فاجأ توقيت إعلان ترشّيح رئيس مجلس النواب نبيه برّي والأمين العامّ لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله لرئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة الأوساط السياسيّة، بعدما بدأت “الكتائب” و”القوّات اللبنانيّة” تُلوّح بتعطيل نصاب الثلثين، لقطع الطريق على وصول أيّ شخصيّة من فريق “الممانعة”. وفيما يتّجه الحزبان المسيحيّان للضغط على “الثنائيّ الشيعيّ”، يتّضح أنّ خلافات “المعارضة” لا تزال على حالها، فلم تتوصّل، بعد مرور أكثر من 4 أشهرٍ على نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون ، الى اتفاق إسم مرشّحٍ موحّدٍ.
Advertisement
وبينما يزداد رصيد فرنجيّة بعدما أعلن السيّد نصرالله دعمه رسميّاً ما يعني أنّه أصبح حكماً مرشّح “حزب الله”، وسيناريو ميشال عون سيُعاد عبر التعطيل لانتخاب حليف مسيحيٍّ للضاحيّة الجنوبيّة، يرى مراقبون أنّ أفضل فرصة لـ”المعارضة” التوافق سريعاً على مرشّحٍ وسطيٍّ، وأبرز الأسماء قائد الجيش العماد جوزاف عون.
غير أنّ المراقبين يعتبرون أنّ هذا الخيار غير سهلٍ في ظلّ رفض كتلة “المجتمع المدنيّ” السير بشخصيّة عسكريّة، ما يُحتّم تعديل الدستور من جديد، وهو الأمر الذي لا يُحبّذه العديد من نواب “المعارضة”، وقد انضمّ إليهم نواب “الثنائيّ الشيعيّ” بعد إعلان ترشيح فرنجيّة. ويقول المراقبون إنّ قائد الجيش الذي لا ينال رفضاً من المملكة العربيّة السعوديّة، ولا حتّى من الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ”، ولا من قبل “القوّات” و”ألكتائب”، غير قادرٍ على نيل 65 صوتاً من دون تكتّل “لبنان القويّ” الذي يُعارض إنتخابه أصلاً.
من هنا، تدنّت حظوظ العماد عون بعد تصريحيّ برّي ونصرالله، ولا يُمكن أنّ يُنتخب بحسب أوساط سياسيّة متابعة في ظلّ تمسّك “حزب الله” بفرنجيّة. وتُضيف الأوساط أنّ هناك حديثاً في الكواليس، يقضي بأنّ يقوم النائب جبران باسيل بعدم مقاطعة جلسة إنتخاب رئيس “المردة”، في مقابل دعمه في الإنتخابات المقبلة، إذ أنّ أمين عامّ “الحزب” أعلن بصراحة أنّ كلاًّ من باسيل وفرنجيّة لديهما الصفات المطلوبة لدى الضاحيّة الجنوبيّة. وتُشير الأوساط إلى أنّ كتلة “الوفاء للمقاومة” تعمل على أساس المداورة في الرئاسة بين حلفائها المسيحيين، فبعد ميشال عون أتى دور فرنجيّة، ومن المتوقّع جدّاً أنّ يخلفه رئيس “التيّار” بعد ستّ سنوات، إنّ بقي فريق الثامن من آذار قادراً على التحكّم بالمعادلة السياسيّة والنيابيّة في البلاد.
وعليه، لا يبدو أنّ “المعارضة” قادرة على توحيد جهودها، وبدلاً من أنّ يقوم الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط بجرّ برّي ونصرالله إلى تسويّة رئاسيّة وانتخاب رئيسٍ لا يشكل تحديا، تبيّن أنّ الأخيرين هما من يُريدان كسب تأييد نواب “اللقاء الديمقراطيّ” لصالح فرنجيّة، بانتظار بلورة الموقف السعوديّ الرسميّ من هذا الترشّيح، وخصوصاً وأنّ نواباً سنّة من كتلة “الإعتدال الوطنيّ” خالفوا التوقّعات، وقد اعتبروا أنّ رئيس “المردة” ليس جامعاً، لأنّ لا توافق عليه بعد عربيّاً من قبل المملكة.
من هنا، فإنّ أبرز سلاح يتبقى لدى “المعارضة” هو تعطيل نصاب جلسات إنتخاب فرنجيّة، رغم أنّها غير موحّدة أيضاً في هذا التوجّه. فبعمليّة حسابيّة، هناك نواب “القوّات” و”ألكتائب” و”تجدّد” الذين يُشكّلون رأس حربة المواجهة ضدّ مرشّح “حزب الله” في البرلمان، وعددهم منقوص، فيما يعمل “الحزب” على المهادنة مع باسيل والتنسيق معه لتأمين نصاب الثلثين، حتّى لو لم يكن راضياً بالإقتراع لفرنجيّة.
وتلفت الأوساط السياسيّة إلى أنّ لا خيارات كثيرة لدى “المعارضة” للردّ على إعلان “الثنائيّ الشيعيّ” ترشّيحه لفرنجيّة، فهناك إنقسام بين نوابها على خطوط رئاسيّة عريضة، على الرغم من أنّهم يُجمعون على ضرورة إجراء الإستحقاق. وتُؤكّد الأوساط أنّ دعم رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض لم ولن يكن جدّيّاً بالأساس، كذلك، فإنّ إستمرار كتلة “التغيير” بالتفردّ بترشّيح أسماء “مغمورة” سياسيّاً، تضييع للوقت. وتدعو الأوساط أفرقاء “المعارضة” للإسراع بإيجاد مرشّحٍ جامعٍ، إذ تختم قولها إنّ “حزب الله” يعمل مُجدّداً على تثبيت معادلة “مرشّحه أو الفراغ”، أو يقترب بالفعل من تهيئة الظروف السياسيّة لانتخاب فرنجيّة بعدما أعلن رسميّاً عن ترشّيحه، وخصوصاً وأنّه يحرص على عدم حرقه.