أمام فشل كلّ المحاولات والإتّصالات في الوصول لمرشّحٍ جامعٍ يُنهي الفراغ الرئاسيّ، تحرّك رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط في عدّة إتّجاهات لتذليل العقبات، وقام بطرح 3 أسماء رئاسيّة، هي قائد الجيش جوزاف عون وجهاد أزعور وصلاح حنين، على الرغم من أنّ كتلته لا تزال داعمة لرئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض حتّى الآن. ورأت أوساط سياسيّة متابعة أنّ المرشّحين الثلاثة المطروحين من قبل المختارة يُمكن أنّ يُشكلوا مفاجأة في عدّة إتّجاهات، لأنّ أقلّه أحدهم مدعوم من فريقٍ نيابيّ معارض لوصول الشخصيّات التي تمّ الإقتراع لها في الجلسات الـ11 التي جرّت.
ويرى مراقبون أنّ تسميّة جنبلاط لقائد الجيش تحوّل لافت منه، وخصوصاً بعد إعلان إمتناعه عن دعم مرشّحين عسكريين كيّ لا يُصبح قائد المؤسسة العسكريّة عند كلّ إستحقاق رئيساً للبلاد بسبب الإختلافات السياسيّة. ويُشير المراقبون إلى أنّ الهدف من طرح العماد جوزاف عون هو لمحاولة جرّ “القوّات” إلى التوافق وإستغنائها عن ترشيح ميشال معوّض وفكرة المرشّح “التحديّ”، وتقليص عدد الأوراق البيضاء، علماً أنّ قائد الجيش علاقته جيّدة بـ”الثنائيّ الشيعيّ”، وسبق وأنّ قام سمير جعجع بالإعلان أنّه أحد المرشّحين التوافقيين، في دلالة على أنّه لا يزال الأوفر حظاً ليكون الرئيس المقبل.
في المقابل، أتى رفض من قبل رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل لاسم جوزاف عون، وتبعه تمسّكٌ من قبل “حزب الله” و”حركة أمل” برئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، وسط التلويح بانتخابه إذا تأمّن له 65 صوتاً، ما يعني أنّهما تنازلا عن شرط التوافق المطلق على أيّ مرشّح، مع سقوط الحوار وعدم إمكانيّة التوافق المسيحيّ على أحد المرشّحين. كذلك، يلفت مراقبون إلى أنّ ما دفع الرئيس نبيه برّي و”الحزب” إلى هكذا خطوة، تلويح باسيل بإعلان ترشّيحه وتجديد رفضه الإقتراع لغيره.
وعلى الرغم من أنّ إسم الوزير السابق جهاد أزعور كان يتمّ التداول به في كواليس ميرنا الشالوحي، فقد أراد جنبلاط من خلاله أنّ يفتح نافذة للحوار والتوافق مع باسيل على مرشّحٍ غيره. لكن، يعتبر المراقبون أنّ تصعيد باسيل الأخير باتّجاه جميع المرشّحين، الهدف منه أنّ يقتنع “حزب الله” به كمرشّحٍ وحيدٍ لفريق الثامن من آذار، وأنّ يدعمه، بينما يعمل هو على خطّ حوار بكركي ومعراب لكيّ يُؤمّن لنفسه التوافق المسيحيّ “القواتيّ” كما كان الحال في العام 2016، مع الرئيس السابق ميشال عون.
وفيما أجهض باسيل لائحة جنبلاط، يبقى صلاح حنين مرشّح “قوى التغيير” إضافة إلى “اللقاء الديمقراطيّ”. غير أنّ مراقبين يوضحون أنّه ينال في كلّ جلسة إنتخاب صوتاً واحداً، ولو كان هناك إلتفاف حوله، لكان حصل على أوراق إضافيّة أخرى. أمّا مسيحيّاً، فيُعتبر حنين وسطيّاً، وغير قادر على لعب دور محوريّ ضدّ سلاح “حزب الله”، وأيضاً لن يُساير “التيّار” في العديد من المواضيع البارزة سياسيّاً وإداريّاً.
من هنا، تفهّم جنبلاط جيّداً الملاحظات على الأسماء الثلاثة، وأبدى مرونة في طرح مرشّحين آخرين، إلّا أنّه اصطدم مُجدّداً برغبة عين التينة والضاحيّة الجنوبيّة بانتخاب فرنجيّة، فيما هو ينتظر تحديد القرار السعوديّ للإقتراع له. فيُشير مراقبون إلى أنّ جنبلاط لا يستطيع الإتيان برئيسٍ لا يحترم العلاقات مع الدول العربيّة ومقرّب من محوّر “الممانعة”. ويُتابعون أنّ سياسة ميشال عون أبعدت لبنان عن الحضن العربيّ بسبب “حزب الله”، ورئيس “المردة” سيستمرّ بهذا الأمر حتّى لو طبّق إتّفاق الطائف وشدّد على أهميّة علاقات لبنان مع الدول الخليجيّة، إذ أنّه سيصل إلى سدّة الرئاسة لإنجاز مشروع فريقه السياسيّ القائم أيضاً على التقارب من إيران والتوجّه شرقاً، ودعم سلاح “المقاومة” وعدم التدخّل في ما يقوم به “الحزب” خارج حدود الوطن من قرارات الحرب والسلم والإبتعاد عن الحيّاد.
ويرى المراقبون أنّه في الوقت الذي يعمل به جنبلاط على إيجاد أرضيّات مشتركة بين كافة الأفرقاء، سيقوم “الثنائيّ الشيعيّ” بإقناعه بفرنجيّة، فهدف “حزب الله” بات واضحاً بوصول حليفه المسيحيّ بـ65 صوتاً، متجاوزاً التوافق المسيحيّ عبر محاولته ضمّ أصوات “اللقاء الديمقراطيّ” والنواب السنّة المعارضين، على أنّ يستنبط رئيس “التقدميّ” الموقف السعوديّ النهائيّ من فرنجيّة كيّ يقتنع أخيراً بالتصويت له أو عدمه.