بداية مرحلة فاصلة والدولة تحمي حقوقها بالادعاء عليه

16 مارس 2023
بداية مرحلة فاصلة والدولة تحمي حقوقها بالادعاء عليه


 
واذا كانت جلسة التحقيق امس لم تلتئم بسبب امتناع سلامه عن المثول امام المحققين، وأرجئت الى اليوم بعدما كان القاضي شربل ابو سمرا حضر وعدد من القضاة الفرنسيين.
وعلمت “النهار” ان الحاكم رياض سلامة سيحضر جلسة الاستماع اليه اليوم. وقد اكد محاميه ذلك. وانه لم يتغيب عن المصرف المركزي، بل كان يدرس بعض التعاميم التي سيتم عرضها على المجلس المركزي مساء.وأوضح مصدر قضائي أن سلامة “تغيّب عن جلسة اليوم (الأربعاء) لأنه كان ينتظر جواباً على مذكرة تقدم بها، واعتبر فيها أن حضور قضاة دوليين الى لبنان والتحقيق معه بملفات مالية يتعارض مع السيادة الوطنية”.لكن القضاء اللبناني رفض الأربعاء مضمون المذكرة، انطلاقاً من أن “تنفيذ استنابات دولية لا يتعارض مع القانون اللبناني ولا ينتقص من السيادة اللبنانية”، وأرجأ موعد استجوابه..وأطلعت القاضية الفرنسية أود بوريزي، ممثلة المحققين الأوروبيين، أبو سمرا على قائمة تضم مئة سؤال موجهة إلى سلامة، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس في وقت سابق. ورجّح المصدر أن تستغرق جلسات الاستماع الى سلامة “بصفة شاهد” ثلاثة أيام “من دون أن يُتخذ في حقه أي إجراء أو أن يتم توقيفه”.وكتبت” نداءالوطن”: رأى مصدر مواكب للقضية أنّ التطورات القضائية المتسارعة داخلياً وخارجياً تشي بأنّ “الخناق ضاق إلى أضيق الحدود على سلامة إلى درجة بات على الأرجح معها غير قادر وغير مؤهل للاستمرار على رأس حاكمية المصرف المركزي”،وكتبت” الاخبار”: يمثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، العاشرة والنصف من صباح اليوم، أمام نائبة رئيسة محكمة الاستئناف في باريس القاضية أود بوروزي بإدارة قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، تنفيذاً لاستنابة قضائية قدّمتها بوروزي لاستجوابه كمشتبه فيه في جرائم تبييض أموال. سلامة تغيّب عن جلسة استماع كانت مقررة أمس، بعدما تقدّم وكيله القانوني المحامي صخر الهاشم بمذكرة اعتبر فيها أن الاستماع إلى الحاكم أمام قضاة أجانب يدخل ضمن انتهاك سيادة القضاء اللبناني، مستنداً إلى معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وتلا الهاشم أسباب رفض حضور سلامة أمام القاضي أبو سمرا ورئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر والوفد القضائي الفرنسي، قبل أن يرسل أبو سمرا مذكرة إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي. ورد المحامي العام التمييزي غسان خوري، بالنيابة عن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، طالباً اتخاذ الإجراءات المناسبة، بعد تلميحه إلى عدم سؤال النيابة العامة التمييزية عن رأيها في شأن حضور قضاة أجانب، وبالتالي ليكمل ما بدأه بنفسه. وفور تسلّم القاضي الردّ، قرّر رفض مذكرة سلامة لأن «تنفيذ الاستنابة لا يتعارض مع القانون اللبناني»، ورفع الجلسة إلى صباح اليوم، وسط تأكيد وكيل سلامة أن موكله سيحضر الجلسة. واعتبر أبو سمرا أن تغيّب سلامة لا يدفعه إلى اتخاذ أي إجراءات، «فأنا أنفذ استنابة قضائية، وبالتالي يعود للقضاء اتخاذ القرار المناسب، ولكن من خارج الأراضي اللبنانية». فيما أشارت مصادر قضائية إلى أنه في حال تأكد سلامة من أن القاضية الفرنسية قرّرت الادعاء عليه مسبقاً قبل الاستماع له كإجراء شكلي يفرضه القانون الفرنسي، فإنه سيتغيب على الأغلب لأن النتيجة نفسها سواء حضر أم لم يحضر.ونقل زوار عن سلامة أن التحقيقات معه التي تنطلق من ملف «فوري»، ستتوسع لتشمل أموراً خاصة بعمل مصرف لبنان، وهو «لا يريد مناقشة ملفات المصرف المركزي مع القضاء الأجنبي»، خصوصاً أن «لديه الوثائق الكافية لتأكيد إنه لم يقم سوى بتنفيذ السياسات الحكومية». وأعرب سلامة عن اعتقاده بأن هناك ضغوطاً عليه للموافقة وتسهيل توقيع الحكومة برنامج العمل مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يراه «في غير مصلحة لبنان والقطاع المصرفي».
 
