أمورٌ لم يعلنها نصرالله.. هل أُسقطت ورقة قائد الجيش؟

7 مارس 2023
أمورٌ لم يعلنها نصرالله.. هل أُسقطت ورقة قائد الجيش؟

صحيحٌ أنَّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله حسَمَ في خطاب له، أمس الإثنين، “دعم” الحزب لرئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية في معركة رئاسة الجمهوريّة، إلا أنّهُ في الوقتِ نفسه لم يُعطِ أي دلالة حول أفق هذا الدعم وعمّا إذا كان سيستمر طويلاً. وفي الواقع، فإنّ الموقف الذي أعلنه نصرالله كان من المُفترض أن يكون مُؤجّلاً في الوقت الراهن، لكنّ التوقيت والظروف حالت دون ذلك، والسبب هو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أطلق الموقف المؤيد لترشيح فرنجية قبل أيام قليلة، وبالتالي فإن نصرالله بات مُلزماً لملاقاةِ برّي عند الأمر ذاته وإلا فإنّ علامات استفهامٍ كثيرة كادت ستُطرح .

 
في الوقت الراهن، فإنّ “الثنائي الشيعي” انتقلَ حالياً إلى مرحلة جديدة للعب عـ”المكشوف” في معركة الرئاسة، وبإعلان دعم فرنجية، انتفَى الكلام عن أنّ “الثنائي” يتستّر على مرشّحه أو ليس لديه أي إسمٍ لطرحه رئاسياً. ولكن مع الطرح العلني الذي حصل، فإنّ نصرالله لم يكشِف في سياق خطابه عن أمورٍ رئاسية عديدة وأساسية، وبالتالي فإنّ الضبابية بشأنها ستبقى قائمة حتى تتبلور المعطيات مع الأيّام. وفي إطار التدقيق بخطاب الأمين العام لـ”حزب الله”، فإنّ أول أمرٍ لم يتطرّق إليه هو عدم الغوص في تفاصيل “سلّة الأسماء” التي من الممكن أن يبحث بها الحزب بشأن الرئاسة. كذلك، فإنّ أمين عام “الحزب” لم يتحدّث أبداً عما إذا كان دعم فرنجية سيبقى ثابتاً حتى النهاية أم أنه سيتبدّل بحسب المعطيات المتغيّرة. وما لا يمكن نسيانه أيضاً هو أنّ نصرالله لم يغصْ في تفاصيل الحوار الذي يُجريه الحزب في الوقت الراهن مع مختلف الأطراف، بينما لم يعطِ أي إشاراتٍ باتجاه شخصيات أخرى مطروحة لرئاسة الجمهورية مثل قائد الجيش العماد جوزاف عون. أما الأمر الأهم والأهم هو أنّ نصرالله لم يُعلن “نهاية التفاهم” مع “التيار الوطني الحر”، والدليل على ذلك الحديث عن “حرصٍ كبير” عليه. 
 
حالياً، فإنّ ما يتّضح من موقف “حزب الله” هو أنّ الأخير يعملُ وفقَ مسارين: الأوّل وهو الإنتقال إلى الدّعم العلني لفرنجية وتكريس الحوار حول هذا الدعم بشكل مباشر مع الآخرين. أما المسار الثاني فقد يقود “حزب الله” إلى إمكانية البحث بطروحاتٍ أخرى على خطّ الرئاسة في حال وجَد أنّ الأبواب مُوصدة بوجه فرنجية خلال مسارات الحوار، أو في حال قرّر الأخير الإبتعاد تماماً عن المعركة القائمة من خلال القول إنه “ليس مرشحاً”. ومن دون أدنى شك، فإنّ فرنجية هو المرشح الضمني لـ”حزب الله”، لكن حارة حريك شاءت حالياً عدم إبراز هذا التمسّك والدليل على ذلك هو أنّ نصرالله في خطاب الأمس أظهر هذا الأمر بشكل غير مباشر. كذلك، فإنّ الحزب قرر عدم المضي في “مرشّح تحدٍّ” مثلما حصل مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. 
 
وفي الواقع، فإنّ الكلام عن المسار الثاني تدعمه معلوماتٌ تتعلق بمبادرات قام بها “حزب الله”، ليس لإقناع الآخرين بفرنجية فحسب، بل أيضاً لتحضير الخطّة “ب” في حال حصول أي طارئ. وهنا، فإنّ هذه الخطة التي لم تتبلورْ بعد، ترتبط بأسماء مطروحة فعلياً من بينها قائد الجيش جوزاف عون، إذ أنّ “حزب الله” يسعى باستمرار للإقتراب من الأخير واستمزاج توجهاته الرئاسية، لكن الجدوى في هذا الأمر مفقودة. وراهناً، فإن الدليل على التقارب المشار إليه هو أنّ رئيس وحدة التنسيق والإرتباط في “حزب الله” وفيق صفا لم يقطع تواصله مع قائد الجيش، وتقول مصادر مقرّبة من “حزب الله” لـ”لبنان24″ إنّ “هناك زيارات مستمرّة ودائمة”، وبالتالي فإنّ العلاقة قائمة. إلا أنه في المقابل، فقد حاولت بعض الجهات القول بأن الحزب حاول مفاتحة عون بملف الإستراتيجية الدفاعية وسلاح “حزب الله”، لكن ما تبين هو أن هذا الأمر غير دقيق، بحسب مصادر الحزب التي تقول: “إنّ ملف الإستراتيجية الدفاعية يُطرح ضمن الحوار ويحتاج إلى توافق سياسي حوله، ويحصل ضمن السلطة التنفيذية وليس مع أشخاص”.  
 
وأمام المشهد القائم، فإنّ الحزب لا يتعاطى حالياً مع عون على قاعدة أنه مرشحٌ مُحتمل، وبالتالي فإنّ العلاقة طبيعية لكن لا شيء يمنع من تطورها لتصبح مرتبطة بالإستحقاق الرئاسي، وطبعاً في حال أصبح فرنجية بعيداً عن الساحة. وفي الوقت الراهن، قد يكون التقارب “الطبيعي” بين الحزب وعون مقدّمة لمرحلة جديدة لا ينوي الحزبُ كسرها ولا التسليم لها بشكل كامل. 
 
في خلاصة القول، فإن ما يبدو هو أنّ المعركة الرئاسية باتت تتخذ طابعاً جديداً، لكنّ ما يمكن استشرافه هو أنّ ترشيح فرنجية العلني لا يعني بتاتاً الوصول إلى حلول رئاسية، وما يبدو هو أنّ الخيارات ستضيق أكثر في حال لم يجرِ حوار واضح بين مختلف الأطراف السياسية لحسم الملف.