مجددا يحاول “تيار التعطيل” الاستثمار في الملفات المطروحة سعيا لتحقيق مكاسب سياسية ولو على حساب الانتطام العام في البلد أو “الاصلاح والتغيير” الذي ادّعى حمل لوائه لسنوات قبل أن يتبين أنه مجرد نفاق سياسي وتدجيل.
فمن قرأ بيان “التيار الوطنيّ الحرّ” بالامس بعد إجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، والذي اتهم فيه رئيس الحكومة “ضرب الجسم القضائي ضربة اضافية وقاضية”، اعتقد للوهلة الاولى أن “التيار” امضى كل السنوات الماضية في السلطة يعمم على كل الوطن مزايا الجمهورية الفاضلة وسلطة القانون، ولم يستخدم قط “الذراع القضائية العونية” للنيل من خصومه وفتح الملفات عشوائيا، والاساءة الى الكرامات وضرب المؤسسات الواحدة تلو الاخرى.
ولا يكتفي “تيار التعطيل” بكل ذلك بل عمل مجددا الى اثارة الغبار الاعلامي باتهام رئيس الحكومة بأنه خائف ممّا يمكن ان يطاله من هذه التحقيقات في المصارف واستقتاله بالقيام بأي شيء لوقفها، اضافةً لحماية شريكه حاكم مصرف لبنان”.
ولان الفجور العوني لا مثيل له، نحيل القراء مجددا الى محضر الجلسة الحكومية الشهيرة التي جرى فيها التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليعرفوا مَن كان شريك مَن في تلك المرحلة، ومَن مدد لسلامة وعاد اليوم لينقلب عليه.
في مطلق الاحوال بات ثابتا للجميع أن النقاش مع “العوني”، ما عدا قلة قليلة، تحترم الرأي الاخر وتناقش، عديم الفائدة لكونه مثالا للتحجر الفكري وتحوير الحقائق واختراع الاكاذيب مستلهما دروس المدرسة الباسيلية التي كان لها الفضل الاول في “نجاح” العهد الرئاسي العوني وما سبقه وتلاه.
في المقابل رفضت اوساط حكومية معنية التعليق على مضمون بيان “التيار” والمواقف العونية من كتاب رئيس الحكومة الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي. واكتفت بالقول ان مضمون الكتاب والبيان التوضيحي اللاحق للمكتب الاعلامي لرئيس الحكومة واضحان لمن يريد أن يفهم.
وكان مكتب الاعلام اصدر بيانا جاء فيه: “منعا لاي تأويل خاطئ للكتاب الموجّه من دولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى معالي وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، يهمنا التأكيد أن دولة الرئيس لم ولن يتدخل في عمل القضاء، بل انطلق في بيانه من كتب وردته وتتضمن عرضا مفصلا لمخالفات منسوبة لبعض القضاة. وقد نقل دولته بامانة قانونية مضمون تلك الكتب الواردة، وطلب، “انطلاقا من موقعه الدستوري وحرصه على تطبيق أحكام القانون والمحافظة على حسن سير العدالة، من وزير الداخلية إتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات تُجيزها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في سبيل تطبيق أحكام القانون والمنع من تجاوزه والمحافظة على حُسن سير العدالة”.
كما يؤكد دولة الرئيس مجدداً، وفقاً لما جاء في كتابه، بان القضاء المختص يبقى صاحب الصلاحية بممارسة مهامه كاملةً وباستقلالية مُطلقة دون أي تدخّل من قبل اي سلطة أو جهاز، إلا أن ذلك يبقى مشروطاً بأن تكون تلك الممارسة ضمن سقف القانون ولا تشكّل تعدياً صارخاً على القواعد القانونية، وان مسؤولية الجميع، كلّ من موقعه، هي المحافظة على القطاع المصرفي دون أن يعني ذلك قطعاً جعل أي مصرف بمنأى عن أي ملاحقة أو مساءلة أو عدم إخضاعه للتحقيق ومحاسبته حتماً في حال ثبوت ارتكابه لأي مخالفة أو تجاوزات قانونية، ولكن مع مراعاة أصول الملاحقة والمحاكمة التي هي بحمى الدستور والقانون”.
وكان اللافت ان موقف رئيس الحكومة لاقاه موقف مماثل لوزير العدل هنري الخوري، اكد فيه تمسكه بـ”استقلالية القضاء وبمبدأ فصل السلطات وبعدم التدخل في عمله”، كما واكد “حرصه المطلق على مكانة القضاء ومنعته وحقوق المتقاضين”.