كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: أكّدت حادثة خرق العدو الإسرائيلي للسيادة اللبنانية في عيتا الشعب يوم الأحد، وتصدّي الجيش اللبناني لها، من خلال إقدام ضابط في الجيش على دفع ضابط “إسرائيلي” الى الوراء، واقتلاع وتد حديدي كان يزرعه خارج الخطّ الازرق، ومن ثمّ إعلانه عبر “إنستغرام”: “حدودنا أمانتنا ممنوع الخرق”، أن لا خشية على حدودنا مع جهوزية الجيش، رغم محاولات العدو القيام باعتداءات بريّة مستمرّة على السيادة اللبنانية.
Advertisement
عبارة “لورا” (أي الى الوراء)، من قبل ضابط في الجيش اللبناني كانت كفيلة بإجبار ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي على التراجع عن خرق الخط الأزرق في عيتا الشعب لنحو متر واحد، إذ أمره الضابط اللبناني بالتراجع الى الوراء، رغم وجود الدبّابات والآليات العسكرية “الإسرائيلية” هناك. ولولا هذا التصرّف الجريء، على ما يقول مصدر ديبلوماسي مطّلع، لكانت قوّات العدو أمعنت في اعتداءاتها وخرقت الخط الأزرق. وقد وثّق مقطع “فيديو” انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الحادثة، الأمر الذي كشف الحقيقة، وفضح ما يقوم به “الإسرائيليون” عند الحدود، ما يجعلهم غير قادرين على نفي ما حصل على ما يفعلون عادة.
وقال المصدر الديبلوماسي انّ هذه الحادثة أظهرت نيّة قوّات العدو بالتعدّي مجدّداً على الخط الأزرق، الذي ليس خط الحدود اللبنانية، إنّما هو خط الانسحاب الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة، والعدو الإسرائيلي وهضبة الجولان المحتلّة من جهة ثانية في 7 حزيران من العام 2000، بالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين آنذاك. وهذا الخط لا يُعتبر حدوداً دولية، لكن تمّ إنشاؤه بهدف وحيد هو التحقّق من الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان.
وذكّر المصدر نفسه بما كان ينوي الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين الحصول عليه خلال محادثاته وقبل توقيع اتفاقية الترسيم البحري، أي “تثبيت الخط الأزرق البحري أولاً” المعبَّر عنه بشريط من العوّامات (أو الطفّافات) في البحر قبالة ساحلي لبنان وفلسطين المحتلّة. وقد جرى رفض اعتماده من قبل لبنان، خشية أن يجعل منه الإسرائيلي امتداداً للحدود البحرية، فيصبح “خط الحدود البريّة” لاحقاً بدلاً من خط الانسحاب.
من هنا، يخشى أن تكون النيات الإسرائيلية مستمرّة في محاولة التعدّي على هذا الخط، وافتعال اعتداءات عليه، بهدف جرّ لبنان الى “تثبيت” الحدود البريّة. وهذه الأخيرة يجب أن تحصل، غير أنّ الظروف الحالية ليست مناسبة للخوض في مثل هذا الأمر لاعتبارات عديدة. فلا رئيس للجمهورية بعد، ولا حكومة كاملة الصلاحيات، كما أنّ مسألة “تثبيت” الحدود البريّة تحتاج الى توافق لبناني- سوري- إسرائيلي من الصعب حصوله في الفترة الراهنة. فضلاً عن ذلك، قد يعتبر البعض أنّ المضي في مسألة تثبيت الحدود البريّة ستكون اعترافاً واضحاً بالعدو الإسرائيلي، الذي يحتلّ فلسطين ويستولي على حدودها وثرواتها الطبيعية، وهذا يعني “التطبيع” معه. في حين أنّ مثل هذا الموضوع يحتاج الى اتفاق سياسي وقرار يُتخذ على أعلى المستويات، في حين أنّ المؤسسات اليوم إمّا شاغرة أو غير دستورية.
ثمّة 13 نقطة تحفّظ لا يزال النزاع قائماً حولها. والمقصود بها المناطق التي اختلف فيها اللبناني والإسرائيلي على تصنيفها خلال تنفيذ رسم الخط الأزرق، إذ تحفّظت عنه الدولة اللبنانية على اعتبار أنّه يقضم مناطق لبنانية ويبقيها تحت الاحتلال، فيما يعتبرها العدو الإسرائيلي مناطق تقع ضمن أراضيه. وتبلغ مساحة “مناطق التحفّظ”، 13 نقطة تمتدّ على مسافة 114 كلم، على طول الخط الأزرق الممتدّ من منطقة شبعا حتى الناقورة. وأبرز هذه النقاط هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر وجزء من أطراف مستعمرة المطلّة، وخلّة المحافر في بلدة العديسة ورميش، والنقطة “ب1” في رأس الناقورة، فضلاً عن 10 نقاط صغيرة على امتداد الحدود.
وأشار المصدر الديبلوماسي الى أنّ لبنان يعتبر هذه المناطق أراضِ لبنانية يجب أن يخرج منها العدو قبل أي اتفاق على تثبيت الحدود البريّة، فيما لا تأخذ قوّات “اليونيفيل” الدولية بتصنيف لبنان لهذه النقاط، بل تعتبر أنّ قوات العدو انسحبت حتى الخط الأزرق، وأنّ مصطلح “تحفّظ” يعني لبنان فقط. وبالتالي فإنّ أي تحرّك في هذه النقاط من قبل العدو لا تعتبره “اليونيفيل” خرقاً للقرار 1701 ، بينما تعتبر خرقاً إذا ما دخل اللبنانيون إحداها، علماً بأنّها أراضٍ لبنانية محتلّة. ولكن رغم ذلك يستنكر لبنان ويدين مثل هذه الخروقات للخط الأزرق وللقرار 1701 ويُسجّلها لدى الأمم المتحدة ليحفظ حقوقه لاحقاً.