لقاء باريس يطلق الصفارة والموعد قبل استحقاق المركزي؟

17 فبراير 2023
لقاء باريس يطلق الصفارة والموعد قبل استحقاق المركزي؟


كتبت كلير شكر في” نداء الوطن”:لا نقاش حول أهمية اللقاء الخماسي الذي عقد في العاصمة الفرنسية مطلع الشهر الحالي وتحديداً في السادس من شباط، كونه محطّة بارزة في مقاربة الدول المعنية بالملف اللبناني، للاستحقاق الرئاسي، في محاولة لدحض التكهنات حول لامبالاة هذه العواصم، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، ازاء الوضع اللبناني برمّته. ومع ذلك لم يثبت اللقاء أنّ ثمة إرادة دولية، وتحديداً أميركية، جدية في حسم نتائج الانتخابات الرئاسية على نحو قريب، خصوصاً وأنّ التفاهم الدولي ركن أساسيّ لا يقلّ أهمية عن ركن التفاهم الداخلي، في «سيبة» انتاج الرئيس الجديد لا يمكن تجاوزه مهما رفعت القوى اللبنانية من شأن «حرصها السياديّ». 

 ثمة جهات لبنانية تجزم بأنّ اللقاء الباريسي انتهى إلى «لا نتيجة» بسبب التباينات التي تحكّمت بمواقف المشاركين وعدم تمكّنهم من وضع خارطة طريق موحدة أو رؤية واحدة لكيفية التعامل مع الملف اللبناني. في المقابل يجزم مصدر متابع لجولة النقاشات، بأنّ نتائج الدفع الدولي باتجاه حسم الرئاسة اللبنانية، ستظهر خلال الأسابيع المقبلة، مؤكداً أنّ الانتخابات ستثمر عن رئيس جديد قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أي مطلع الصيف المقبل، لا سيما وأنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ ورقة رياض سلامة احترقت بالكامل، وانتقل البحث إلى هوية خلفه. فيما تفضّل الدول الغربية، وتحديداً واشنطن وباريس انجاز الرئاسة قبل بلوغ استحقاق الشغور في حاكمية المصرف المركزي.
وفي تفاصيل النقاشات التي شهدتها العاصمة الفرنسية بين كلّ من مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، ومساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي، والمستشار في الرئاسة الفرنسية للشرق الأوسط باتريك دوريل، ومديرة قسم الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية آن غيغن، وسفير مصر في باريس علاء يوسف، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:
– تبيّن أّنّ الموفدة الأميركية كانت الأكثر انصاتاً، ولم تعلّق إلّا في مسألتين بارزتين: أولاً، الاستمرار في سياسة فرض العقوبات على المعطلين سواء في ما خصّ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي أو في ما خصّ الرئاسة وذلك ردّاً على كلام الممثل القطري الذي طرح اشكالية العقوبات ومدى فعاليتها. وثانياً، الاستمرار في العمل على انهاء الاستحقاق الداهم.
– بدا الموقف السعودي حاسماً في رفض التعامل مع أي رئيس قريب من «حزب الله»، وذلك ردّاً على الطروحات التي تقدم بها ممثلا باريس والقاهرة، إلا أنّ بعض الدبلوماسيين في لبنان يقولون إن الموقف السعودي في اللقاء الباريسي لم يتجاوز إطار التحفّظ.
– كذلك، كان ردّ باريس والقاهرة حاسماً في فصل مسار الرئاسة الأولى عن مسار الرئاسة الثالثة، من باب العمل على إنهاء الأولى حصراً وتأجيل النقاش في الثانية، مع العلم أنّ الاتفاق – الرزمة هو مطلب سعودي بالدرجة الأولى.وكتب ابراهيم الامين في” الاخبار”:ما حصل فعلياً هو أن الموقف الخارجي من الأزمة الداخلية تقدم خطوة جديدة في الضغوط. وتبين أنه خلال لقاء باريس الخماسي، الاثنين قبل الماضي، أن الجانب الأميركي وافق الأطراف الحاضرة على ضرورة ممارسة مستوى جديد من الضغوط على القوى اللبنانية لانتخاب رئيس جديد. إلا أن الجانب السعودي شهر الفيتو ضد سليمان فرنجية معتبراً إياه مرشح حزب الله، بدعم من الدوحة التي ترى في فرنجية حليفاً للرئيس بشار الأسد، وهو ما جعل الجميع يعودون إلى خيار قائد الجيش. إلا أن الخلاف كان حول طريقة ممارسة الضغوط على لبنان. فالجانبان السعودي والقطري طالبا بأن يورد البيان الختامي إشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي سيفرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس الجديد، وهو ما رفضته فرنسا، وسكت عنه الأميركيون، قبل أن يتدخل الجانب المصري لتلطيف الأمر، من زاوية أن التهديد بالعقوبات قد يظهر بأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبنانيين، وسيستفزّ قوى رئيسية قادرة على تعطيل الانتخابات. واقترح المصريون استبدال كلمة «عقوبات» بكلمة «تبعات» التي كان يفترض أن ترد في البيان الذي لم يصدر. إلا أن الكلمة استُخدمت بوضوح في اللقاءات التي عقدها الممثلون الديبلوماسيون للدول الخمس مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وأرفقت برسائل فردية تولى نقلها أحد السفراء إلى الأصدقاء من سياسيين وشخصيات حول فحوى الوجهة.