل الجسم القضائي اللبناني حالة غير مسبوقة تاريخياً من الانهيار تجاوزت التخبط والفوضى والارتجالية، بعد ادعاء كلٌّ من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الواحد على الآخر، واعتبار اي قرار يصدره هذا او ذاك غير قانوني، لا سيما بعدما قرر عويدات اضافة الى الادعاء على البيطار إخلاء سبيل كل الموقوفين في ملف المرفأ من سنتين ونصف السنة، وكان اولهم مديرعام الجمارك بدري ضاهر. ثم تم اخلاء سبيل مدير عام النقل البري والبحري في وزارة الاشغال عبد الحفيظ القيسي.ثم مدير دائرة «المانيفست» في المرفأ نعمة البراكس.ومساء افيد عن خروج جميع الموقوفين من مركز الشرطة العسكرية باستثناء العاملين السوريين بانتظار وصول ذويهم.

وكتبت” النهار”: تحول 25 كانون الثاني 2023 الى محطة في سلسلة تواريخ سوداء من التفكك والتفتت والانهيارات التي شهدها لبنان، بحيث سيثبت انه اليوم الذي توج السقوط المدوي للقضاء اللبناني امام سطوة الفجور السياسي واجنداته من جهة والعجز والتواطؤ والتفرد والتفكك من جهة أخرى. بيد قضائية وسلطة قضائية سيكتب ان التحقيق في انفجار مرفأ بيروت فجر امس، وان ضحايا تفجير 4 اب 2020 سقطوا ثانية شهداء لانتحار القضاء اللبناني. لم يكن ما جرى امس في الافراط المخيف في الرد على المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار سوى اطلاق رصاصة الرحمة على التحقيق في انفجار العصر بيد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويداتت . شن عويدات حربا على بيطار لا حدود للافراط فيها، فاطلق جميع الموقوفين في ملف انفجار المرفأ، وانهى تنحيه عن الملف، وطارد بيطار مدعيا عليه ومانعا إياه من السفر وطالبا مثوله للتحقيق امامه بما لم يسبق ان شهده القضاء في تاريخه. وبين موجات “التقاصف” بالإجراءات والإجراءات المضادة، اختفى أي حضور لمجلس القضاء الأعلى ورئيسه امس كما قبله وكأن الامر يحتمل ترف الانتظار الى اليوم.
والحال ان تخلية جميع الموقوفين في ملف المرفأ بعد الهجوم الصاعق الذي شنه بلا أي ضوابط النائب العام التمييزي غسان عويدات على المحقق العدلي طارق بيطار، أعاد الى الذهان صورة فتح السجون وخروج السجناء جماعيا خلال حقبات الحرب اكثر منه كاجراء نظامي قضائي مدروس على إيقاع العدالة المجردة، اذ اختلط الشخصي بالسياسي في إجراءات الرد علي بيطار وغلب عليها وقع انتقامي فاضح نزع عنها كل الطابع الرصين المتشدد الذي يطبع الإجراءات القضائية المتجردة والموضوعية. وذهب المراقبون والخبراء الى التخوف الكبير من ان يكون القضاء اللبناني اختط لنفسه عبر التطورات الأخيرة صورة غير قابلة للترميم بعدما بدا كانه تهاوى و”انتحر” تحت وطأة ممارسات التفلت والتفكك والارتجال والتسييس وحتى سقوطه في شبهة الشخصنة وخدمة أعداء التوصل الى الحقيقة والعدالة في تحقيق انفجار المرفأ بحيث رسمت علامات ريبة امام المدى المفرط الذي طبع هجوم عويدات امس .

وكتبت” نداءالوطن”: لا توصيف أدقّ لما بلغته حالة القضاء في لبنان من عبارة “حارة كل مين إيدو إلو” بعدما تشرذم الجسم القضائي تحت سطوة منظومة مافياوية حاكمة فردت أجنحتها السياسية والمالية والأمنية والقضائية على أرضية الدولة، فغرست فيها بذور الإفساد وحصدتها شتولاً ومراعي يرعى فيها الأزلام في المؤسسات العامة لتسود معها “شريعة الغاب”، القويّ فيها ينهش الضعيف، ومعيار الصعود والارتقاء في ملكوتها يخضع للعبة ميزان القوى بين أركان هذه المنظومة.
