باتت قوى واحزاب المعارضة في لبنان مقتنعة بأنها اقلية داخل المجلس النيابي، وبعيدا عن تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي تتحدث عن اكثرية واضحة لخصوم حزب الله وان المشكلة هي في توحيدهم، يبدو ان ما عبّر عنه احد “نواب التغيير”في برنامج تلفزيوني هو القناعة الحقيقية للمعارضين، اذ اعتبر ان المعارضة هي ٤٤ نائباً فقط لا غير.
بمعزل عن كيفية حساب هذا النائب للمعارضين وسبب تصنيفهم، الا ان الواضح هو فشل خصوم حزب الله او المعارضين للقوى السياسية الحاكمة من “تقريش”الفوز المفترض انه تحقق في الانتخابات النيابية، حتى بات رفع عدد اصوات النائب ميشال معوض في جلسات انتخاب الرئيس المقبل شبه مستحيل.
عملياً شكل النواب المقربون من “تيار المستقبل” القاعدة الصلبة التي منعت حصول قوى المعارضة على الاكثرية، اذ ان الغالبية العظمى من هؤلاء النواب لم يتعايشوا مع “القوات اللبنانية” ولا حتى مع “قوى التغيير” بالرغم من عقد اكثر من اجتماع مشترك، وفضلوا البقاء ضمن الاصطفاف التقليدي لتيار المستقبل.
حتى ان الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يصوت لرئيس حركة الاستقلال لم يعد يُحسب على المعارضين، او اقله قوى المعارضة لم تعد تضعه في حساباتها، خصوصا وأنه على تنسيق كامل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي هدنة غير معلنة مع حزب الله، وهذا لا يناسب بعض القوى والاحزاب.
إقتناع قوى المعارضة بأنها تمثل اقلية في مجلس النواب دفعها الى طرح فكرة التعطيل في الاستحقاقات، وبما ان قوى الثامن من اذار تعطّل انتخاب الرئيس لعدم وصول اي مرشح لا يناسبها، فإنه من حق قوى المعارضة استعمال سلاح التعطيل نفسه عندما يتمكن رئيس تيار المردة من الحصول على الاكثرية.
هذا العرض لم يحظَ بموافقة “القوات اللبنانية” التي لا ترغب بتعطيل جلسة الانتخاب، وكل ما يمكن ان تفعله هو تعطيل الجلسة مرة او مرتين وبعد ذلك ستكون حاضرة في المجلس النيابي لتأمين النصاب الدستوري لانتخاب اي رئيس جديد للجمهورية لمنع استمرار الفراغ في الرئاسة.
بالرغم من ان القوى المعارضة باتت تتعامل مع كونها اقلية بواقعية اكثر من الاشهر الاولى التي تلت الانتخابات النيابية الاخيرة، الا ان الطرف الآخر، الذي يضم حلفاء حزب الله وبعض خصومه، لا يملك بدوره اكثرية صريحة في اي استحقاق من الاستحقاقات الدستورية المطروحة، وهذا ما قد يشكل احد اهم اسباب المراوحة المستمرة منذ الانتخابات.