كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”: يقول مصدر نيابي لبناني بأن ميزان القوى الحالي في البرلمان لا يتيح، ما لم يتبدل، لأي مرشح لرئاسة الجمهورية الحصول على 65 نائباً، أي نصف عدد النواب زائداً واحداً، علماً بأن القوى الداعمة له ما زالت حتى إشعار آخر عاجزة عن تأمين حضور أكثرية ثلثي النواب لانعقاد الجلسة، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس البرلمان نبيه بري يدرك جيداً استحالة دعوة النواب لجلسة جديدة في ظل انسداد الأفق أمام إحداث خرق لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة، وهذا ما يكمن وراء دعوته الكتل النيابية للحوار للوصول إلى مساحة مشتركة تؤدي إلى فك الحصار عن انتخابه.
ويلفت المصدر النيابي إلى أن بري وإن كان يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، فإنه بات على يقين بأن الحوار يسهم في تلاقي النواب في منتصف الطريق للتداول في المخرج الذي يضع حداً لاستمرار المراوحة.
ويسأل المصدر نفسه عن البديل من رفض الحوار؟ وهل يكون في تداعي مجموعة من النواب المنتمين إلى تكتل «قوى التغيير» للاعتصام في البرلمان الذي لم يعد له من جدوى، بعد أن أدركوا بأن اعتصامهم لم يلق التجاوب المطلوب حتى من أقرب المقربين إليهم الذين تداعوا للتضامن معهم لبعض الوقت؟
كما يسأل، هل أن المشكلة محصورة بعدم تحديد موعد لجلسة جديدة؟ أم أنها تتعلق بانشطار البرلمان إلى شطرين لا يلتقيان بغياب الحد الأدنى من التفاهم وهذا ما يبرر دعوة بري للحوار.
ويؤكد بأن هناك ضرورة لملاقاة النواب، اللقاء الخماسي، الذي عقد في باريس في منتصف الطريق، وإن كان المشاركون فيه تجنبوا الدخول في الأسماء، واكتفوا بحثّ النواب على انتخاب الرئيس في أسرع وقت على أن يكون مقبولاً دولياً وعربياً، ويلتزم بخريطة الطريق الدولية التي ترسم العناوين الإنقاذية لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة وتكون كفيلة بطي صفحة الانهيار التي ينزلق إليها بغياب الحلول الناجعة للانتقال به إلى مرحلة التعافي.
وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي إن هناك ضرورة أن تبحث الكتل النيابية جدياً في الانتقال بالملف الرئاسي إلى خطة – ب. ويرى لـ«الشرق الأوسط» بأن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط كان السباق في طرحه عينة من المرشحين تضم قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين، على أن تكون مفتوحة لضم مرشحين آخرين.
ويؤكد المصدر السياسي بأن جنبلاط يتوخى من طرحه هذه الأسماء فك الحصار السياسي الذي لا يزال يعوق انتخاب الرئيس، ويقول بأن التفاهم على المرشح التوافقي يأخذ بعين الاعتبار التنسيق مع المرشح ميشال معوض والقوى الداعمة له شرط أن يلقى التجاوب من المحور الآخر الداعم لزعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية وإن كان لم يعلن ترشحه رسمياً.
ويقول بأن جنبلاط يمارس الواقعية السياسية لاعتقاده بأن الانتقال تلقائياً إلى الخطة – ب وحده يخرج انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي يدور فيها، ويسأل عن موقف الثنائي الشيعي وتحديداً «حزب الله»، وما إذا كان على استعداد للبحث عن مرشح توافقي لا يشكل تحدياً لهذا الفريق أو ذاك؟
كما يسأل ما إذا كان «حزب الله» يتريث في تحديد موقفه على خلفية أنه في حاجة إلى كسب مزيد من الوقت لعله يتمكن من تأمين العدد النيابي المطلوب الذي يضاف إلى عدد النواب المنتمين إلى محور الممانعة، لأن من دون تأمينه لن يجازف فرنجية بالإعلان رسمياً عن ترشحه؟
فـ«حزب الله» بحسب المصدر السياسي يتحرك بعيداً عن الإعلام في أكثر من اتجاه ويوسع حالياً مروحة اتصالاته لعله يؤمن لفرنجية الحصول على تأييد 65 نائباً كونه حتى هذه اللحظة هو المرشح الوحيد الذي يرتاح له.
كما أن فرنجية يراهن على الدور الذي يمكن للرئيس بري القيام به حيال جنبلاط لإقناعه بتعديل موقفه لمصلحة وقوف نواب «اللقاء الديمقراطي» إلى جانبه، مع أن مصادره تؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأنه يتعاطى مع الملف الرئاسي تحت سقف المبادرة التي أطلقها رئيس «التقدمي»، فيما يتموضع النواب السنة من غير المنتمين إلى محور الممانعة في وسط الطريق بحثاً عن رئيس توافقي وهم على تواصل مع الكتل النيابية، برغم أن مصادر «المردة» تتحدث بارتياح عن علاقة فرنجية الوثيقة بهم، وتحديداً أولئك الذين تتشكل منهم كتلة «الاعتدال الوطني».
وبالنسبة إلى نواب السنة المنتمين إلى «قوى التغيير» فإن مصادرهم تلفت إلى أنهم يتشاورون مع زملائهم للاتفاق على اسم المرشح الرئاسي الذي يحظى بتأييدهم بغية تجاوزهم للخلاف القائم داخل التكتل بتأييدهم لأكثر من مرشح.
لذلك فإن الحراك الرئاسي لا يخلو من لجوء هذا الطرف أو ذاك إلى تبادل الحملات التي تفتقد إلى الدقة في احتساب النواب المؤيدين للمرشحين، وإن كانوا يفضلون التحرك بصمت ويتريثون في الإعلان عن ترشحهم بصورة رسمية خوفاً من لعبة حرق الأسماء وذهابهم ضحية الحروب النفسية التي يتطلع من يرعاها إلى تقديم مرشحه على أنه صاحب الحظ الأوفر للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، ويبقى أن تصدر النتيجة النهائية عن النواب في جلسة الانتخاب التي ستكون حاسمة.
ويبقى السؤال، كيف سيتصرف «حزب الله»؟ وهل بات على قناعة بأنه ضمن لفرنجية الحصول على 65 صوتاً وربما أكثر؟ بخلاف ما يقوله خصومه بأنه يعوزه التدقيق في أسماء مؤيديه من النواب.