آخر عروضات فرقة زجل التعطيل

1 مارس 2023
آخر عروضات فرقة زجل التعطيل


يكثر الحديث هذه الأيام عن المساعدة التي يمكن أن يقدّمها صندوق النقد الدولي للبنان. وآخر الكلام في هذا المجال لرئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل، الذي غمز من قناة المليارات الثلاثة، التي سيستفيد منها لبنان، مع ما في كلامه من استخفاف بهذه المساعدة، التي تقّل قيمتها كثيرًا عن الأموال المهرّبة إلى الخارج، أو تلك التي صرفها المصرف المركزي على سياسة الدعم، والتي تُقدّر بنحو عشرين مليار دولار خلال ثلاث سنوات، على حسب زعمه. 

Advertisement

وقد لا يكون في كلام باسيل جديدًا سوى تذكير من يريد أن ينسى بأنه لا يزال موجودًا على الساحة، أو بأنه “بطل” من أبطال “ماراتون” التعطيل، بما في هذا التعبير من شمولية. وهذا التعطيل لا حدود له، على ما يبدو. وقد يكون الآتي أكثر مأسوية مما سبق. فللرجل قدرة على استنباط الأفكار السلبية، التي تحاول تذكير اللبنانيين، إن هم تناسوا، بأنهم لا يزالون يعيشون في قعر “جهنم”. ومن بين هذه الأفكار، التي لا يزال يعتقد أن شعبويتها قادرة على “تعويمه” بعدما خسر معظم أوراقه الرئاسية في اللحظة الحاسمة، التي غادر فيها الرئيس السابق ميشال عون قصر بعبدا، ومنذ أن وجد نفسه وحيدًا بعدما تخّلى عنه معظم حلفاء الأمس، وآخرهم “حزب الله”، الذي وجد فيه حملًا ثقيلًا يمكن استبداله في معركته الرئاسية. 
وآخر فصل من فصول التعطيل انسحابه، ومعه بعض من نواب كتلته النيابية، من جلسة اللجان النيابية المشتركة، في محاولة منه للتصويب على جلسات الحكومة، والتي يصرّ على أن مراسيمها غير قانونية ما لم تحظَ بتوقيع جميع الوزراء، مع العلم أن ما يصدر عن الحكومة، التي وصفها باسيل بأنها “بتراء وعرجاء”، من قرارات ومراسيم، هي الوحيدة الباقية أملًا وحيدًا يلوح في أفق الأزمات المتراكمة والمكدّسة فوق بعضها البعض، وفي غياب أي إرادة داخلية لانتخاب رئيس جديد للبلاد. 
فلولا هذه الحكومة، التي يتزايد عدد الوزراء المقتنعين بأنها الوحيدة القادرة على ملء الفراغات من دون الحلول مكان أي سلطة أخرى، لكانت أمور الناس معلّقة على شماعة المزايدات السياسية، التي أصبحت أرخص من كيلو البصل، والتي باتت مكشوفة أمام الذين يعرفون أو الذين لا يعرفون ويكتفون بالقول “كف عدس”. 
فمنذ أن قررت الحكومة عقد جلسات لها لدرس ما هو ضروري وملح وعاجل، واتخاذ الخطوات المناسبة، مع العلم أن كل ما له علاقة بحياة الناس ويومياتهم هو ملحّ وضروري وعاجل في الأيام العادية فكم بالحري في مثل هذه الأيام، لم يكن من بين أهدافها سوى تسيير شؤون الناس بـ “التي هي أحسن”، على رغم الإمكانات المتواضعة، التي لا تزال متوافرة، والتي يمكن الإفادة منها قدر المستطاع على الأقّل لفرملة الاندفاعة المأسوية نحو المهاوي السحيقة.  
إلاّ أن هذا الأمر قد أزعج “فرقة زجل التعطيل”، التي لا تريد أن تعمل أو أن تقوم بعملها الأساسي، وهو الذهاب إلى ساحة النجمة وانتخاب رئيس للجمهورية، ولا تريد للآخرين أن يعملوا، وتسعى بكل ما تبقّى لديها من نفوذ في بعض مفاصل الدولة إلى تعطيل ما لم يُعطّل بعد، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، عرقلة الأمور الإدارية العادية العائدة لمؤسسة الجيش… وللبحث صلة في هذه النقطة بالذات.