دفعت الموجة الشعبية والدولية التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، باتجاه تبني لبنان الرسمي لقرار انشاء محكمة دولية، رغم معارضة حزب الله وفريقه لها. فشِل حزب الله ومن خلفه النظامين السوري والإيراني في احتواء الموجة أو ترهيبها رغم سلسلة الاغتيالات التي تلت، فانبرى بعدها لمهاجمة وتطويق عمل فريق التحقيق، وحاول عبر كتلته النيابية وقف تمويلها في العام 2010، ونجح في تعطيل تنفيذ حكمها عبر حماية المدانين.
النهج التعطيلي للعدالة اعتمده الحزب على مقياس أعلى في مواجهة التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، مستفيدًا من تراجع قوة المعارضة المحلية وغض البصر الدولي عن إطباقه على كل مفاصل الدولة في لبنان. قرأ حزب الله جيدًا في حينه، إرادة المجتمع الدولي الغائبة عن دعم ثورة 17 تشرين، وغير المهتمة بإظهار الحقيقة في قضية المرفأ، فبطش بالثورة ترهيبًا وتخوينًا، وعطّل عمل المحقق العدلي بسلاح دعاوى الرد، مهددًا من هم “أبناء بيئته” من بين أهالي الشهداء لسحب دعمهم لعمل القاضي طارق البيطار.
مضبطة اتهام إعلامية:
وثائقي “حزب الله والتحقيق الممنوع.. منظمة إجرامية بلا حدود” الذي بثّته قناة “فرانس “5 والذي أعدّه الصحافيان جيروم فريتيل وصوفيا عماره، ويتناول نشأة حزب الله ودوره في الأسلحة والمخدرات، أثار عاصفة من الردود في لبنان وصلت الى حد التهديد ب 7 أيار الجديد.
بالتزامن قدّمت قناة الغد “المصرية” وثائقيا بعنوان “النهاية” من إعداد الصحافي جورج بكاسيني، يسلّط الضوء في جزئه الأول على دور حزب الله التعطيلي في لبنان، ويرسم دوائر الاتهام حول الحزب في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وفي حين أشار الوثائقي الفرنسي إلى “التحقيقات المستقلة” التي تُظهر أن مخزون الأمونيوم يرتبط بجماعة “حزب الله”، حين كان الأخير يجمع الأسلحة لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، كشف وثائقي قناة الغد، وعلى لسان السفير جوني عبدو، عمَا قاله الرئيس رفيق الحريري لأمين عام حزب الله حسن نصرالله إن “اللي عمل القرار 1559 هو اللي بيغيره”. ويقول عبدو إن الحريري في هذه الرسالة “سجّل اغتياله بيده”.
نهاية فترة السماح:
مضبطة الإتهام الإعلامية هذه، تأتي ضمن سياق دولي يبدو وكأنه ينهي فترة التسامح ومحاولات التعايش مع النظام الإيراني وأذرعه في المنطقة. إذ تأتي بالتزامن مع زيارات بعثة التحقيق الأوروبي إلى لبنان، وما تلاها من عاصفة قضائية في قضية انفجار الرابع من آب. وتتزامن أيضًا مع فرض عقوبات أميركية على شخصيات تابعة للحزب، ومع قرار أوروبي بوضع “الحرس الثوري الإيراني” على لائحة الإرهاب والعقوبات الاوروبية.