في غضون ذلك، نشرت الوكالة الوطنية للإعلام خبراً عن تقدّم الدولة اللبنانية ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل بادعاء شخصي في حق كل من سلامة وشقيقه رجا ومعاونته ماريان الحويك وكل مَن يظهره التحقيق، تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب المقدّمة إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي. وطلبت توقيفهم والحجز على أموالهم وأموال عائلاتهم وتجميد حساباتهم.لكن اتضح أن الخبر المنشور ليس دقيقاً، وحصلت «الأخبار» على نسخة من الكتاب الذي وجهته اسكندر إلى وزير المال يوسف الخليل باعتباره وزير الوصاية على مصرف لبنان، ويفترض أن تلجأ إليه لمنحها الموافقة على الادعاء. وأتى الكتاب تحت عنوان «بيان الرأي بشأن اتخاذ الدولة اللبنانية صفة الادعاء الشخصي في التحقيق الذي تجريه القاضية أود بوروزي المكلفة بإجراء التحقيق في الدعوى الشخصية المقدمة من «تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان» وجمعية «شيربا» الفرنسية (متخصصة في الدفاع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية) بحق الأوكرانية آنا كوزاكوفا (والدة ابنة سلامة) إلى النيابة العامة في باريس. ووفق ما ذكرته اسكندر، فإن مبادرتها إلى إرسال الكتاب جاءت على خلفية دعوة موجهة من بوروزي إلى الدولة اللبنانية (مرفقة في الكتاب) لاتخاذ صفة الادعاء الشخصي منذ تاريخ 23/1/2023 والتي أحيلت إلى هيئة القضايا بالتسلسل من النائب التمييزي بتاريخ 20/2/2023 ومن وزير العدل بتاريخ 13/3/2023. ومع وصول الدعوة إلى اسكندر قبل يومين، بادرت بالطلب من وزير المال إبداء رأيه بشأن اتخاذ قرار الادعاء في التحقيق الفرنسي. وطلبت منه الاطلاع وإيداعها الجواب إليها بأقصى سرعة ممكنة، خصوصاً أن «هيئة القضايا تنوي حضور جلسات الاستماع المزمع عقدها من قبل قاضي التحقيق الأول في بيروت بحضور الوفد القضائي الفرنسي ابتداء من 15/3/2023 ليتسنى لنا ممارسة واجباتنا بالمحافظة على حقوق الدولة اللبنانية». وختمت بأن «من الواجب الادعاء أمام قاضي التحقيق في فرنسا لكي تحفظ الدولة اللبنانية حقوقها، لأنه في حال عدم الادعاء فإن التعويضات ستكون من حق الجمعيتين اللتين تقدمتا بالادعاء أمام المدعي العام الفرنسي كما أبلغتني بوروزي قبل جلسة الاستماع». إذ أبلغت القاضية الفرنسية اسكندر بضرورة تحرّك الدولة اللبنانية بصفة شخصية لتتمكن من الحصول على الأموال المحجوزة في الخارج، وإلا ستستفيد منها الجمعيتان اللتان حركتا الدعاوى. ويرأس تجمع المتضررين اللبناني عزيز سليمان، فيما تتمثل جمعية «شيربا» غير الحكومية بمؤسسها المحامي وليم بوردون.وحتى مساء أمس، لم يكن وزير المال قد ردّ على كتاب القاضية اسكندر.
 
ويشير خبراء قانونيون لـ«البناء» الى أنه من حق المشتبه به تقديم الدفوع الشكلية وفق أصول المحاكمات الجزائية التي تتعلق بعدم قانونية الدعوى أو سقوطها بمرور الزمن أو عدم صفة المدعي، لكن سلامة استند على عدم الحضور الى جلسة استجوابه على دراسة قدّمها محاميه تشرح عدم قانونية حضور الوفد القضائي الأوروبي الجلسة»، موضحة أنه «يحق للحاكم تقديم الدفوع مرة واحدة وأن لا يحضر جلسة استجوابه إلى حين بتّ القاضي المختص بالدفوع الشكلية، وبحال قدم سلامة اليوم دفوعاً شكلية فيمكن له أن لا يحضر، أما إذا تغيب من دون تقديم هذه الدفوع فيحق لقاضي التحقيق إصدار مذكرة توقيف بحقه».وعن قانونيّة حضور الوفد القضائي الأوروبي لفت الخبراء الى أنه «وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لا شيء يمنع ذلك، بشرط التنسيق مع السلطات القضائية اللبنانية وفق الأصول».واستبعد الخبراء «صدور القرار الظني بحق سلامة، إلا بعد اختتام التحقيقات ومطالعة النيابة العامة، فإما يُحال الى المحكمة أو تُمنع عنه المحاكمة».ووفق معلومات «البناء» فإن «رفض سلامة حضور الوفد الأوروبي الجلسة يعود الى تخوفه من الأسئلة التي ستوجه اليه والأدلة والمستندات التي سيواجه بها من القضاة الأوروبيين، والتي ستكون الأساس لإقامة الادعاء عليه في عدد من الدول الأوروبية لا سيما فرنسا وألمانيا وسويسرا، وحينها يمكن للقضاة الأوروبيين مقاضاة سلامة وفق الاتفاقات الدولية لكون الجرائم المالية الموجهة إليه لا تقتصر على لبنان بل تتعلق بدول أوروبية عدة، وبالتالي يصبح الحاكم ملاحق دولياً والسلطات القضائية اللبنانية ملزمة بالتجاوب مع القضاء الأوروبي وتنفيذ اي أحكام قضائية».