كتبت” اللواء”: أبدت مصادر سياسية تخوفها من انحدار الأوضاع نحو الأسوأ، بعد مصادمات السلطة القضائية التي ادت إلى اعادة ملف التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت إلى الوراء، والى نكء جراح اهالي الضحايا من جديد، بعدما كانوا ياملون بتسريع خطى التحقيق بالملف إلى نهاياته في وقت قريب.
وقالت المصادر ان المنحى التصادمي الذي طغى على ملف التحقيق، اعطى انطباعا وكأن هناك سيناريوهات ملتبسة، تؤشر بأن مسار القضية قد بلغ نهاياته بعد اطلاق سراح جميع الموقوفين على هذا النحو، ووضع العراقيل المتعمدة امام استكمال باقي اجراءات التحقيق وتحديد المشتبه بهم بهذا التفجير الارهابي، الذي دمر جزءا كبيرا من العاصمة بيروت وخلف مئات القتلى والجرحى، بالرغم من كل التطمينات العلنية، بأن الملف لن يقفل كما يظن البعض.
واشارت المصادر إلى انه منذ بدايات التحقيق جرت عدة محاولات لتعطيله عمدا، من الجهات التي قيل انها وراء إدخال شحنة الامنيوم إلى مرفأ بيروت، وقد بلغت مداها بعد سلسلة من التهديدات ضد القاضي المعني بالتحقيق، قيام المسؤول بحزب الله وفيق صفا بزيارة قصر العدل ببيروت لهذه الغاية، ثم استتبعت هذه الواقعة بتظاهرات حزبية احتجاجية على ابواب قصر العدل، مالبثت ان تطورت الى إطلاق نار في منطقة الطيونة وعين الرمانة، اسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
وشددت المصادر على ان تجميد عمل المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار من خلال دعاوى الخصومة التي رفعها العديد من المطلوبين للتحقيق، جمد مرحليا مسار التحقيقات والملاحقات، بعدما فشلت كل محاولات ازاحة المحقق العدلي عن الملف بواسطة مجلس الوزراء او من خلال مجلس القضاء الاعلى، وكان بمثابة طي مرحلي ومقنّع للملف، تفاديا لمضاعفاته غير المحسوبة.
واعتبرت المصادر ان المحقق العدلي ارتكب خطأين جسيمين، اولها معاودة مهماته بالتحقيق بالملف، استنادا لمطالعة شخصية منه، وليس من خلال الاطر القانونية المعمول بها، بما يتجاوز صلاحياته، وثانيا ادعاءه على مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بالملف، وايضا خلافا للقوانين التي تنظم عمل السلطة القضائية، وصلاحيات القضاة كل في موقعه، وكون القاضي عويدات، رئيس كل النيابات، في خطوة متهورة، اما بهدف اظهار نفسه وكأنه يختصر القضاء بشخصه، ولا سلطة قضائية فوق رأسه، او لاستدراج ردات فعل سلبية تمهد لتجميد ملف التحقيق لمرحلة طويلة، وهو ما تحقق مبدئيا.
وتساءلت المصادر عما إذا كانت الاجراءات القضائية المضادة التي قام بها مدعي عام التمييز ضد القاضي طارق البيطار، قد وضعت الامور في نصابها، وساهمت في قطع الطريق على اي ردود فعل غير محسوبة من جانب الجهات الحزبية التي تعارض استكمال التحقيق بالملف من أي قاض كان، خشية انكشاف خفايا القضية، ام ان التصادم القضائي الحاصل، قد يؤدي إلى ردات فعل سياسية وشعبية، قد تكون لها تداعيات سلبية اكثر مما هو متوقع.وانتقدت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر أداء البيطار القضائي، متسائلة عبر «البناء»: «لماذا لم يصدر بيطار الفتوى التي أعلنها منذ أيام وأكمل التحقيقات؟ ولفتت الى أن «هدف الحضور القضائي الأوروبي في بيروت هو التحقيق بالقضايا المالية لكن لديهم اهتمام بقضية المرفأ لأسباب عدة، وبالتالي هناك ترابط بين زيارة الوفد وتحرك بيطار الذي تأثر أو تلقى إشارات أوروبية أميركية للتحرك». كما تساءلت المصادر: «لماذا أفرج بيطار عن موقوفين وأبقى على آخرين قيد الاعتقال؟»، داعية الى أن «تأخذ قضية المرفأ المسار الدستوري القضائي الصحيح في البرلمان بالنسبة للنواب والوزراء المدعى عليهم، وبالقضاء العادي بالنسبة للآخرين، والإقلاع عن الاستنسابية والتلهّي بالتحقيق مع الموظفين الإداريين الذين قاموا بواجباتهم وتمّت التضحية بهم فيما لم يُستدع القضاة والمسؤولون عن إدخال الباخرة وإفراغ النيترات في العنبر رقم 12، وبالتالي كشف الجانب الجنائي وليس الإداري والوظيفي فقط».