هل فعلاً الموارنة هم من يُعطّلون الإنتخابات؟

6 مارس 2023
هل فعلاً الموارنة هم من يُعطّلون الإنتخابات؟


يبدو أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” مستمرّ في محاولة تصوير أنّ الأزمة السياسيّة في البلاد سببها النواب الموارنة الممثلون في كتلتيّ “القوّات اللبنانيّة” و”التيّار الوطنيّ الحرّ”، فأتى كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي الأخير ليُؤكّد هذا الأمر، نظراً لأنّ سمير جعجع والنائب جبران باسيل يُعارضان الدعوة للحوار، إضافة إلى رفضهما الإقتراع لرئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، كذلك، عبر عدم حضور نواب كتلتيهما أيّ جلسة تشريعيّة قبل انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة.

غير أنّ مراقبين يوضحون أنّ الإختلاف المارونيّ حول هويّة رئيس الجمهوريّة شيء، وتعطيل الإنتخابات أمرٌ آخر، إذ أنّ التباين بين جعجع وباسيل وفرنجيّة ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميّل جوهره صفات الرئيس، فمعراب والصيفي تُصرّان أنّ يكون “ٍسياديّاً”، أمّا بالنسبة لـ”الوطنيّ الحرّ” فلم يستسلم بعد، وهو مستمرّ بمحاولاته لإيصال رئيسه إلى سدّة بعبدا، أو إحدى الشخصيّات المقرّبة منه، لتحسين تموضعه السياسيّ في العهد المقبل، فيما رئيس “المردة” يتسلّح بالدعم القويّ الذي يُقدّمه له “حزب الله” وبرّي، ومشروعه لا يختلف عنهما.وفي هذا السيّاق، تقول أوساط نيابيّة مسيحيّة معارضة إنّ “المعرقلين في البلاد معروفون، وهم من يُحاولون فرض مرشّحهم والتفاوض حول إسمه من خلال طاولة الحوار كما التسويق له في الخارج على أنّه الحلّ الرئاسيّ الأوحد أو الفوضى”. وتُضيف الأوساط أنّ “نواب “حزب الله” و”حركة أمل” هم من عملوا على تطيير نصاب جلسات الإنتخاب في وقتٍ لم يُعلنوا فيه رسميّاً بعد عن تبنّيهم لفرنجيّة”. وتُتابع الأوساط أنّ “نواب “المعارضة” لم يتوقفوا يوماً عن المناداة بإجراء جلسات إنتخاب ديمقراطيّة مفتوحة، وليفز من يفز، إلّا أنّ الرئيس برّي هو الذي يُصرّ على عدم إستئناف جلسات الإنتخاب، ريثما يتمّ تأمين 65 صوتاً لمرشّحه”.وتُشير الأوساط إلى أنّ “كتلتيّ “الوفاء للمقاومة” و”التنميّة والتحرير” تدعوان للحوار للتوافق حول رئيسٍ جامعٍ، بينما تتمسّكان بفرنجيّة، على الرغم من أنّ نواباً من “المعارضة”، ليس فقط من المسيحيين وإنّما من الطائفة الدرزيّة أبدوا إستعدادهم لانتخاب قائد الجيش لإنهاء الشغور الرئاسيّ، كونه إسما وسطيّا بامتياز. أمّا التعطيل، فهو يتمثّل برفض كافة الطرق الديمقراطيّة والمرشّحين الذين لا يتشاطرون الرؤية السياسيّة عينها مع “الثنائيّ الشيعيّ”، وخير دليل على ذلك الإعتراض على وصول أيّ مرشّحٍ غير فرنجيّة، وفي الوقت عينه يعمل فريق الثامن من آذار على طرح مرشّح يُعتبر “إستفزازيّاً” من قبل الكثيرين”.وبالنسبة للخلاف بين “الوطنيّ الحرّ” و”حزب الله” حول فرنجيّة، يلفت مراقبون إلى أنّ باسيل يُحاول الإجتماع مع السيّد حسن نصرالله لطرح أسماء جديدة عليه، إلّا أنّ الأخير لا يزال يرفض اللقاء به لأسبابٍ سياسيّة لها علاقة بالتوتّر بينهما نتيجة المشاركة في حكومة تصريف الأعمال وتطيير فرصة التجديد للواء عباس ابراهيم مع مقاطعة نواب تكتّل “لبنان القويّ” للجلسة التشريعيّة، والأهمّ حرص الضاحيّة الجنوبيّة على وصول فرنجيّة ولا أحد سواه إلى رئاسة الجمهوريّة.ويُضيف المراقبون أنّ هذا الخلاف مسيحيّ – شيعيّ ضمن الفريق الواحد، ولا علاقة له بتعطيل الموارنة للانتخابات الرئاسيّة، كما أنّ باسيل يُحاول جرّ جعجع وفرنجيّة والجميّل إلى حوار بكركي لتوجيه رسائل سياسيّة إلى “حزب الله” وفرض مرشّحٍ بالقوّة على “الثنائيّ الشيعيّ”، فإذا تأمّن الغطاء النيابيّ المسيحيّ لأيّ شخصيّة مارونيّة، عندها، يكون نواب “الحزب” و”أمل” ملزمين بالسير به.أمّا في ما يخصّ خطوة تلويح النواب المسيحيين بتطيير النصاب لقطع الطريق أمام وصول فرنجيّة، فيرى فيها مراقبون أنّها دعوة لـ”الثنائيّ الشيعيّ” للتوافق على إسمٍ وسطيٍّ، والخروج عن منطق التحديّ الذي يُعطّل الحياة الدستوريّة. ويُتابع المراقبون أنّ هناك إنفتاحاً لدى معراب لمناقشة أسماء أخرى، وهي ليست متمسّكة بميشال معوّض إنّ وُجد مرشّح جامعٌ قد يُنهي الفراغ، لكن المشكلة هي عبر عدم تجاوب برّي و”حزب الله” مع الورقة التي طرحها رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط، علماً أنّه أعلن لهما أنّه مستعدٌّ لجوجلة أسماء أخرى معهما.ويُشدّد المراقبون على أنّ لا شيء يعلو على إنتخاب رئيسٍ للجمهوريّة كيّ ينتظم العمل التشريعيّ والحكوميّ من جديد، ويلفتون إلى أنّ الخلاف المسيحيّ أو المارونيّ في البلاد هو على هويّة لبنان، فكما أنّ “حزب الله” يُريد رئيساً “لا يطعن المقاومة في الظهر” ولا يخرج عن خطّها في المنطقة، فإنّ هناك أطرافاً مسيحيّة هدفها المحافظة على الحياد والسيادة وتلافي الدخول في محاور لا علاقة للبنان بها.