زلزال سوريا وارتفاع الدولار في لبنان.. خبيرٌ يكشف العلاقة

14 فبراير 2023
زلزال سوريا وارتفاع الدولار في لبنان.. خبيرٌ يكشف العلاقة


للمرّة الأولى منذ بدء الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ تشرين الأول 2019، لامس الدولار عتبة الـ 70 ألف ليرة مع توقعات بارتفاعه أكثر في الأيام المُقبلة وذلك نتيجة التأزم السياسي والمصرفي والقضائي الذي يعيشه البلد من دون أن يلوح أي حل قريب في الأفق ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً. ووسط المشهدية الضاغطة، جاءت كارثة زلزال سوريا لتكشف أن الأزمة المالية والإقتصادية قد تشهدُ تفاقماً، وذلك رغم رفع العقوبات الجزئي عن سوريا لمدة لا تتجاوز الـ180 يوماً.
 
في الآونة الأخيرة وخلال الأسبوع الماضي، برزت أصواتٌ ربطت ارتفاع سعر الدولار خلال الأيام الـ3 الأخيرة بمشهدية الزلزال، وهو الأمر الذي يعتبره خبراء “غير واقعي” بدرجة كبيرة، إذ أنّ الزلزال حصل مؤخراً، فيما تقلبات سعر الدولار تجري منذ وقت طويل، ولم تكن تنتظر أزمة لكي تزداد وسط مضاربات ضاغطة.. والسؤال الأساس هنا هو على النحو التالي: هل حقاً سيؤثر الزلزال على سعر صرف الدولار في لبنان لاحقاً؟ ما هي العوامل التي أرستها تلك الكارثة الطبيعية إقتصادياً في لبنان؟ وهل رفع العقوبات سيساهم في “حلحلة” الوضع قليلاً؟
 
قبل الغوص بتفاصيل انعكاسات الزلزال على الوضع المالي في لبنان، ينبغي تسليط الضوء على الظروف الحقيقية لـ”تقلبات الدولار” في السوق اللبناني، لاسيما أن القفزات في السعر كانت كبيرة. فصباح أمس الإثنين، افتتح سعر صرف الدولار على تسعيرة 66 ألف ليرة ليُقفل مساء على تسعيرة لامست الـ 70 ألف ليرة، ما يعني ارتفاعاً بنحو 4 آلاف ليرة في يوم واحد. وحتماً، المشهدية هذه جاءت بعد تعديل سعر الصرف الرسمي من 1500 ليرة للدولار الواحد إلى 15 ألف ليرة في الأول من شباط الجاري إضافة إلى توقيف عدد من الصرافين غير الشرعيين والمُضاربين في السوق الموازية.
 
في هذا الإطار، يُشير الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور بلال علامة في حديث لـ “لبنان24” إلى أنه “منذ أيام تضع التطبيقات سعراً معينا للدولار، في حين أن الصرافين يقومون ببيعه بسعر أقل بحجة ان التطبيقات لم تعدل أسعارها وهذا الأمر كان لافتاً”.
 
ويتابع: “عندما يرتفع الدولار بمعدل 4 أو 5 آلاف ليرة في اليوم الواحد، فهذا يعني أن الأمور أصبحت خارج السيطرة وبالتالي استطاع المتحكمون بالسوق الموازية هزيمة الدولة وأخذ الأمور إلى حيث يشاؤون ومن الواضح ان مصرف لبنان لا يستطيع إيقاف هذا الأمر”.
 
وشدد علامة على أن “السيناريو التصاعدي للدولار لن يتوقف الا في حال اجتماع الحكومة وإصدار قرارات إصلاحية من خلال رزمة واحدة مهما كانت نتائجها من ترشيق او ترشيد القطاع العام وتخفيض النفقات الحكومية وإيقاف الرواتب الإضافية وإصدار هيكلية أجور جديدة مع تحصيل الغرامات والمتأخرات او من خلال انتظار تسوية شاملة لأن الجهات التي تضغط من خلال رفع الدولار يبدو انها تريد ثمناً في السياسة”، كما قال.
 
أين زلزال سوريا من مشهدية الدولار؟
 
وانتقالاً إلى كارثة الزلزال وتأثيرها على الدولار في لبنان، فإن هناك سلسلة من الأمور لا يجب فصلها عن بعضها البعض. وفعلياً، فإن لبنان بادر حالياً إلى فتح قنوات المساعدات لسوريا، وهذا الموقف إنسانيّ وموحّد ولا يمكن لأي أحدٍ أن ينكر فعاليته على الصعيد السياسي والاقتصادي. إلا أنه في المقابل، ما يظهر هو أن هناك تجاراً قد يبادرون إلى الإستفادة من تلك الأزمة الراهنة، وبالتالي ستكون هناك أوجهٌ جديدة من الإستغلال أقله على صعيد الدولار أو على صعيد عمليات التهريب.
 
بالنسبة لعلامة، فإنّه “لا يعتقد أن زلزال سوريا له تأثير على سعر الصرف في لبنان”، موضحاً أن “ما يمرّ من لبنان إلى سوريا هو مجرد مساعدات مقيدة بشروط وضعها المجتمع الدولي وتتم بإشرافه”، وأضاف: “لذلك، لا أعتقد أن هناك أي تأثير لزلزال سوريا المدمر والكارثي على ارتفاع سعر الدولار باستثناء قناة التبادل الحاصلة منذ زمن وهي التي تؤمن التهريب بين البلدين ويحدث من خلالها تبادل الأموال والعملة صعبة”.
 
يرى علامة أيضاً أنّ كارثة الزلزال ساهمت بجعل عمليات التهريب أكثر سلاسة وتجري عبر المعابر الشرعية، معتبراً أنّ الكثير من المهربين سيسعون حالياً وتحت حجة المساعدات إلى نقل ما يجب نقله إلى سوريا عبر معابر مفتوحة أمام قوافل كبيرة، وبالتالي سيكون هناك انكفاءٌ جزئي وكبير للعمل على المعابر غير الشرعية.
 
وسط ذلك، يعتبر علامة أن هناك منافع متقاطعة وسط كل ذلك، مشيراً إلى أن “التهريب الذي يُحكى عنه لا ينحصر بالدولار الذي لا يرتبط التهريب به حصراً باعتبار أنّ هناك بضائع أخرى تُهرّب مثل المحروقات”، وأضاف: “إذاً، الحديث عن تأثير الزلزال لا ينحصر فقط على الدولار بل على مختلف الأمور الأخرى. صحيحٌ أن التحويلات المالية إلى سوريا بعد رفع العقوبات قد تُساهم في انتعاشة هناك، إلا أنّ المنفعة المستمرة والدائمة بين التجار في لبنان وسوريا تقتضي استمرار عمليات التهريب سواء في الوقت الحالي أو في الأوقات الأخرى”.
 
وختم: “عندما يحكى عن سعر الدولار في لبنان، يجب ألا يتم الحديث فقط عن أوراق نقدية، بل عن بضائع مستوردة وغيرها، وبالتالي فإنّ هذه البضائع التي تنقل إلى سوريا عبر المهربين تساهم حُكماً في استنزاف العملة الصعبة، وبالتالي فإن الأزمة في لبنان ستزداد، وبالتالي ستكون هناك عوامل ضاغطة أكبر”.