المعارضة أكثر واقعية.. هل تستبدل ميشال معوض باسم وسطي؟!

14 مارس 2023
المعارضة أكثر واقعية.. هل تستبدل ميشال معوض باسم وسطي؟!


خلافًا لمحاولات المحسوبين على “الثنائي الشيعي” والدائرين في فلكه تصوير الاتفاق السعودي – الإيراني على أنّه “يعزّز” حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في الانتخابات الرئاسية، سارعت قوى المعارضة لاستنتاج أنّ “العكس هو الصحيح”، وأنّ فرنجية هو “الضحية الأولى” لهذا الاتفاق، بل إنّ هناك من وضع تسميته عشية الاتفاق، بمثابة “تبرئة الذمة” و”مراعاة الخواطر” من جانب حلفاء الرجل، ليس إلا.

Advertisement

 
لا يعني ذلك أنّ قوى المعارضة باقية على “تصلّبها”، إذ يتحدّث كثيرون عن انتهاجها مقاربة “أكثر واقعية” للاستحقاق بنتيجة الاتفاق السعودي الإيراني، ستكون ترجمتها “التخلي” عن مرشحها المُعلَن النائب ميشال معوض بصورة رسمية، ووضعه جنبًا إلى جنب فرنجية، ولكن أيضًا تعديل المواصفات المطلوبة في الرئيس العتيد، بما ينسجم مع “التسوية” الإقليمية المستجدّة، إن اكتملت، بعيدًا عن منطق “القوة”، التي تسلّحت بها أخيرًا.
 
وإذا كان حزب “القوات اللبنانية” الأكثر تشدّدًا وفق بعض التسريبات، وهو الذي يطالب برئيس يعارض “حزب الله” إلى أبعد الحدود، فإنّ ثمّة من قرأ في حديث رئيس الحزب سمير جعجع الأخير “مراجعة ذاتية” تمهّد لـ”التغيير”، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام عمّا إذا كانت التسوية ستشكّل فرصة كشف النقاب عن “الخطة باء” للمعارضة، فهل تستبدل اسم ميشال معوض أخيرًا بمرشح جديد، يمكن أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر؟
 
ثابتتان “لا رجعة فيهما”
 
تنطلق مقاربة المعارضة الجديدة من الملف الرئاسي، بحسب ما تقول أوساطها، من ثابتتين يقول المحسوبون عليها بأن “لا رجعة فيهما”، أولاهما “مبدئية” الموقف ممّن يصفونه بـ”مرشح حزب الله وحركة أمل”، في إشارة إلى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، باعتبار أنّ الفريق المحسوب على إيران سيكون هو المطالَب بتقديم “التنازلات”، خلافًا لما يروّجه عن أنّ طريقه إلى بعبدا باتت أقرب ممّا يخال خصومه.
 
لكنّ هذه “الثابتة”، التي يقول البعض إنّ الظروف قد تغيّرها، إذا ما اكتملت فصول الاتفاق السعودي الإيراني، ووجدت ترجمة له في الملعب اللبناني، توازي “ثابتة” أخرى، تبدو “أكثر ثباتًا”، وهي طيّ صفحة “المرشح ميشال معوض” بصورة نهائية، علمًا أنّ هذا الأمر أصبح من “المسلّمات” حتى قبل الإعلان عن الاتفاق السعودي الإيراني، بعدما استنفد هذا الترشيح فرصه، ولم ينجح في حصد “إجماع” المعارضة نفسها.
 
من هنا، يعتبر المحسوبون على المعارضة أنّ التخلي عن معوض أضحى “تحصيلاً حاصلاً”، وهو ما عزّزه بصورة عمليّة الاتفاق السعودي – الإيراني، الذي يفترض أن يدفع لا باتجاه طيّ صفحة معوض وحده، بل شطب فكرة “مرشح التحدّي والمواجهة”، وحتى منطق “الرئيس المناهض لحزب الله”، ولو أنّها تعتبر أنّ مواصفات الرئيس “السياديّ والإصلاحيّ”، بخطّها العريض، يجب أن تبقى دائمًا عنوان “المعركة الرئاسية”.
 
انقسام حول “الخطة باء”
 
لا يعني ما تقدّم أنّ المعارضة، بمختلف تلاوينها وتشعّباتها، باتت “موحّدة” على مقاربة محدّدة، فبعيدًا عن “ثابتتي” رفض فرنجية والتخلي عن معوض، تنقسم هذه المعارضة في مقاربتها للمرحلة المقبلة، وما إذا كانت فعلاً جاهزة لكشف النقاب عن “الخطة باء”، بما يتضمن اسم مرشح جديد، تمامًا كما لا تزال منقسمة على كيفية التعامل مع أيّ جلسة انتخابية جديدة، وما إذا كانت ستعمد لتعطيلها إذا ما بقي فرنجية “مرشحًا ملكًا” على خطّها.
 
بالنسبة إلى بعض “الواقعيين” في صفوف المعارضة، فالمطلوب بعد الاتفاق السعودي – الإيراني خصوصًا، “فتح” قنوات التواصل والحوار مع الفريق الآخر، بما يمهّد لإيصال مرشح “وسطي” يكون “ثمرة” التفاهم، خصوصًا بعدما أثبتت المرحلة السابقة صعوبة إيصال رئيس “يستفزّ” فريقًا من اللبنانيين، فيما يلمّح البعض إلى ضرورة الاتفاق داخل معسكر المعارضة على اسم “وسطي” أولاً، من أجل إقناع الفريق الآخر به في مرحلة لاحقة.
 
لكن، بين هذا وذاك، ثمّة في صفوف المعارضة من يعتبر أنّ أوان الانتقال إلى “الخطة باء” لم يحن بعد، ولو أنّ صفحة المرشح ميشال معوض طويت، حيث يرى هؤلاء أنّ تسمية أيّ مرشح جديد في الوقت الراهن غير واردة، إذا لم يضمن هذا المرشح حصوله على الأكثرية المطلقة، أو يقترب منها بالحدّ الأدنى، لأنّ خلاف ذلك سيؤدي إلى “حرق” المزيد من المرشحين في السباق نحو بعبدا، وقد يصبّ لصالح “إحياء” حظوظ فرنجية مثلاً.
 
رغم الشعارات “الشعبوية” التي يرفعها هذا الفريق وذاك، يقول العارفون إنّ “الواقعية” بدأت تسلك طريقها في الاستحقاق الرئاسي، فالاتفاق السعودي – الإيراني لا بدّ أن ينعكس بشكل أو بآخر على الساحة اللبنانية. لكنّ “الترجمة” قد تبقى مؤجّلة، وفق هؤلاء، ليس لأنّ الاتفاق لا يزال في “مرحلة تجريبية” فحسب، ولكن أيضًا لأنّ لبنان ليس “أولوية” وسط الملفات “المتفجّرة”، ما يضع الكرة مرّة أخرى في ملعب اللبنانيين أنفسهم، إن عرفوا كيف يتلقّفونها..