في المرحلة الماضية، قادت فرنسا جهودا ديبلوماسية كبيرة تجاه المملكة العربية السعودية لدفعها بشكل واضح للانخراط في الازمة اللبنانية ولكي يكون لها دور ايجابي في رسم الاطار العام للتسوية السياسية المرتقبة.
تمنعت السعودية في بادئ الامر، على اعتبار ان اي عودة سياسية ولو بسيطة، الى لبنان، في ظل عهد الرئيس ميشال عون ستكون تنازلا لا ترغب الرياض بالقيام به.
لاحقا، وبحسب السلوك السعودي العلني، باتت الرياض اكثر ليونة تجاه لبنان، تناقش بعض الاستحقاقات وتعطي رأيها فيها، ولو بحذر، لكن هذا الواقع لم يستمر، خصوصا ان ما يظهر في الايام الماضية هو عودة اللامبالاة السعودية تجاه الوضع اللبناني وعدم الرغبة، ليس فقط في تسهيل الحل ، بل حتى في ابداء الرأي بالحل.
قبل ايام، وجه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسالة قرأتها اوساط ديبلوماسية بسلبية، من دون معرفة السبب الذي دفعه الى اطلاقها، اذ اعتبر نصرالله ان الحل في اليمن لا يمر عبر لبنان ولا عبر ايران وان الرياض عليها ان تفاوض الحوثيين من اجل الوصول الى تسوية يمنية.
يعلم حزب الله بأن السعودية لديها استعداد بأن تقدم تنازلات او تسهيلات في لبنان بشرط حل الازمة اليمنية، وهذا امر مفروغ منه،اذ تعطي الرياض اولوية قصوى للموضوع اليمني في المشاورات واللقاءات الامنية والديبلوماسية التي تعقدها مع طهران، وهذا يعني ان تصريح نصرالله الذي اخرج ايران وحزب الله من اطار التفاوض اليمني اوحى للسعوديين بأنه يريد ان يأخذ في لبنان من دون ان يعطي في اليمن.
وبحسب مصادر مطلعة فإن عدم الاهتمام السعودي في لبنان لا يتناقض مع جولات السفير وليد البخاري بعد اعلان كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وامين عام الحزب دعم ترشيح فرنجية، اذ ان عدم الاهتمام السعودي بلبنان لا يعني ترك الساحة اللبناني تسقط بالكامل بيد الحزب في اللحظة التي يقرر فيها الحزب ذلك.تريد الرياض ان تبقي بعض الاوراق في يدها، واذا كان ايصال مرشح حزب الله للرئاسة سليمان فرنجية الى بعبدا بحاجة الى الغطاء الخليجي والسعودي فإن اعطاء هذا الغطاء لن يكون بالمجان بل يجب ان تحصل الرياض في مقابله على مكتسبات سياسية في اليمن، وهذا ما قد يعرقل حصول اي تسوية سياسية او رئاسية في لبنان..لا يبدو ان السعودية، حتى لو تم الاتفاق على تسوية سياسية في لبنان، ستعود الى ادائها السياسي السابق، كل ما يمكن ان تقدمه الرياض في حال اعطت الضوء الاخضر لهذه التسوية او تلك، هو توكيل نفوذها وحضورها لاحدى الدول الغربية او الاقليمية…