الراعي يتجه للتشاور مع بري قبل دعوة النواب المسيحيين للاجتماع

10 فبراير 2023
الراعي يتجه للتشاور مع بري قبل دعوة النواب المسيحيين للاجتماع


يتحرك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي راهناً لدعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في مقر البطريركية المارونية في بكركي، وحثّهم على المبادرة معاً، ومع سائر اعضاء المجلس النيابي في أسرع وقت ممكن؛ لانتخاب رئيس للجمهورية .
وتقول مصادر مواكبة لحراك الراعي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يوجه أي دعوات رسمية للنواب قبل أن يتأكد من نتيجة وفاعلية أي حركة؛ لذلك يتجه ليبحث الموضوع أولاً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليدقق بما إذا سيكون مع حزب الله متجاوبين مع اتفاق مسيحي – مسيحي». علماً بأن «حزب الله» وجّه إشارات سلبية في هذا المجال على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي قال إن الحزب «يتحرك لانتخاب الرئيس وفق دستور الطائف، ويمارس حقَّه من خلال ممثلي الشعب، وأي قواعد أخرى لا ينص عليها الدستور ليست مُلزمة لأحد، ولا نلتزم بتفاسير على قياس من لا يُساعدهم الدستور على تحقيق خياراتهم».
وبحسب المعلومات، هناك عدة أسماء لمرشحين رئاسيين تم التداول بها في بكركي من دون أن يكون للأخيرة موقف منحاز لأي منها، فإلى جانب اسمي رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، يقترح عدد من الفرقاء السير بأحد الوزراء السابقين: جهاد أزعور، ناجي البستاني، زياد بارود، فارس بويز، صلاح حنين وغيرهم، وهي أسماء تلقى استحساناً لدى البطريركية.
وأكدت مصادر «القوات» أنهم ليسوا هم من اقترح جمع النواب المسيحيين الـ64 في بكركي، إنما رؤساء الطوائف المسيحية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نريد أن يتم انتخاب رئيس في مجلس النواب، وأن يتم احترام الآلية الانتخابية الدستورية – الديمقراطية، لذلك رفضنا منذ البداية استبدالها سواء بطاولة حوار وطنية أو مسيحية. لكن عندما فوتحنا بطلب رؤساء الطوائف المسيحية من الراعي دعوة النواب المسيحيين للقاء في مقر البطريركية، وأن هناك من يريد تحميل المسيحيين مسؤولية الفراغ، فقد عبرنا عن موقفنا الواضح بوجوب أن يقترن أي لقاء بآلية تضمن خروجه بنتيجة عملية، إما بالتوافق وإما بالانتخاب؛ كي لا يتحول اجتماعاً فولكلورياً».
 
من جهته، أكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام، أنهم يؤيدون أي دعوة للحوار، «فنحن من دعاة الحوار، خاصة إذا أتت الدعوة من البطريرك لحوار بين المسيحيين»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء أساسي وضروري بشكل خاص مع (القوات) و(الكتائب)؛ للوصول إلى قواسم مشتركة لإحداث خرق بالجدار… أما تفاصيل الحوار وطريقته فالأمر يعود للبطريرك الذي يحدد الآلية والبنود».
وأشار النائب عن حزب «الكتائب» إلياس حنكش إلى أن المطران بولس صياح قد تواصل معهم بخصوص حوار في بكركي، «ونحن لن نكون بصدد رفض أي دعوة للحوار، خاصة بغياب الحلول الأخرى؛ لأن البديل هو العنف والمزيد من التشنج»، مشدداً في الوقت نفسه على وجوب «تأمين شروط نجاح الحوار، ووضع جدول أعمال محدد، فلا يكون حواراً فولكلورياً، علماً بأنه ليس المطلوب تحميل بكركي أكثر مما تحتمل؛ لأن الاجتماع لانتخاب رئيس يجب أن يحصل في نهاية المطاف في مجلس النواب».
وأضاف حنكش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «على الأقل يجب أن يخرج أي اجتماع يعقد في بكركي بتعهد من النواب المسيحيين بألا يستمروا بتطيير النصاب لمنع انعقاد دورة ثانية لانتخاب رئيس».
 
