في زمن وسائل التواصل الاجتماعي وتوزيع الاخبار والفبركات والروايات والقصص، يظن البعض ان خلق الصور المغالطة بات سهلا وممكنا، لكن الحقيقة والواقع يؤكدان ان محاولة رسم اي صورة تشبيهية لا تمت لصاحبها بصلة سرعان ما تسقط امام وعي وادراك الجمهور اللبناني من مختلف الاطياف والفئات.
وما حصل مؤخرا من محاولة لاظهار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على انه رجل طائفيّ، يتعاطى من باب المذهبية مع الملفات التي تقع بين يديه، يمكن وضعه في خانة المحاولة التي لم تلق اي أذان مصغية عند اي فئة من اللبنانيين، اذ انهم وفي قرارة انفسهم يدركون الأسلوب والطريقة اللتين يتعطى بهما رئيس الحكومة منذ بداية عمله السياسي وحتى اليوم.وفي هذا السياق، شهدت الفترة الأخيرة اكثر من محاولة لاظهار صورة مغايرة للواقع عن العلاقة التي تجمع الرئيس ميقاتي مع البطريركية المارونية، اذ انه وعلى الرغم من التباين في وجهات النظر في بعض الأحيان الا ان الاحترام والثقة كانا دائما اطارا عاما وأكيدا في التعاطي بينهما.وبالحديث عن التباين في وجهات النظر، لا بد من لفت النظر الى ان التباين هو شيء طبيعيّ لا بل صحيّ وضروريّ لانتاج الأفضل في لبنان، وما هو غير طبيعي يتمثل في العمل على قطع قنوات التواصل والاتصال عند اي خلاف او اختلاف في وجهات النظر.وهذا الانقطاع او القطع المقصود للحوار، الذي اختبره اللبنانيون في أكثر من مرحلة ساهم بشكل كبير الى زيادة التوترات وحدتها على اشكالها المختلفة دون ان يؤدي في اي يوم من الايام الى انتاج الحلول التي تساعد المواطن وتحفظ كرامته.وعلى خط الحوار غير المنقطع بين بكركي وميقاتي، توّج رئيس الحكومة جولته على المرجعيات الروحية الكاثوليكية في لبنان قبل توجهه الى روما للقاء البابا فرنسيس، بزيارة الى الصرح البطريركي في بكركي حيث بدا واضحا امام الجميع مدى ترحيب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بزيارته ومدى اصراره على الحوار والانفتاح والتوصل.ومن بكركي، قال ميقاتي ما ينتظر ان يسمعه اللبنانيون الغارقون في وحول أزمتهم السياسية والاقتصادية، فأشار الى ان ضرورة تسيير شؤون المرفأ العام بعيدا عن كل محاولات تضييق امكانية العمل على الحكومة، فحاجات الناس المتزايدة وفي ظل الشغور الرئاسي، تتطلب ان تتحمل الحكومة مسؤولياتها فتحاول ايجاد بعض الحلول الممكنة للتخفيف من وجع الناس وهمومهم.وامام حاجات الناس، سقطت من جديد ومن بكركي تحديدا، الأصوات التي ارتفعت واصفة اداء رئيس الحكومة بالطائفيّ، اذ ان ميقاتي نقل عن البطريرك اعتباره هذه الاصوات كنوع من انواع “الهستيريا السياسية”.وبالحديث عن “الهستيريا السياسية”، قد تكون المهدئات المطلوبة لعلاجها هي تماما ما اكد عليه الرئيس ميقاتي في بكركي حين ذكّر بغنى التعددية في لبنان وباتفاق الطائف الذي يحميها.وبالعودة الى الطائف، قد يكون الحلّ الأنسب لحمايته والتأكيد عليه هو تلبية النداء المشترك بين بكركي وميقاتي الذي مفاده هو ضرورة التوجه مباشرة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.وفي المحصلة، رئيس حكومة لبنان يزور حاضرة الفاتيكان غدا، وبعد الزيارة لقاء جديد مع الراعي .وللحديث صلة.