ففي إطار استكمال هجمته المرتدة على المحقق العدلي التي بدأها الثلاثاء بتعميمه على الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ قرارات الاستدعاء الجديدة وإخلاءات السبيل التي سطرها البيطار بعد استئناف مهامه، قرر عويدات أمس إطلاق سراح جميع الموقوفين على ذمة التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، وادعى في المقابل على المحقق العدلي أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وكلّف المدير العام للأمن العام وضع إشارة منع سفر بحقه، متجاوزاً صلاحياته وأصول التقاضي بشهادة النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي الذي جزم بأنّ خطوات وإجراءات عويدات غير قانونية ولا يحق للنائب العام التمييزي اتخاذها، مؤكداً أنّه لا يملك حقّ تخلية سبيل الموقوفين في قضية انفجار المرفأ باعتباره حقاً لصيقاً بشخص المحقق العدلي حصراً، كما لا يملك صلاحية إصدار إشارة بمنعه من السفر.ورغم ذلك، آثر عويدات الإسراع في تنفيذ قراره إطلاق جميع الموقوفين من دون استثناء، بينما تولى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وضع موظفي الفئة الأولى منهم بتصرّف رئيس مجلس الوزراء اعتباراً من اليوم، ووضع الموظفين من غير الفئة الأولى بتصرف الوزراء المختصين، وذلك بعدما ترددت معلومات عن نية مدير عام الجمارك المخلى سبيله بدري ضاهر التوجه إلى مقر عمله في المرفأ لاستئناف مهامه على رأس المديرية العامة للجمارك.
علمت “نداء الوطن” أنّ اجتماعاً تنسيقياً عقد أمس بين المكونات النيابية في قوى المعارضة وتقرر في ضوئه مواكبة تحرك أهالي الضحايا اليوم أمام قصر العدل، على أن يلتقي عدد من نواب المعارضة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لهذه الغاية، في حين جددت وزارة الخارجية الأميركية التأكيد مساءً على أنّ “ضحايا انفجار مرفأ بيروت يستحقون العدالة ويجب محاسبة المسؤولين” عنه.وبانتظار ما سيخلص إليه اجتماع مجلس القضاء ظهر اليوم خصوصاً بعدما أدى عويدات مهمة إخلاء سبيل الموقوفين في جريمة انفجار المرفأ التي كان من المنوي إيكالها إلى محقق عدلي رديف، أكد المحقق العدلي الأصيل عزمه المضي قدماً في مهامه وتحقيقاته في ملف انفجار المرفأ، وقال القاضي البيطار لـ”نداء الوطن”: “أنا سيّد الملف ومكمّل للأخر”، مشدداً على أنه لن يمتثل لاستدعاء النائب العام التمييزي له، وأضاف: “كنت أعلم منذ البداية أنها معركة غير سهلة لكنني باسم العدالة سأواصل مهمتي”.
وكتبت” اللواء”:على طريقة سلوك الابطال في «الدراما العربية» او «الرجال السوبر» في الافلام الهوليودية الاميركية، او الانقلابات، على تنوعها في العالم الثالث، شهد لبنان ما يشبه الانقلاب في ما خص قضية انفجار مرفأ بيروت، سواء في ما يتعلق بالمحقق العدلي او الشخصيات التي اوقفت على ذمة التحقيق، او الادعاءات ذات اليمين والشمال، والتي طاولت مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي كان امس نجم القرارات بكل الاتجاهات:
1- كف يد القاضي بيطار، والادعاء عليه امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
2- منعه من السفر بكتاب للمديرية العامة للامن العام..
3- اطلاق جميع الموقوفين على ذمة التحقيقات الجارية في انفجار المرفأ..
وليلاً، توجه اهالي الضحايا بعد اجتماع في مركز الجمعية الخاصة بهم الى منزل مدعي عام التمييز عويدات احتجاجاً على قرارات اخلاء السبيل.
بصرف النظر عن قانونية ما يجري، لجهة الصدام القانوني بين المحقق العدلي والنيابة العامة التمييزية، فالثابت ان الموقف اتخذ ابعاداً جديدة، فرئاسة الحكومة طلبت وضع المدراء العامين، وبينهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر بتصرف رئيس الحكومة، أما الموظفون من فئة أقل، فبتصرف الوزير المعني سواء أكان وزير المال او وزير الاشغال.
