أضحى إعلان “الثنائي الشيعي” حزب الله وحركة أمل تبنّي ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية محور أخذ وردّ في الأوساط السياسية، خصوصًا أنّ الخطوة ولو عُدّت بديهيّة وطبيعيّة، فاجأت الكثيرين ممّن كانوا يعتقدون أنّ “بيك زغرتا” لا يحبّذ مثل هذا الإعلان حالياً قبل نضوج الظروف التي تضمن له الفوز، بوصفه “مرشحًا توافقيًا وتوفيقيًا” بالدرجة الأولى.
كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله جازماً بدعم حزبه لفرنجية، وقبل ذلك سبق رئيس مجلس النواب نبيه بري في الإتجاه نفسه. وفي هذا السياق، طرحت العديد من علامات الاستفهام حول “خفايا” هذا الإعلان وعن “سرّ” التوقيت الذي اختاره “الثنائي” لكسر الجمود وإعلان تبنّي ترشيح فرنجية. أما الأهم فهو مسار “التداعيات” التي سيتركها التبني العلني على مستوى الاستحقاق ككلّ، وأيضاً على “حظوظ” فرنجية الرئاسيّة. وهنا، يُطرح السؤال الأساس: هل “يخدم” الثنائي الشيعي رئيس تيار “المردة” ويرفع من فرص نجاحه، أم على العكس من ذلك، “يقلّصها” مع تحوّله إلى “مرشح فريق”، خلافًا لرغبته؟! من دون أدنى شك، كان إعلان بري بشأن فرنجية “مُباغتاً ومفاجئاً” لمعظم الأفرقاء، باعتبار أنّ الاعتقاد السائد هو أنّ هذا الدعم سيبقى “خلف السطور”، ولن يصبح علنيًا، ما لم يحصل فرنجية على “الضمانات” التي يبحث عنها، داخليًا وخارجيًا. إلا أن كلام نصرالله بالأمس جاء ليدعم مسار برّي، وما ظهر في كلام أمين عام الحزب أنّ خطوة إعلان بري دعم فرنجية لم تكُن منسّقة بشكل كامل، إلا أن “حزب الله” استدركها لأن الأصل هو الإسم، وبالتالي “لم يكسر أي طرف الآخر”. ما يمكن قوله وتثبيته أمام كل ذلك هو أنّ خطوة “الثنائي الشيعي” جاءت لوضع النقاط على الحروف، ودحض الاتهامات التي توجَّه إليه بالدرجة الأولى بتعطيل الاستحقاق الرئاسي، في حين أنّ لدى هذا الفريق مرشحًا جدّيًا يسعى بكلّ ما أوتي من سبل لإيصاله إلى بعبدا، وهو يبذل كلّ الجهود الممكنة في سبيل تحقيق هذا الهدف، من خلال “تسوية” تتيح انتخابه رئيسًا للجمهورية.. حتماً، هذا الأمرُ شدّد عليه بري قبل أيام وأكده نصرالله بالأمس، وبالتالي سعى “الثنائي” إلى نزع مختلف الإتهامات التي تُساق ضدّه. وقبل إعلان نصرالله يوم أمس دعم فرنجية، فإنّ بري أراد قبل أيام، كما يقول المطّلعون، إجراء “مقارنة عملية” بين خيارات الفريقين المعنيَّين الأساسية. ففي مقابل فرنجية، المرشح “الذي كان مُستتراً” والذي يتمسّك به “الثنائي” حتى النهاية بلا تردّد، يبرزُ مرشح الفريق الآخر، أي النائب ميشال معوض والذي لا يحظى بالقدر نفسه من الدعم، بل إنّه لا يُعتبَر مرشحًا “جدّيًا” حتى بالنسبة لداعميه المفترضين، الذين يقرّون بأنّه مرشح “الوقت الضائع”، ليس إلا. ماذا عن حظوظ فرنجية؟ لكن، بعيدًا عن خلفيّات التوقيت السياسي لإعلان “الثنائي الشيعي” دعم فرنجية، وما إذا كان مرتبطًا بمعطيات لا يبدو أنّها نضجت بعد، وبعيدًا عمّا أراد قوله من خلال هذا الإعلان، ثمّة أسئلة طرحت عن “تبعات” الإعلان على حظوظ فرنجية، حيث رأى كثيرون أنّ الخطوة لا تخدم رئيس تيار “المردة”، بل تنزع عنه عمليًا صفة “المرشح التوافقي”، بوصفه أصبح بموجب هذا الإعلان، مرشح “فريق” دون آخر، وفق أصحاب هذا الرأي. إلا أنّ هذا الرأي يصطدم في المقابل برأي آخر يقوم على أنّ الأمور لا تُقاس بهذه الطريقة، إذ إنّ الجميع بات مدركًا منذ اللحظة الأولى أنّ فرنجية يحظى بدعم “الثنائي”، ولو أنّه يطمح لتوسيع رقعة هذا الدعم، علمًا أنّ إعلان تبنّي الترشيح قد يشكّل “حافزًا” لذلك، فضلاً عن كونه يشكّل “رسالة” في غاية الأهمية لجهة التأكيد على وجوب القفز إلى الأمام، وتسريع وتيرة العمل، بعيدًا عن “المماطلة” التي ما عادت تفيد. ويستغرب أصحاب هذا الرأي الفرضية القائلة بأنّ إعلان دعم ترشيح فرنجية يمهّد لـ”حرق اسمه” مثلاً، أو حتى يقلّص من حظوظه، مذكّرين بـ”سيناريو” 2014، حين لم يتأخّر “حزب الله” في إعلان دعمه للرئيس السابق ميشال عون، ليُنتخب الأخير في نهاية المطاف رئيسًا للجمهورية، بتسوية أسّس لها الحزب قبل كلّ شيء، وإن شملت خصومه قبل حلفائه في نهاية المطاف، من تيار “المستقبل” إلى “القوات اللبنانية”. ثمّة من يرى في إعلان بري ونصرالله دعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية رميًا للكرة في ملعب الفريق الآخر، وبالتالي تقاذفًا لكرة “التعطيل”، خصوصًا في ظلّ تلويح هذا الفريق بتعطيل أيّ جلسة انتخابية إذا ما كانت ستفضي لفوز فرنجية. لكن، في كلّ الأحوال، فإنّ الثابت أنّ الحكم على حظوظ رئيس تيار “المردة” يبقى سابقًا لأوانه، ولا سيما أنّه لا يزال حتى اليوم متصدّرًا لائحة “المرشحين الأوفر حظًا”، بشهادة الجميع!