كتبت هيام شحود في” الديار”: لا تزال القوى السياسية والحزبية على اختلاف اتجاهاتها من الاستحقاق الرئاسي، منشغلة بمتابعة التقارير الأولية عن اجتماع باريس الخماسي، الذي لم يصدر عنه أي بيانٍ رسمي أو توصيات، علماً أن أوراق العمل التي ناقشها المستشارون في الدول الخمس المشاركة، ووفق معلومات ديبلوماسية، ركّزت على نقطة محورية تنطلق من خطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأولى لإنقاذ لبنان، والتي أعلنها في مؤتمر خاص من بيروت، وذلك غداة زيارتين قام بهما بعد انفجار مرفأ بيروت.
وتتحدث المعلومات، عن دلالات على قدرٍ كبير من الأهمية، يأتي في مقدّمها القرار الحاسم بعدم الدخول في أية تفاصيل حول النقاش والمقرّرات والتي توصل إليها المجتمعون وبالإجماع إزاء المسألة اللبنانية، وتحديداً مسألة إعادة لبنان إلى سكة التعافي، وذلك انطلاقاً من التفاصيل السياسية المتعلقة بالإستحقاقات والمحطات الدستورية، التي تشكل معبراً إلزامياً إلى الإصلاح، الذي سيؤمن بدوره ترجمة وعود المجتمع الدولي والدول المانحة التي اجتمع ممثلوها في العاصمة الفرنسية.
وبرأي المعلومات الديبلوماسية، فإن الإجتماع هو تشاوري، ولن تكون له ارتدادات مباشرة على الواقع السياسي الداخلي، حيث أنه يُعتبر بمثابة مقدمة لاجتماع وزراء خارجية هذه الدول الخمس، وهي فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وقطر والسعودية ومصر، وبالتالي، فإن غياب ممثلٍ عن لبنان في الدرجة الأولى، هو كمؤشر على أن توصياته أو الرسائل التي نقلها، قد تتحوّل إلى “لزوم ما لا يلزم”، على الأقل في المرحلة الراهنة، إلاّ في حال كان الإجتماع الخماسي، مقدمة لمؤتمر حول لبنان في الخارج، مع العلم أنه من الصعب توقّع مثل هذا الطرح في لحظةٍ دولية وإقليمية بالغة الحساسية.
ومن هنا، فإن المعلومات الديبلوماسية المستقاة من مواكبين للتحرّكات التي سبقت هذا الاجتماع، لا تنكر ان ما خرج به المجتمعون، لم يصل إلى مستوى الحدّ الأدنى من التأثير على المشهد اللبناني، وعلى وجه الخصوص على صعيد الملف الأساسي، وهو الانتخابات الرئاسية. وبالتالي، فإن مداولات الإجتماع الباريسي التي دامت لعدة ساعات، خلصت إلى تحديد مسؤولية اللبنانيين في تنفيذ الإصلاحات الواجبة، حتى يتمكن لبنان من الحصول على الاهتمام الدولي المناسب له في المرحلة المقبلة. كذلك، فإن التوصيات أو الخلاصات التي سيرفعها المستشارون إلى حكوماتهم، ستكون أمام جولات مقبلة من البحث والنقاش والإتصالات الديبلوماسية، بمعنى أن الترجمة لن تكون مباشرة، باستثناء أن بيروت ستكون محطةً لزيارات لموفدين عن الدول الخمس في المرحلة المقبلة، على أن تظهر في ضوئها ملامح ووقائع الموقف الرسمي لهذه الدول من المشهد اللبناني بكل تفاصيله.
لكن الرسالة الأهمّ في الإحاطة التي برزت عبر مجموعة الدول المهتمة بالملف اللبناني، قد اختصرتها المعلومات الديبلوماسية نفسها، بالتأكيد على الإستقرار الأمني والحرص على عدم زعزعة معادلة السلم الأهلي، وبالتالي تكرار الموقف المعلن من قبل عواصم هذه الدول، بوجوب الحفاظ على الاستقرار الأمني وعدم وقوع لبنان في الفوضى.كتب ميشال نصر في” الديار” : بالنسبة الى اجتماع باريس الخماسي، الذي ضم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية وقطر ومصر، فقد وصفت مصادر ديبلوماسية من باريس أجواء اللقاء والنقاشات بانها كانت إيجابية، رغم التباينات الواضحة في وجهات النظر بين باريس من جهة، وواشنطن والرياض من جهة ثانية، حيث غلبت في النهاية وجهت النظر الثانية التي اصرت على ان الاهم هو الشروط الواجب توافرها في الرئيس، على ان يترك للقوى اللبنانية اختيار الاسم، فيما كانت فرنسا تفضل السير بالاسماء لان المسؤولين اللبنانيين غير قادرين على اتخاذ اي قرار في هذا المجال، ولان توازنات القوى لا تسمح بذلك، رغم اصرار الطرفين على ضرورة اجراء الانتخابات في غضون اسابيع قليلة.واشارت المصادر الى ان عدم صدور البيان كان مقصودا، ولا علاقة له باجواء المداولات، ذلك ان المجتمعين اتفقوا على قيام كل منهم بجولة استطلاعية، على ان يعودوا للقاء في غضون اسبوعين، سيصدر بعدهما بيان واضح يترافق مع مواقف من خارجيات الدول المعنية يدعم ما سيتم الاتفاق حوله.وختمت المصادر بان بيروت ستشهد حركة بعيدة عن الاعلام لموفدين لنقل اجواء اتفاق باريس، والذي يمكن تلخيصها بان على اللبنانيين الذهاب الى المجلس النيابي بمجموعة اصوات، تتفق مع برنامج باتت بنوده معروفة يتضمن تغييرات سياسية واقتصادية وبرنامجا اصلاحيا، كمقدمة للحصول على الدعم الدولي، والا فان لبنان سيترك لمصيره بعد آذار، ناصحة بان تحدي الارادة الدولية هذه المرة ستكون له نتائج كارثية، معتبرة انها الفرصة الاخيرة امام الاطراف السياسية اللبنانية، ضمن شروط واضحة تحفظ مصالح اللبنانيين.