كيف تُريد السعوديّة أنّ يُنتخب سليمان فرنجيّة؟

15 مارس 2023
كيف تُريد السعوديّة أنّ يُنتخب سليمان فرنجيّة؟


يبدو من خلال عدم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجلسة جديدة لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، أنّ الظروف السياسيّة لم تنضج بعد للذهاب إلى البرلمان للتصويت للنائب والوزير السابق سليمان فرنجيّة. وفي حين يتمسّك “الثنائي الشيعيّ” برئيس تيّار “المردة” ولم يتراجع عن ترشّيحه، وخصوصاً بعد حديث برّي أمام نقابة محرّري الصحافة، إذ اعتبر أنّ حليفه المسيحيّ توافقيّ وجامع لمختلف الأفرقاء في لبنان، لم تتبدّل مواقف أبرز الكتل الوسطيّة تجاه فرنجيّة، على الرغم من الإتّصالات التي يقوم بها رئيس “حركة أمل” لاستطلاع نوايا هؤلاء النواب.

Advertisement

 
ويبقى بحسب مراقبين أنّ العائق الذي يحول دون انتخاب فرنجيّة هو القرار السعوديّ غير الواضح تجاه أيّ مرشّحٍ، فالثابت الوحيد أنّ الرياض لديها مواصفات معلومة سلفاً للرئيس المقبل، وأهمّها أنّ يكون قادراً على إعادة وضع لبنان على الخارطة الدوليّة والعربيّة، من منطق الإحترام والتعاون وعدم التدخّل في شؤون البلدان الشقيقة. ويقول المراقبون إنّ المملكة رمت على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان مسؤوليّة إختيار الرئيس على اللبنانيين، من باب الحوار والتوافق في ما بينهم. ويُشير المراقبون إلى أنّه لا يجب البناء على التقارب السعوديّ – الإيرانيّ كيّ تُحلّ الأزمة الرئاسيّة، فالتطوّر الدبلوماسيّ الأخير هدفه وضع حدٍّ للحرب في اليمن، ولا يعني بتاتاً أنّ الملف اللبنانيّ سيتأثر به بشكل مباشر في المدى القريب، على الرغم من إيجابياته على المنطقة ككلّ.
 
ويلفت المراقبون إلى أنّ كتلتيّ “اللقاء الديمقراطيّ” و”الإعتدال الوطنيّ” لا تزالان غير متحمستين للإقتراع لفرنجيّة طالما أنّ ليس هناك من إجماع خارجيّ وداخليّ عليه، إذ أنّه يُعتبر خلافاً لما يرى برّي أنّه مرشّح “تحديّ”، وخصوصاً من جانب “القوّات اللبنانيّة” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” ونواب “المجتمع المدنيّ” وغيرهم من المستقلّين. وأكثر من ذلك، فإذا أعطت السعوديّة الضوء الأخضر لانتخابه، فإنّه سيصل إلى بعبدا من دون أغلبيّة الأصوات المسيحيّة، ما يُسقط عنه الغطاء المسيحيّ والتوافق. ويُضيف المراقبون أنّ هناك فرقاً بين التصويت لرئيسٍ بـ65 صوتاً وانتخابه مثلاً بـ90، ويقولون إنّ بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون تغيّر المشهد النيابيّ والسياسيّ، وأصبح أكثر تعقيداً، بعدما دخلت البلاد في الأزمة الماليّة والإقتصاديّة والسياسيّة الحاليّة.
 
وتُشدّد المملكة على قيام النواب بتقرير هويّة رئيسهم للسنوات الستّ المقبلة، ما يعني أنّه لو اتّفقوا على فرنجيّة أو أيّ مرشّح آخر وانتخبوه، فإنّها ستكون مرحّبة لما توصّل إليه اللبنانيّون في ما بينهم. لكن في المقابل، ورغم عدم غوصها في الأسماء، فإنّ السعوديّة تتمنّى وتُريد فعلاً إنتخاب رئيسٍ وسطيّ، لأنّها تُدرك أنّ حظوظ رئيس “المردة” لا تزال غير مشّجعة بسبب الإعتراض الواسع من الكتل “السياديّة” عليه، إضافة إلى “الوطنيّ الحرّ”، وهناك من يعتبره فقط مرشّح “حزب الله” و”حركة أمل”.
 
ويوضح المراقبون أنّ الرياض من خلال مناداتها بالحوار والتوافق، هدفها إنتخاب رئيسٍ قادرٍ على جمع اللبنانيين للخروج من الأزمة السياسيّة والإقتصاديّة الصعبة، وحتّى لو كان فرنجيّة، لأنّ المهمّ أنّ يقوم أغلبيّة النواب بالإتّفاق على المرحلة المقبلة كيّ يعود الإستقرار إلى لبنان. غير أنّه إذا أُعيد سيناريو إنتخاب ميشال عون مع سليمان فرنجيّة، فإنّ أفرقاء سيُقاطعون الأخير ولن يكون جامعاً لأنّهم سيعتبرونه مفروضا عليهم من الضاحيّة الجنوبيّة وعين التينة، وهذا الأمر سيُؤدّي إلى مزيدٍ من التشنّج السياسيّ، وخصوصاً داخل الحكومة ومجلس النواب، وأيضاً في دراسة القوانين التي لها علاقة بالإصلاحات.
 
ويبقى بحسب المراقبين أنّه إذا نجح برّي في كسب تأييد النواب السنّة و”اللقاء الديمقراطيّ” وبعض المستقلّين من جهّة، وضغط “حزب الله” على النائب جبران باسيل للحصول على أصوات بعض نواب تكتّل “لبنان القويّ”، فإنّه سيتحقّق شبه توافق على إسم فرنجيّة، بينما ستبقى شريحة نيابيّة واسعة مُعارضة له، أيّ أنّ اللبنانيين لا يُوافقون جميعاً على وصوله، وما تُريده المملكة هو أنّ يتّفق النواب في ما بينهم كيّ لا يكون هناك من غالبٍ ومغلوبٍ. ويختم المراقبون قولهم إنّ ما تُنادي به السعوديّة يُترجم فقط من خلال مرشّحٍ وسطيّ غير سياسيٍّ.