يرغب رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالبقاء صاحب المبادرة السياسية الابرز في لبنان، وهذا يعني بالنسبة له ان الاستحقاقات الدستورية الاساسية يجب ان تمر من خلال ادارته العامة وتواصله الحقيقي مع القوى السياسية، لذلك فهو يسعى منذ مدة طويلة لاطلاق مبادرة سياسية او حوارية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية.
قبل نهاية العام بدأ بري يسوق لفكرة انه لا يمكن الاستمرار في الفراغ الرئاسي لان البلد لن يحتمل ذلك، بل ستزيد سرعة الانهيار المالي والاقتصادي الى مستويات قياسية ما يؤدي بدوره الى مخاطر فوضى اجتماعية وتفلت أمني كبير. تسريبات بري كانت مجرد تمهيد لاطلاق مبادرته الرئاسية.
خلال الايام الماضية بدأ الحديث عن اطلاق بري لمبادرته القائمة على عقد اجتماع لمجلس النواب من اجل انتخاب الرئيس وعدم خروج النواب من الهيئة العامة قبل انتخاب رئيس وايصاله الى القصر الجمهوري ولو بأكثرية النصف زائدا واحدا، ما يحفظ امكانية تقدم هذا المرشح او ذاك ويتخطى بشكل كامل فكرة التوافق.
مبادرة بري تعني ان القوى السياسية المعارضة لحزب الله يمكن لها البقاء على ترشيح رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض والسعي خلال جلسات الانتخاب لايصال عدد المقترعين له الى ٦٥ نائبا في ظل حاجته الى نحو عشرين نائباً اضافيا ليحسم له الفوز.
لكن وبما ان هذا الامر لم يتمكن معوض ومن يدعمه من تحقيقه في الاشهر الماضية فإن التوجه الجدي للقوى السياسية الاساسية الداعمة لمعوض مثل “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، هو الذهاب الى ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون بشكل علني مستندين الى الدعم والغطاء الخارجي الذي يتبلور بسرعة.
لكن بري، وبحسب مصادر مطلعة لن يطلق مبادرة من دون ان يكون قد اعد ملفاته وحساباته بشكل جيد وحسم ايصال مرشحه الرئاسي، رئيس “تيار المردة”سليمان فرنجية، لذلك فإنه وقبل الاعلان الرسمي عن المبادرة، بدأ بري اتصالات واسعة مع القوى السياسية التي يمون عليها ومع النواب المستقلين الذين تربطهم به علاقة متينة من اجل تأمين اكثرية مريحة لفرنجية.
كل ذلك يتم بالتوازي مع تزايد الاهتمام الاقليمي والدولي تجاه لبنان، اذ بات هناك شبه اجماع على ضرورة انهاء الفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن لمنع حصول فراغات متنوعة في الادارة اللبنانية المالية والعسكرية، ما قد يؤدي بدوره الى تدهور دراماتيكي في لبنان..