لا تزال البلاد في حال ترقب حذر لانعكاس اتفاق بكين بين السعودية وإيران على المنطقة، ومن ضمنها الساحة اللبنانية، بتسوية سياسية تفتح باب الحلول للاستحقاق الرئاسي، وسط تصاعد وتيرة الانهيار المالي والاقتصادي مع الارتفاع الجنوني والقياسي بسعر صرف الدولار الذي تجاوز المئة ألف ليرة لبنانية.ووفق المعلومات فإن «الاستحقاق الرئاسي دخل الى المرحلة الثانية أي التفاوض الجدي والجهود تنصب حالياً لفتح حوار شامل وحقيقي مع الكتل النيابية للتوفيق بينها على مواصفات معينة تمهيداً لإسقاطها على المرشحين لاختيار أحدهم».
وكتبت” مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين: ان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دعا خلال زيارته الى باريس الأسبوع الماضي، الى تقارب لبناني لبناني من أجل حل معضلة الفراغ الرئاسي وقيام اللبنانيين بالإصلاحات المطلوبة. وهو كان التقى نظيرته الفرنسية كاترين كولونا لإطلاعها على الاتفاق الذي تم برعاية صينية لاعادة العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وإيران.
الانطباع السائد لدى باريس وواشنطن هو ان الاهتمام السعودي الأول يكمن في تهدئة جبهة اليمن حيث لا الولايات المتحدة الاميركية ولا فرنسا تمكنتا من العمل على هذا الصعيد. ومع ذلك استقبل الوزير السعودي خلال زيارته الى باريس باتريك دوريل المستشار الرئاسي الفرنسي المسؤول عن ملف الشرق الأوسط والمتابع للملف اللبناني بتعليمات من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي ما زال يبحث عن إيجاد حل لإخراج لبنان من الازمة والفراغ. التفكير الفرنسي حاليا كما عرضته السفيرة آن غريو على بعض القيادات اللبنانية يتمثل في صيغة تقوم على أساس حكومة يرأسها السفير نواف سلام لإجراء الإصلاحات المطلوبة مع ضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد. فاذا كانت الحكومة برئاسة سلام ورئاسة الجمهورية لقائد الجيش العماد جوزف عون، فهذا غير مقبول من جانب “حزب الله” الذي أكد ذلك. باريس تبحث عن صيغة ربما تكون حكومة برئاسة نواف سلام مع سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية ولكن بضمانات من الاخير بألّا يستعمل الثلث المعطل لتعطيل عمل سلام والإصلاحات او الإسراع الى زيارة دمشق من دون موافقة الأطراف التي تعارض ذلك، والعمل على دفع الإصلاحات التي قد يقوم بها سلام من دون تعطيله، وإلا فلن تدوم حكومته طويلا. هذا التفكير حول ضمانات يعطيها فرنجيه عُرض عليه. ولكن حتى الآن السعودية ما زالت ترفض مبدأ انتخاب فرنجيه كونه تابعا لـ “حزب الله”، وباريس لن تعارض السعودية. لكن التفكير السائد لدى باريس هو انه ربما بعد الاتفاق بين السعودية وايران يصير بإمكان الرياض ان تفاوض طهران على ان يعطي فرنجيه تلك الضمانات كي تخرج هذه الصيغة مع سلام على رأس حكومة بإمكانها ان تحكم وفرنجيه مع ضمانات انه لن يعطل الحكومة. والتفكير السائد في باريس ايضا هو ان بإمكان السعودية ان تقوم بتعبئة لدى بعض النواب المسيحيين الذين لها “مَونة” عليهم وبعض أصوات السنّة لاعطاء فرنجيه غطاء مسيحيا اكبر مع دعم سنّي شرط ان يعطي الضمانات المطلوبة. ويقوم التفكير الفرنسي على انه اذا كان قائد الجيش مرفوضا من طرف، فكيف يتم انتخابه، أو المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور كيف يتم انتخابه اذا ما جُبِه بمعارضة من جانب معيّن؟ فصيغة حكومة “نواف سلام – سليمان فرنجيه” مع ضمانات اكيدة هي الحل للفراغ في التفكير الفرنسي، ووحدها المفاوضات السعودية – الإيرانية بإمكانها التوصل الى مثل هذه الضمانات، علما ان باريس لن تفعل شيئا اذا لم توافق عليه السعودية لانها شريكة أساسية لفرنسا وللتعاون في لبنان. الى ذلك، علمت “النهار” ان ثمة لقاء سعوديا – اميركيا سيعقد حول لبنان ولكن لم يحدد موعده بعد بطلب من الجانب السعودي.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان المواقف التي تصدر تعطي الانطباع بأنه ثمة حركة ما لخرق المراوحة، لكن المعطيات تشير الى ان اللقاءات لم تخرج بأية نتيجة فعلية، وان العوائق ما تزال على حالها، داعية لعدم اسقاط استدارة النائب جنبلاط الرئاسية لجهة الدعوة الى الرئيس التوافقي
وشددت مصادر سياسية على ان اولى مفاعيل الاتفاق السعودي الايراني على لبنان، سقوط محاولات فرض مرشح استفزازي للرئاسة، كما طرح بالاسابيع الماضية، بعدما فشلت كل من المعارضة بتسويق مرشحها النائب ميشال معوض، وحزب الله وحركة امل وحلفائهما بتسويق الوزير السابق سليمان فرنجية، بينما اصبح المجال مفتوحا، للبحث جديا بالصيغة التي طرحها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ليتم إختيار الرئيس المرتقب على اساسها، وقد يكون من خارج لائحة الأسماء التي ضمنها بالصيغة، اذا كانت الاطراف موافقة عليه ودعت المصادر الى الاسراع وعدم هدر مزيد من الوقت سدى، إن كان بالتريث لانتظار مدة الشهرين المحددة لتنفيذ الاتفاق السعودي الايراني، لمعرفة كيفية اتجاه الامور ومدى التقيد بمضمونه، لان المكتوب يقرأ من عنوانه، ولا بد من الاسراع بالاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تفاديا لمزيد من التداعيات السلبية الناجمة عن الفراغ الرئاسي ووضع حد للانهيار المالي المتواصل، دون ضوابط.
وكتبت” الديار”: من المتوقع ان يقوم مساعد وزير الخارجية الاميركية بربارا ليف بزيارة بيروت اواخر اذار للبحث مع المسؤولين اللبنانيين الاوضاع اللبنانية وتطورات المنطقة، كما يزور لبنان موفدون اوروبيون.
اضافت”ان هناك توجها عربيا لجمع الاطراف اللبنانية على طاولة حوار، الارجح عقدها في مصر او العراق وربما مسقط برعاية دولية، لانتاج تسوية داخلية وحل الموضوع الرئاسي كما حصل في الدوحة. بعد ان اعلنت جميع القوى السياسية ترحيبها بالاتفاق بالاضافة الى النواب المستقلين والتغيريين والاشتراكي، كما ابدى التيار الوطني الحر ارتياحه للاتفاق كونه يفتح ابواب الحوار بين الاطراف اللبنانية وتقدم الخيار الثالث رئاسيا مع استبعاد كل الاسماء المتداولة، كما رحبت القوات اللبنانية بالاتفاق وحصرت نتائجه وتداعياته باليمن، ويبقى البارز، الارتياح الشعبي الشامل في ظل تعب الناس من الظروف الماساوية على كل الصعد.
وسرت معلومات عن توجيه نصائح عربية الى عدد من الاطراف المحلية بضرورة عدم «السباحة» عكس التيار، لان ما يجري تسوية كبرى شبيهة بتسويتي ١٩٧٦ واتفاق الطائف ١٩٩٠، وهناك توافق عربي ودولي على ان المشكلة تكمن بالطقم السياسي الموجود، والفساد، والمرحلة الجديدة تتطلب علاجات من نوع اخر ونفضة شامله في كل المفاصل كي يتمكن لبنان الخروج من الازمة. وانقشاع الصورة بحاجة الى شهرين فقط .
