الإذاعة في يومها العالمي.. على قيد حياة وتواصل مع المستمعين رغم الصعوبات

13 فبراير 2023آخر تحديث :
الإذاعة في يومها العالمي.. على قيد حياة وتواصل مع المستمعين رغم الصعوبات


عندما أعلنت إدارة راديو BBC بالعربي، توقف المحطة بعد 85 عاماً من البث المتواصل، غصت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الجمهور بكلمات عبرت عن استياء او فقدان كثير من “النوستالجيا”، مع غياب هذه المحطة التي كانت واحدة من الإذاعات التي فرضت أهمية كبيرة للراديو وسط الفوضى الإعلامية. ولليوم، لا يزال المذياع يحافظ على أهميته، فيحتفل العالم في الثالث عشر من شباط من كل عام باليوم العالمي للإذاعة، وللبنان حصته طبعا. 

Advertisement

 
 
في العام 2011، أعلنت الدول الأعضاء في “اليونسكو” عن يوم 13 شباط يومًا عالميًا للإذاعة (WRD)، واعتمدت ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012. وتحت شعار “الإذاعة والسلام” تأتي الاحتفالية هذا العام، وسط طفرة إعلامية ولا مسؤولية أخلاقية في بث المواد الإعلامية من خلال بعض الوسائل الإعلامية، لذا كان هذا الشعار الذي وضعته “اليونسكو” ايماناً منها بدور الإذاعة في تعزيز السلام الدائم.  
وتشير “اليونسكو” في إعلانها شعار احتفالية هذا العام الى انّ الإذاعة “تبقى وسيلة قوية للاحتفال بالإنسانية بكل تنوعها لكونها تشكل منصة للحوار الديمقراطي. وتظل الإذاعة الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارًا. وتعني قدرتها الفريدة الوصول إلى جمهور واسع وتشكيل تجربة المجتمع في التنوع، وخلق ساحة للجميع للتعبير عن آرائهم وإسماع صوتهم”.  
 
صراع البقاء  
 وفي لبنان تصارع الإذاعات للبقاء على قيد حياة وتواصل مع المستمعين، على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تعاني منها على الصعيد المالي والتقني واللوجستي من حيث استمرارية البث من جهة، وتحدي المواكبة للحاق بالتطور التقني والوصول الى الجمهور الاعم من جهة ثانية. وخلال السنوات الأخيرة، عمدت بعض الإذاعات الى تطوير اسلوبها الإعلامي من خلال استخدام تقنيات الصورة والبث المباشر المرئي من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مع الإبقاء على الرونق الأساس للراديو وهو الصوت. ولكن مؤخراً أصبحت المشاكل ترتبط ارتباطا مباشرا بالقدرة على تشغيل المحطات بسبب فقدان الكهرباء والمازوت، وغيرها من العوامل التي تجعل الراديو اليوم في دائرة الخطر.  
إذاعة لبنان  
ويُحسب لإذاعة لبنان الرسمية استمراريتها في العمل، على الرغم من توقف البث أحيانا بسب عدم القدرة على التشغيل والبث المباشر. تلك المحطة التي لا تزال تحتفظ بمكانة خاصة، كونها ذاكرة تاريخ لبنان، فمن لا يتذكر من الجيل القديم انها كانت الصلة الوحيدة للمواطنين مع العالم الخارجي خلال فترة الحرب الاهلية، ومن لا يعلم انّ أستوديوهات الإذاعة صنعت اهم الفنانين في لبنان، حيث كانت انطلاقتهم، وكذلك كانت منتجاً للمواد الإعلامية والترفيهية والتثقفية في فترة التطور الإعلامي. فأي صعوبات تعيشها الإذاعة اليوم، وهل ستستمر؟ 
 
ينطلق مدير الإذاعة اللبنانية السيد محمد الغريب بحديثه عن عنوان احتفالية هذا العام تحت شعار “الإذاعة والسلام”، ويقول في حديث لـ”لبنان 24” إنّ للإذاعة دورا كبيرا في توجيه الناس للخطوات الصحيحة والاهداف التي تخدم الوطن والمجتمع على المستويات كافة، “وتنبع أهمية الإذاعة أولا واخيراً من هذا الدور المنوط بها في التقريب والتوحيد بدلاً من اثارة النعرات والغرائز”. وبحسب غريب: “هذا على المستوى العام، امّا على المستوى الخاص فالمؤكد انّ الإذاعة الرسمية تؤدي هذا الدور بشكل فعال وأكبر وخصوصا انها لا تنتمي الى جهة حزبية بل انها جامعة لكل المواطنين. ومن هنا يتجلى دورها في صناعة السلام محليا، امّا بالنسبة الى السلام العالمي فيعنينا طبعا بعيدا عن السلام مع العدو الإسرائيلي”. 
ومن هذه المقاربة يؤكد غريب أهمية وجود الإذاعة اللبنانية، واستمراريتها على الرغم من كل الصعوبات، وخصوصا انّ بثها المباشر انقطع أكثر من مرة لساعات او اقل، وبحسب غريب: “طبعا هناك صعوبات في تأمين المحروقات للتشغيل، وفي أكثر من مرة قمنا بالاستعانة بتلفزيون لبنان على سبيل المثال لتأمين الكهرباء، لانّ المشكلة لم تكن في الوصول الى المناطق او الارسال بل كانت المشكلة بسبب انقطاع الكهرباء عن الإذاعة”. 
 
كهرباء وصيانة  
وأبعد من ذلك، ليست الكهرباء المشكلة الوحيدة التي تعاني منها الإذاعة، ولعل نموذج الإذاعة الرسمية يشبه الى حد كبير بقية الإذاعات، وبحسب غريب: “هناك صعوبات مالية، وصعوبات في شراء التقنيات، والصيانة وإنتاج البرامج، وهذه جميعها عوامل ضاغطة على العاملين في الإذاعة، الذين أكدوا حبهم وولائهم للإذاعة واستمرارهم في العمل على الرغم من الأحوال المالية الصعبة جدا”. 
فكيف تستمر الإذاعة بالبث والتواصل على الرغم من كل الصعوبات؟، يجيب غريب: “لليوم لا زلنا نحافظ على تقنياتنا القديمة، لذلك نسعى الى الاستمرار قدر المستطاع، ونقول انّ الإذاعة لن تتوقف مهما كان، الا إذا طرأ لا قدر الله حدث كبير منعنا من التشغيل، ولكن نؤكد انّ الإذاعة باقية”. 
 
وبذلك أصبح هم الإذاعة اليوم كما بقية الإذاعات هو الاستمرارية بدلاً من اللحاق بالتطور التقني، وخصوصاً في ظل هذه الأوضاع التي تحتم العمل تحت ظروف قاهرة، وبحسب غريب: “نحتاج الى ميزانية اعلى تضمن لنا الاستمرارية وأن تنظر الحكومات المتعاقبة لوضع الإذاعة اللبنانية، فلو توقفت الإذاعة لتوقف الصوت الجامع لكل لبنان”.  
 
وتبقى للإذاعة مكانتها مهما كثرت وسائل الاتصال، على الرغم من سيطرة الثورة الرقمية، وتبقى تحافظ على جمهورها الخاص وتحترم عقولهم.  

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.