تماماً كلعبة الدومينو، تتدهور القطاعات في لبنان الواحد تلوَ الآخر بفعل عوامل عدّة قد يكون الأكثر فداحة منها، انهيار العملة الوطنية. وليس جديداً أن يتمّ الحديث عن قطاع النقل البرّي، الذي يتحضّر العاملون فيه من نقابيين وسائقين لرفع الصوت يوم الإثنين المقبل أمام ما يواجهونه من تجاوزات، فضلاً عمّا يسبّبه الإرتفاع الجنوني الذي تسجّله العملة الخضراء في السوق الموازية من غلاء فاحش في أسعار المحروقات و”قطع الغيار” وسواها.
فلتان… “بلا حسيب ولا رقيب” ليس فقط إرتفاع سعر صرف الدولار هو ما دفع قطاع النقل البري للدعوة إلى اجتماع قبل ظهر يوم الاثنين المقبل في مقر الاتحاد العمالي العام، لمناقشة الخطوات التصعيدية اللازمة وتحديد موعد انتفاضة قطاع النقل البري على كل الاراضي اللبنانية. فبحسب ما كشفه رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس في حديث لـ”لبنان 24″، فإن معاناة القطاع مستمرّة مع السيارات التي تحمل لوحات مزوّرة ومكرّرة، وصولاً إلى الدراجات النارية والهوائية والتطبيقات غير القانونية التي تقوم بتشغيل سيّارات خصوصية، ناهيك عن “التوك توك” الذي بتنا نراه حتى على الأوتوسترادات “بلا حسيب ولا رقيب”. وأضاف: “كل ذلك بالإضافة إلى تجاوز أسعار المحروقات المليون ليرة لبنانية ما أثار حفيظة السائقين، الأمر الذي أدّى إلى تحرّك البعض منهم بمفرده من دون توجيه نقابيّ، لذا من المنطقي أن تتمّ الدعوة للإجتماع لأن العمّال لا بدّ من أن ينتفضوا على هذا الواقع المتردّي”. وتابع طليس: “في ظلّ هذه الأسعار، لا يستطيع السائق رفع تعرفته خاصّة وأنه لا قدرة للركاب على دفع مبالغ كبيرة بهدف التنقل، ما يؤدي إلى شلل القطاع، ليبقى دور النقابات والإتحادت حماية العمّال من الفلتان والتعديات ومن كل العناصر التي تؤثر عليهم”. توجّه نحو التصعيد وعن اجتماع الإثنين، لفت طليس إلى أن كل اتحادات ونقابات النقل البري مدعوّة للمشاركة، أي نقابات السيارات العمومية والتاكسي، فانات، اوتوبيسات، شاحنات، صهاريج، موزعي محروقات، موزعي غاز ورؤساء المواقف ومسؤولي الخطوط، والأهداف الواضحة هي قمع المخالفات والتعديات وتطبيق القانون على المعتدين، بالإضافة إلى ضرورة العودة للاتفاق المبرم مع الحكومة في 26- 10- 2021 الذي بحث في دعم القطاع وتنظيمه، وخطّة النقل التي تحمي القطاع والعاملين فيه. وإذ قال طليس أن لا ثقة لديه في أن تتمّ تلبية المطالب المطروحة، كشف أنه عقب اجتماع يوم الإثنين، هناك توجّه نحو التصعيد، موضحاً أنه في حال عدم اقفال الطرقات من قبل السائقين، فإنهم سيعيقون حركة السير من خلال الشاحنات والصهاريج والسيارات والفانات وغيرها. وعن احتمال توقف السائقين عن العمل، قال طليس: “ليش هني عم يشتغلوا؟”. واعتبر طليس أنه “في اتفاقنا مع الحكومة سابقاً، كان من المفترض أن تتحمّل الدولة مع السائق والمواطن وزر الأزمة في ظل وضع استثنائي، إلا أن هذا القطاع الحيوي الذي يمثل 54 ألف عائلة في لبنان بشكل شرعي كيف سيستمرّ في ظل عدم قدرة المواطن على دفع تعرفة السرفيس بقيمة 120 ألف ليرة لبنانية، وفي الوقت عينه لا يمكن للسائق أبداً أن يتقاضى 30 ألف ليرة لقاء التوصيلة؟”. وشدد أخيراً على أنه “كان من الأجدى على الدولة اللبنانية التي باتت تعطي للموظف بدل نقل يساوي الآن 125 ألف ليرة، أن تقدّم هذه المبالغ كدعم للسائقين العموميين فيما خصّ المحروقات، بالإضافة على العمل على تطبيق تعرفة ثابتة وموحدّة”. “نحنا في مين يغطينا” ومن أبرز المشاركين في اجتماع يوم الإثنين، ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا الذي أشار إلى أن مشاركته تنبع من ضروة التطرق ومناقشة “حال المجاعة التي وصل إليها البلد، في ظل غلاء المحروقات بشكل خاص”. وفي حين أبدى أبو شقرا في حديث لـ”لبنان 24″ تأييده التام لمقررات الإجتماع المرتقب، لفت إلى أن لقمة العيش هي الدافع الأساسي لأي تحرّك يمكن أن ينتج عن هذا اللقاء الذي سيجمع اتحادات النقل و”ما تبقى” من الاتحاد العمالي العام، على حدّ تعبيره. وعن المطالب التي سيتوجّه بها خلال الإجتماع قال إنها “مطالب كل مواطن لبناني، والعنوان العريض هو ضرورة وقف التلاعب بسعر صرف الدولار”. واعتبر أبو شقرا أنه “بمجّرد سماع مسؤولين بالتحرك المرتقب، انخفض سعر صرف الدولار إذ ان للشارع ردّ فعل طبيعي على الرغم من عدم تحرك المواطنين على الأرض مع تخطي دولار السوق الموازية عتبة الـ60 ألف ليرة لأنه ليس لديهم من يغطيهم، إلا أن “نحنا في مين يغطينا”، أي النقابات”. “دولرة” أسعار النفط؟ وتوقّع أبو شقرا أن هذه المرة التحرّك لن يكون كسائر التحركات التي تمّ تنظيمها في المرات السابقة وباءت بالفشل قائلاً: “هالمرة مكمّلين للآخر”، تاركاً لرئيس اتحاد النقل البري مسؤولية اتخاذ القرار النهائي في التصعيد أو عدمه. إلى ذلك، كشف أبو شقرا عن توجّه نحو “دولرة” أسعار المحروقات إلا أن الأمر يحتاج لتشريعات وقوانين يتمّ درسها في الوقت الحالي بهدف إقرارها ليتمّ بيع المحروقات في المحطات بالدولار الأميركي، مؤكداً أن المباحثات مستمرّة حول هذا التوجه.