وكتبت «البناء» أن كتلة الاعتدال الوطني زارت رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي وكانت جلسة لاستطلاع الرأي، حيث «سأل بري الكتلة عن رأيها وموقفها وتوجّهها من الاستحقاق الرئاسي ومن المرشحين»، ولفتت المعلومات إلى أن «كتلة الاعتدال مع كتلة اللقاء الديمقراطي تشكلان بيضة القبان لحسم الملف الرئاسيّ ولا تمانعان انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو غيره من المرشحين، حينما تنضج ظروف التوافق الوطني والظروف الخارجية».وأشارت أوساط كتلة الاعتدال الوطني لـ»البناء» إلى «أن التواصل قائم ومتواصل ولم ينقطع بين الكتلة مع كافة المرجعيات لا سيما مع الرئيس بري، لكن لم يدخل أحد معنا مؤخراً بتفاصيل أسماء المرشحين للرئاسة والأمور تراوح مكانها، لكن هناك إيجابية مستجدة تتمثل بالاتفاق السعودي – الايراني الذي نأمل أن ينعكس ايجاباً على الساحة اللبنانية بتسهيل التسوية الرئاسية».ولفتت المصادر إلى «أننا ككتلة سنعلن موقفنا في الوقت المناسب»، نافية أي تواصل مع السعودية والسفير السعودي في لبنان بالشأن الرئاسي، جازمة بأن موقف الكتلة موحّد وعددها 6 نواب وستصوّت للمرشح التي تتفق عليه، وقد ينضم نواب آخرون إلى الكتلة كالنائبين نبيل بدر وعماد الحوت».وعن إمكانية دعم الكتلة لترشيح فرنجية اعتبرت المصادر أن «فرنجية له مكانته واحترامه وتمثيله، لكن سنحسم موقفنا في الوقت المناسب».
وتوقعت اوساط ديبلوماسية عربية عبر «الجمهورية»، ان يكون لبنان هو»الترجمة العملية الأولى للاتفاق السعودي ـ الإيراني، في اعتبار انّ الأزمة التي تعصف بربوعه هي الأسهل على المقاربة والمعالجة لجهة انتخاب رئيس جمهورية وتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة». واكّدت «انّ لبنان سيكون هو الترجمة العملية لاختبار النيات المتبادلة بين الفريقين، وهو المساحة الاسهل، لأنّ الإشكالية المطروحة اليوم هي حلّ الأزمة الرئاسية، خصوصاً انّ لبنان شهد تسويات في مراحل سابقة، بدءاً من الدوحة وصولاً إلى تسوية العام 2016، ولم يكن هناك من توافق بهذا الحجم كما حاصل اليوم، وهو التوافق السعودي ـ الإيراني برعاية صينية، وبالتالي فإنّ الاندفاعة الإيرانية ـ السعودية ستؤدي إلى ولادة تسوية رئاسية ـ سياسية ترضي جميع الاطراف وبما يُطلق عجلة الدولة اللبنانية.غير انّ مصادر سياسية واكبت الاتفاق في الكواليس خلال الايام التي تلت الاعلان عنه قالت لـ»الجمهورية»: «صحيح انّ لبنان من أبرز ساحات الاشتباك التي ستشملها الهدنة، لكن تقاطع المعطيات التي تصلنا يؤكّد أن لا عصا سحرية، وانّ التعقيدات في المربّع نفسه، لأنّ أجندة الستين يوماً التي وضعت لتنفيذ الاتفاق وبلورة الصورة ستكون لليمن أولاً، ولم تلحظ حلاً للبنان الذي تُرك له ترميم نفسه بنفسه. فمسار التفاوض طويل وشائك، وفيه «طلعات ونزلات» والأولوية هي للملفات الكبرى، اما الاوراق الثانية ولبنان من بينها، فسيتمّ ترتيبها في ما بعد، وستكون مرتبطة بنتائج الاتفاق ونجاح المفاوضات». وفي أي حال، فإنّ التفاعل مع الاتفاق السعودي ـ الإيراني متواصل داخلياً وفي كل الاتجاهات، بانتظار لما سيكون له من انعكاسات عملية على الاستحقاق الرئاسي وبقية الاستحقاقات كما على الأزمة عموماً. وعلمت «الجمهورية»، انّ اتصالات ومشاروات ناشطة بعيداً من الاضواء، استعداداً لملاقاة تلك الانعكاسات. في وقت قال مرجع كبير لـ»الجمهورية»، انّ انتخاب رئيس الجمهورية بدأ يقترب، وانّه سيتمّ في مهلة اقصاها بعد انتهاء الصومين المسيحي والاسلامي