وعبّر الضباط عن شعور مشترك بات يساور المزيد والمزيد من الإسرائيليين الذين يرون تشابهاً جوهرياً بين تحرك حكومة نتنياهو الحالية، مع ما حصل من حرب حينها قبل 50 عاماً، وأسمتها إسرائيل في حينه بأنها “حرب الوجود الفورية على الدولة، مع أنه لو نجحت القوات السورية في عبور الجولان إلى الجليل، لكانت نهاية إسرائيل فورية”.وفي مقاله، أضاف ميلار: “إذا مرّت التغييرات القانونية التي تروّج لها حكومة الائتلاف اليمينية الحالية، فسوف تستمر عملية تفكك الدولة والمجتمع الإسرائيلي لعدة سنوات قادمة، وإذا كان علينا المقارنة، فإنني أدرك تشابهًا بما يحصل اليوم من تطورات إسرائيلية داخلية مع حرب لبنان الأولى 1982، لأنه بعد انتخابات الكنيست قبلها بعام واحد في 1981، تم تعيين أريئيل شارون وزيرًا للحرب في حكومة بيغن الثانية، وكانت حكومة “يمينية كاملة بدون يسار”.وأكد أن “شارون في حينه، جنرال قوي لكنه سياسي عديم الخبرة، استغل ضعف رئيس الوزراء، وقرر تنفيذ رؤية سياسية-استراتيجية يمينية صاغها من مهمة تاريخية، والهدف: إحلال الهدوء الأمني في الشمال، وإلحاق الهزيمة بمنظمة التحرير في لبنان بالقوة، وتعزيز إقامة الدولة الفلسطينية في الأردن، وإحلال السلام مع بيروت، واثقاً من سلامة طريقه، وكالعادة مدعوماً بخطة عسكرية فاعلة، إيمانا بالجيش الإسرائيلي وقدراته، وبالفعل فقد شرع في عدوانه، زاعما أنها واحدة من أكثر الحروب المبررة في إسرائيل، رغم أنها لم يسبقها نقاشات معمقة”.وأشار إلى أن “حرب سلامة الجليل انطلقت بالاستفادة من ظروف الساعة، وهي محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في إنجلترا شلومو أرغوف، بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات الداخلية، والتهديدات”، وتابع: “إزالة تهديد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بعد الحرب بوقف نيران الكاتيوشا لم يمنع التشابك والانهيار الذي استمر سنوات عقب دخول حزب الله لملء الفراغ الناشئ، والنتيجة أن شارون طرد من وزارة الحرب، وفقد بيغن قبضته على عجلة القيادة، وقال: “لا يمكنني فعل ذلك بعد الآن”. ومنذ ذلك الحين ولسنوات عديدة، لم تكن هناك حكومة يمينية كاملة أخرى في إسرائيل، وبعد 20 عامًا من لبنان، تعلم شارون دروسًا بالفعل، وكرئيس للوزراء شرع في عملية “السور الواقي” عندما أشرك معه أحزاب اليسار في مطلب الحل العسكري، وبأغلبية مطلقة في الكنيست، وبالتنسيق مع الأميركيين، نفذ العملية، وبنفس الطريقة انسحب من غزة”.يمكن الاستنتاج من هذه المخاوف الإسرائيلية أن نتنياهو اليوم الذي يسمح لوزير القضاء ياريف ليفين بتغيير التشريعات القانونية، فإن أوجه الشبه واضحة بين 1982 و2023، لأن ليفين يتصرف من منطلق إيمانه الكامل بصواب طريقه، ووفقا لشهادة أعضاء الليكود، دون إجراء نقاشات عميقة، مما يعني أن هذه الإجراءات التشريعية قد تعرف طريقها إلى محور بيروت-دمشق، من خلال اندلاع حرب لبنان الثالثة.وكما أدرك شارون في حينه ملاءمة الظروف لتحقيق أهدافه الشخصية، فإن ليفين يدرك الفرصة التي نشأت مع تشكيل حكومة يمينية كاملة، وضعف رئيس الوزراء، ويعمل على الاستفادة منها، ولا يعلق أهمية على الإشارات والتحذيرات التي يعتبرها ضجيجا صادرا عن معارضيه السياسيين، بل يغلق نتنياهو ووزراؤه آذانهم على الاحتجاجات والمظاهرات، والتلميحات الغليظة للاقتصاديين والأمريكيين.الخلاصة أنه بينما استغرق شارون عشرين عامًا لتطبيق الدروس من الأخطاء التي ارتكبها في بداية حياته المهنية، فربما لن تتاح لنتنياهو فرصة للتعويض، لأنه قبل بضع سنوات كان حذرًا، أما اليوم فهو يسمح لوزرائه بإشعال البرميل، حتى لو تخلل ذلك إطلاق حرب جديدة، ولن يتم التوفيق بين التصدعات الإسرائيلية الداخلية، لسنوات طويلة قادمة، وربما مثل بيغن، سيتقاعد نتنياهو بسبب خسارة قدرته على التحكم في عجلة القيادة. (عربي21)