مصادرقضائية رفيعة المستوى قالت لـ «اللواء»: ان اجتماع مجلس القضاء قائم وهو اجتماع دوري اسبوعي وامامه جدول اعمال من عدة بنود بينها قرارات القاضي بيطار والتطورات التي تلته.واوضحت ان ماجرى في الجسم القضائي مؤسف وهو من باب اولى يستدعي عقد جلسة لمجلس القضاء للنظر في كل هذه التطورات.
واكدت المصادر ان القضاء هو المدماك الاخير الباقي في مؤسسات الدولة، وهو الامل المرتجى للمواطنين، فهل يجوز ان نسمح بإنهياره.؟وكتبت” البناء”:انفجرت الحرب القضائية وتصفية الحسابات بين المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي المكفوفة يده في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.وتبادل عويدات وبيطار الدعاوى والبيانات والقرارات على مدى يوم كامل، فبعد خطوة بيطار باستدعاء مجموعة من الشخصيات الأمنية والإدارية والسياسية، وإخلاء سبيل مجموعة أخرى من الموقوفين، ردّ عويدات بحملة خطوات مضادة استهدفت بيطار ونسفت كل قراراته السابقة والحالية، إذ ادعى عويدات على البيطار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز وقرّر منعه من ‏السفر وقرّر إخلاء سبيل كل الموقفين في قضية المرفأ من ضمنهم المدير العام للجمارك بدري ضاهر.وفي رواية إعلامية مسرّبة لما حصل فإن «البيطار لم يستقبل ‏الضابط العدلي الذي حضر لتسليمه الدعوى الموجّهة ضدّه رافضاً تسلّمها، إذ أن ‏الضابط قال له «الرّيّس عويدات بدو يشوفك» فأجابه البيطار «أنا اللّي بدّي شوفو وأنا اللي ‏مدّعي عليه ومحددلو جلسة استماع بعد أيام»، فغادر الضابط العدلي منزل البيطار.في المقابل استدعى القاضي عويدات البيطار صباح اليوم للمثول أمامه‎.‎‏وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن القاضي بيطار وبعد أن يستكمل تحقيقاته سيرفع تقريره الظنيّ الى المجلس العدلي مع كل المعطيات وسيتنحّى عن الملف ليأخذ المجلس العدلي زمام الأمور ويكمل المسار القضائي بالقضية، ونقل عن بيطار قوله إنه سيتابع تحقيقاته ويُصدر تقريره الظني أكان في العدلية أو منزله أم في السجن.وكتبت ” الاخبار”: يسود رصد لتداعيات ما حصل، وتتجه الأنظار إلى مجلس القضاء الأعلى، الذي دعاه رئيسه القاضي سهيل عبود إلى الانعقاد اليوم لمناقشة خطوات البيطار، تلبية لطلب وزير العدل هنري الخوري. وهي الجلسة الأولى منذ أشهر.وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «أعضاء المجلس جميعهم سيحضرون»، وإن اجتماعات حصلت ليلاً جرى التداول فيها في القرار الذي سيتخذ بحق البيطار، ومن بينها تنحيته وتعيين بديل عنه، مشيرة إلى أن البيطار اليوم مدعى عليه من الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية الادعاء، ومن المفترض أن يتمَ تعيين قاض يقوم بالتحقيق معه بجرم «اغتصاب السلطة»، وفي حال رفض المثول ستتخذ إجراءات قد تصل إلى حد إصدار مذكرة توقيف في حقه.وبينما قال قانونيون إنه لا يحق للحكومة تعيين أو إقالة أي موظف رسمي، فإن أحد الحلول يستند إلى كتاب سابق للوزير خوري بطلب تعيين قاض رديف للقاضي الحالي. وهذا يعني أنه في حال قرر مجلس القضاء تعيين قاض رديف، فعليه اعتبار البيطار مخالفاً للقانون وبالتالي تتم إحالته إلى التفتيش القضائي الذي يطلب إلى وزير العدل تعيين بديل عنه. وإلا فإن البيطار في حال لم يحل إلى التفتيش يمكنه التصرف على أساس أنه القاضي الأصيل، وعندها ستكون هناك إما صعوبة أمام عمل القاضي الرديف أو تجميد الملف كله. علماً أن الفريق القضائي الموالي للقاضي عويدات، إلى جانب قوى سياسية، يميلون إلى قرار إطاحة البيطار نهائياً ونقل الملف إلى قاض جديد ومحاولة حماية التحقيق ومنع محاولات تدويله.