التغييريون على اختلافاتهم.. هل حان موعد فضّ الاعتصام؟!

4 مارس 2023
التغييريون على اختلافاتهم.. هل حان موعد فضّ الاعتصام؟!


منذ نحو شهر ونصف الشهر، يعتصم في مجلس النواب النائبان نجاة عون صليبا وملحم خلف، مدعومَين “مبدئيًا” من كتلة نواب “التغيير”، أو ما تبقّى منها، في خطوة “رمزية” قيل إنّهما يسعيان من خلالها إلى “فرض” عقد جلسات مفتوحة ومتتالية للبرلمان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، تطبيقًا للدستور الذي ينصّ، كما يقولان، على تحوّل البرلمان إلى “هيئة ناخبة” لا “أولوية” لها قبل إنجاز انتخاب الرئيس.
 
لم يحقّق الاعتصام خلال أكثر من شهر أيًا من أهدافه، بل جاءت نتيجته “معاكسة”، مع إحجام رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ تاريخ الشروع فيه، عن الدعوة إلى أيّ جلسة انتخابية، ولو من باب “رفع العتب”، وتوقيفه بالتالي “مسرحية” جلسات الخميس التي كانت تلتئم بوتيرة أسبوعية، علمًا أنّ زواره ينقلون عنه نيّته عدم توجيه أيّ دعوة لجلسة انتخابية، ما لم “يضمن” مسبقًا، أن تفرز انتخاب رئيس للجمهورية، بالتوافق أو التنافس.
 
ومع أنّ خطوة النائبين صليبا وخلف حصلت في البداية على إجماع نواب “التغيير” الذين سارعوا إلى التضامن معهما، إلا أنّ تسريبات كثرت في الأيام الأخيرة عن “تململ” في صفوفهم، باعتبار أنّ الوقت قد حان لـ”فضّ” الاعتصام الذي لم يغنِ ولم يسمِن من جوع، ولا سيما بعدما أفرِغت الخطوة من مضمونها، علمًا أنّ هناك من يسأل عن “الخطوات اللاحقة”، والأهمّ عن المقاربات “العملية”، وهنا بيت القصيد.
 
لا نوايا لإنهاء الاعتصام
يؤكد المؤيدون لاعتصام النائبين خلف وصليبا، من المقرّبين منهما داخل الكتلة “التغييرية” وخارجها، أنّ الاعتصام مستمرّ “حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا”، ويجزمون بعدم وجود أيّ نوايا لـ”فضّه” في المدى المنظور، أو حتى البعيد، إذا ما طال أمد الفراغ الرئاسي، فهو لن ينتهي وفق هؤلاء إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، سواء نجح ضغطهم في “تسريع” هذه العملية، أو تأخّرت لأشهر، أو حتى لسنوات.
 
وفيما ينفي هؤلاء وجود أيّ خلافات “جوهرية” حول “فحوى” الاعتصام، بين نواب “التغيير”، يستغربون ما تسرّب في الأيام الأخيرة عن أجواء “انقسام وتنافر” بينهما، على خلفية الاعتصام، الذي قد يكون من الأمور “النادرة” التي حصدت “إجماع” البرلمانيين المحسوبين على المجتمع المدني منذ اليوم الأول، علمًا أنّ العديد من النواب “يواظبون” على الحضور إلى المجلس للتضامن مع النائبين “المعتصمَين”.
 
لكنّ المؤيدين للاعتصام لا ينكرون في الوقت نفسه، أنّ نتائج الاعتصام بعد شهر ونصف كانت “مخيّبة للآمال”، حيث إنّ النائبين خلف وصليبا كانا يتوقعان اتساع دائرة النواب المعتصمين في غضون أيام من إعلانهما خطوتهما، وهو ما لم يحصل، حتى إنّ “البروباغندا” التي أحاطت بالخطوة في أيامها الأولى، غُيّبت سريعًا عن دائرة الاهتمامات، حتى إن كثيرين نسوا أنّ هناك نوابًا معتصمين في قلب البرلمان.
 
ماذا بعد؟
لكن، أبعد من الشكل “الجامع”، يرى العارفون أنّ “الخلاف واقع” بين نواب “التغيير” في المقاربة، فالاعتصام بوصفه خطوة رمزيّة ومعبّرة أدّى قسطه للعلا وفق الكثيرين منهم، بل إنّه تحوّل بعد شهر ونصف من خطوة خلاقة ومبدعة، إلى مجرّد تحرك للقول “نحن هنا”، وهو ما لا يعبّر عن جو حراك “17 تشرين” الذي يقول هؤلاء النواب إنّهم ينتمون إليه، مع ما ينطوي عليه من “تمرّد” في وجه الطبقة السياسية المهيمنة على المشهد.
 
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ توقيف الاعتصام سيكون “محرجًا” للنائبين المعنيَّين، فإنّ بين نواب “التغيير” من يسأل: “ماذا بعد”، بل يذهب أبعد من ذلك ليطرح السؤال الأكبر، “ماذا لو تجاوب رئيس مجلس النواب مثلاً مع طلب المعتصمين، فدعا إلى جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس”، ليلفت إلى أنّ “لا خطة” أصلاً لدى النواب “التغييريين” لكيفية التعامل مع مثل هذا الموقف، في ظلّ التباين الذي تجلى في الجلسات الأخيرة، حيث بات كل منهم يغني على ليلاه.
 
ولعلّ هنا الخلاف الأكبر بين “التغييريين”، ولا سيما أنّ بينهم من “يميل” لموقف أحزاب المعارضة التي ترفع لواء “المقاطعة والتعطيل” في حال نجح “حزب الله” بتأمين 65 صوتًا لمرشحه، في حين أنّ التزام “التغييريين” بمثل هذا الموقف المقاطِع، بعد الاعتصام، سيشكّل نقطة سلبيّة، فكيف يمكن لمن يعتصم في المجلس لأسابيع طويلة من أجل انتخاب رئيس، أن يقاطع ويعطّل الجلسة متى توافرت الظروف المناسبة لها؟!
 
تتفاوت الآراء في اعتصام نواب “التغيير”، داخل صفوفهم وخارجها. ربما أيّده الجميع في البدء، إما لاقتناعه بفكرته، ولكونه “خارج الصندوق”، وإما من باب “الوقوف مع السائد”. لكنّ “التململ” بدأ يظهر، ليتحوّل الاعتصام بحدّ ذاته إلى “نقطة خلافية” أخرى فيما بينهم، ولو لم يعلنوا ذلك جهارًا، “نقطة خلافية” تنطلق من مقاربة الاعتصام، إلى ما بعده، وما بعد بعده، على خط الاستحقاق الرئاسي وسيناريوهاته المحتملة!