كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: بعدما جهر الثنائي الشيعي بمرشحه النائب السابق سليمان فرنجية، لم يعد ينقص القواعد الطبيعية والمنطقية لانتخابات الرئاسة سوى تحديد موعد جلسة الانتخاب كي يتنافس فيها المرشحان المعروفان، فرنجية ونائب زغرتا ميشال معوض المسمّى من فريق المعارضة.
Advertisement
يكمن مغزى المرحلة الجديدة من الاستحقاق، المفترض أن ترشيح الثنائي الشيعي فرنجية سهّله، في بضع ملاحظات:أولاها، تحلّل تدريجي لما رافق مرحلة الجلسات الإحدى عشرة: لا أوراق بيض بعد الآن، مرشح الثنائي الشيعي نهائي يتقدم به كي يُنتخب، لا كي يفاوض أو يساوم عليه، تضعضع المؤيدين لمعوّض الذين انتقلوا بدورهم من الإفراط في الكلام عن تأييده والتمسك به الى إعلانهم رفض المرشح المقابل ومقاطعتهم جلسة الانتخاب إذا بَانَ أنه قد يفوز، انتقال وليد جنبلاط – أكثر الشغوفين بما بعد الخطة (ألف) الى كل الذي يليها – من تأييد معوض الى طرح لائحة من ثلاثة أسماء الى الوقوف الأسبوع الماضي بكليّته وراء رئيس المجلس نبيه برّي في ما أدلى به، مع أن الزعيم الدرزي ضدّ انتخاب فرنجية. أما «التغييريون» فلا أحد يعلم أين انتهوا؟
ثانيتها، ما يسمعه زوار رئيس المجلس صاحب الصلاحية الدستورية أنه سيعلن في اليوم التالي موعد جلسة انتخاب الرئيس إذا أبلغته الكتل أنها جاهزة للذهاب إليها بمرشحها: تنافس مرشحَين أو أكثر، سواء تقاربت الحظوظ أو تكافأت أو تباعدت. يقول برّي أيضاً إنه فتح باب الترشيحات وباتت خيارات الجميع معلنة على الطاولة لا تحتها. بيد أنه يعرف، وسبق أن اعترف، كما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن لا أحد يملك أن يفرض على الآخر مرشحه، وليس في حوزته أيٌّ من الأكثريّتين المرجّحتين، سواء الثلثين للحضور والفوز في الدورة الأولى أو النصف زائداً واحداً في الدورة الثانية وما يليها. بذلك أوحى برّي، كما من بعده نصر الله، أن الثنائي الشيعي وحلفاءه يحتاجون الى الأفرقاء الآخرين لاكتمال عقد الجلسة، من غير أن يكونوا قد ضمنوا سلفاً انتخاب فرنجية الذي يدور المؤيدون له حتى اللحظة حول 55 نائباً على الأكثر.ثالثتها، يتعامل الثنائي الشيعي مع ترشيح فرنجية على أنه خياره الوحيد والأخير، ولذا يقاربه على نحو مطابق لما فعل حزب الله، من دون برّي، في شغور 2014 – 2016 مع ترشيح الرئيس ميشال عون على أنه نهائي كي يلتحق الآخرون به. ذلك ما حصل بالفعل برميةٍ من غير رامٍ ذهب ضحيّتها فرنجية بالذات، عندما انضمّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ثم من بعده الرئيس سعد الحريري الى تأييد الرئيس السابق ميشال عون ثم انتخابه. في جلسة 31 تشرين الأول 2016، فاز بأصوات الغالبية النيابية في حضور الكتل كلها بلا استثناء، المصوّتة له والمعارضة، مع ذلك عُدَّ عون في نهاية المطاف مرشح الحزب بالذات. الأمثولة الأكثر اعتباراً سياسياً لدى حزب الله حينذاك أنه لم يتخلَّ عن حليف رشّحه. في الاستحقاق الحالي، يفتح الثنائي الشيعي سباقاً مماثلاً مع الوقت طال أو قصر من طراز مختلف كي يفضي الى النتيجة نفسها. باب التفاوض مع الأفرقاء الآخرين في الداخل والخارج مفتوح ليس على ترشيح فرنجية وانتخابه، وإنما على السنوات الست المقبلة في العهد الجديد.