 
يذكر ان البطريرك الماروني لم يتناول في عظته لمناسبة عيدالقديس مارون الشأن السياسي مباشرة وقال: “عيد مار مارون اليوم يدعونا للرجوع إلى هويتنا المارونية التي ترفض التقوقع والمصالح الضيّقة، هويتنا المارونية، هوية انفتاح وحضارة وإيمان. نحتفل بالعيد، وهو علامة فرح، ولكن لا يمكننا أن نتجاهل دموعنا والحزن العيق في قلوبنا ليس فقط على حالتنا المارونية التي نحن فيها، ولكن أيضاً على الكوارث والزلازل والهزّات التي أوقعت الرّعب في وطننا والويلات بخسارة الآلاف في تركيا وسوريا. نذكر اليوم بقدّاسنا كلّ الضحايا والجرحى والعائلات المنكوبة في هذا البرد والصقيع، نلتفت نحو أبانا السماوي ونقول: “أبانا الذي في السماوات، أب الجميع، أرسل قوتك لشعوبنا المنكوبة ورحمتك للقلوب المتألمة”. نعم أحبائي، إنّ الله يخاطبنا بكلّ الطرق وفي كلّ الظروف، خاطبنا بتجسده، بإنجيله، بكنيسته من خلال تعاليمها، وهو يخاطب اليوم ضميرنا، ضمير كل إنسان في أعماقه، ويدعونا إلى الخير ورفض كل أنواع الشر. بصوت الضمير الحي، تخاطب الجيوب أبناءنا الموارنة في كل أصقاع المعمورة ونتوجه إليهم بالمعايدة القلبية والروحية، مؤمنين ومؤمنات، متمنين للجميع بعيد مبارك غني بمواهب الروح القدس والفصائل والقيم المارونية العريقة والمقدسة. معكم نتوقف على هوية مار مارون التي يجب أن نعيشها، وهو مثالنا لأنه رجل صلاة، رجل تضحية، فجهله الله للجميع علامة السماء للأرض”.
 
أمّا راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر الذي ترأس القداس الاحتفالي في كنيسة مار مارون في الجميزة فقال: “نحن أبناء وبنات مارون نتمسّك بلبنان وطناً نهائيّاً تُحفظ فيه كرامة الإنسان على كافة أراضيه، ويعيش فيه المسيحيون والمسلمون معًا بحسب نظام يسمح لكلِّ مواطن، بمعزلٍ عن انتمائه الديني أو الحزبي أو المناطقي، أن يعيش حريَّته على الصعيدين الديني والمدني، وأنْ يُسهمَ بشكل فاعل في ازدهار الوطن والإنسان فيه. نحن أبناء وبنات مارون متعلِّقون بلبنان الذي ساهمنا في وجوده واستمراره، وطناً واحداً موَّحَداً يعيش فيه مواطنوه تحت سقف القانون، متساوون في الحقوق والواجبات. نحن نحترم تاريخ وتضحيات ودم شهداء كلِّ مكوِّن لبناني وننتظر من إخوتِنا وأخواتنا في الوطن أن يتخلَّوا عن منطق الغالب والمغلوب وأن يحترموا تاريخنا وتضحياتنا ودم شهدائنا. وندعو الجميع إلى تخطّي مآسي الماضي لنبلسم معًا جراح بعضنا البعض ونبدأ مرحلة جديدة في مسيرة بناء الوطن”.
  
وأضاف: “نحن نرفض كلّ محاولة استئثار بمقوّمات الدولة لأنّنا تعلَّمنا من الحرب الطويلة التي عشناها بويلاتها أنَّ الانعزال خطأ تاريخي وأن لا فريق يستطيع أن يحكم بمفرده وأنَّ الاتكال على الخارج والاستقواء به لا يؤدّي إلّا إلى التزلّم له وإلى نهاية الوطن. نحن نطالب بانتخاب رئيس للجمهوريَّة حتى لا تتغيَّر هوية لبنان وحتى تبقى الدولة اللبنانية ويُحفظَ دستورُها. ونطلب من ممثلي الشعب أن لا يتأخروا عن القيام بواجبهم وينتخبوا من يجمعُ في شخصه ما يكفي من الجرأة والنزاهة والصفات الإنسانيَّة والحنكة السياسيَّة وروحِ التعاون من دون تأخير ومن دون اعتبار لأي مصلحة غير مصلحة الوطن العليا”.
 
إلى ذلك، استقبل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر أمس في البلمند رئيس” التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل على رأس وفد من “التيار” . وأوضح باسيل :”أنّنا تطرّقنا لموضوع رئاسة الجمهوريّة كما نؤيّد دعوة البطاركة المسيحيّين الذين فوضوا البطريرك الرّاعي لنقوم بالاتّفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، بخاصّة أنّه استحقاق وطني وليس فقط مسيحيّاً أو مارونيّاً، ونحن ملزمون بالاتّفاق خصوصاً إذا  تمّ بحسب الدّستور والنصاب، ونحن نريد أن نصل إلى برنامج إنقاذي ورئيس ينفّذ هذا البرنامج أيضاً”.