قبل اجتماع باريس، كانت واشنطن وباريس تعملان على توبيخ الجهات اللبنانية في المجالات غير السياسية. وفيما شدّد السعوديون على أنهم لن يصرفوا قرشاً واحداً إلا من خلال الصندوق المشترك مع الفرنسيين، أكّد الأميركيون والقطريون أن دعمهم سيقتصر على القوى الأمنية والعسكرية لضمان بقائها على جاهزيتها. وأوفدت فرنسا السفير بيار دوكان، بوصفه المسؤول عن برامج المساعدات الدولية للبنان إلى بيروت، وهو وبّخ في كل اجتماعاته المسؤولين اللبنانيين لعدم قيامهم بأي خطوة إصلاحية ونكثوا بكل الوعود التي قطعت منذ الزيارة الأولى للرئيس إيمانويل ماكرون للبنان غداة انفجار مرفأ بيروت. وإذا كان دوكان معروفاً بموقفه السلبي من إدارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للقطاع المصرفي، فإن إدارة صندوق النقد الدولي بادرت إلى إبلاغ الوفد النيابي الذي زار واشنطن أنها لا تجد أن لبنان يساعد في معالجة أزماته. وأبلغ مسؤولون في الصندوق معنيين في بيروت بأن كل القوانين المعروضة لا تلبّي طلبات أي جهة مانحة، سواء كانت دولة أو مؤسسة نقدية دولية أو مؤسسة تساعد الدول في حالات العوز. وكان التوافق بين صندوق النقد ودوكان على أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي يجب أن تتم وفق قواعد لا يضعها مصرف لبنان وجمعية المصارف وأنصارهما في المجلس النيابي أو الحكومة، لأن هذه التصورات تعفي المصارف من أي مسؤولية عن الانهيار المالي الحاصل.ووسط هذه المناخات التهويلية، سرّبت جهات أمنية معطيات حول احتمال تعرّض الحاكم لعقوبات على خلفية أنه يعمل مع مموّلين لحزب الله، متكئين على القرار السابق بفرض عقوبات على شركة الصيرفة التي يملكها الاقتصادي حسن مقلد، بعد اعتباره قريباً من سلامة ووسيطاً بينه وبين حزب الله، وعلى تنسيق مع مسؤولين ماليين في الحزب. وفي هذه الحالة، يكون واضحاً أن الجانب الأميركي يعلن أنه رفع الغطاء عن سلامة، وهذا ما تبلغه الأخير فعلاً قبل أن «يمنّ» على اللبنانيين برغبته في مغادرة منصبه بعد انتهاء ولايته. إلا أن الأميركيين لا يعملون بهذه الطريقة، ويفضلون أن يتولوا إعدامه بالطريقة المناسبة، وقد وجدوا أن اتهامه بالتعاون مع حزب الله يفيد أكثر خصوصاً إذا جرى التعميم على الرأي العام، بالتعاون مع جمعيات وقوى لبنانية ومؤسسات إعلامية بأن المشكلة التي تسبّبت بالأزمة في لبنان، هي في جانبها المالي من مسؤولية حزب الله الذي يأخذ دولاراته من مصرف لبنان. وفي بال الأميركيين أنه في مثل هذه الحالات، فإن الفوضى التي يمكن أن تحصل في لبنان من خلال أشكال جديدة من الاحتجاجات، ستوجه أصابع الاتهام إلى حزب الله.ولا يقف الأمر عند هذا الحد، خصوصاً أن جهاز أمن المقاومة جمع معطيات مقلقة حيال ما يطلبه العدو من عملاء تم تجنيدهم أخيراً في لبنان، بإعداد قنابل مولوتوف لإحراق مؤسسات عامة. وبعيداً عن سماجة الرافضين لفكرة تدخل السفارات في الاحتجاجات في لبنان، فإن استعادة اعترافات مجموعة من العملاء الذين أوقفتهم الأجهزة الأمنية في لبنان، تشير إلى أن ما طُلب منهم ليس فقط رصد أهداف أمنية للحزب، بل تضمّنت الطلبات كتابة مقالات ضد المقاومة، ونشر أخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحرض ضد حزب الله وصولاً إلى طلب مشغّل إسرائيلي من أحد العملاء طباعة كمية كبيرة من الكمامات الطبية طُبع عليها «كلن يعني كلن ونصرالله واحد منن».وإلى جانب المعطيات الخاصة، كشفت مداولات بعيدة عن الأضواء جرت في لبنان أخيراً أن أبرز القيادات في البلاد تستشعر مخاطر الانفجار الداخلي. سعد الحريري الذي تجاهل السياسة في مناقشاته الموسعة، أبدى تخوفه من انسداد الأفق في جلساته الضيقة. ووليد جنبلاط قال لمحازبيه إن المؤشرات تقود إلى مخاوف من انفجار وربيع أو صيف ساخنين في لبنان، داعياً أنصاره إلى الحذر والابتعاد عن الاحتكاك بالآخرين، وقال لهم: «سيكون لنا موقف، لكن لا نريد الاصطدام مع أحد». ونبيه بري فعل الأمر نفسه بتنبيه من حوله إلى أنه يجب الحذر من أفخاخ تنصب هنا وهناك، وحذرهم من أي تورط في إشكالات تجعل حركة أمل متورطة في إشكالات أهلية دموية. حتى سمير جعجع، قال لكوادر في القوات اللبنانية إن «المؤشرات تقود إلى احتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وربما يتطور الأمر أكثر، وعلينا التنبه إلى أننا لن نكون هذه المرة ضحايا من يريد تحميلنا المسؤولية عما يجري إلى جانب قوى السلطة». كما حذّر جعجع من مغبة التورط في أي إشكالات تهدف إلى جر القوات إلى مواجهات يكون الهدف منها ضربها أو حشرها.