كتبت سابين عويس في” النهار”: هل سيكون لبنان امام مرحلة جديدة من الاضطرابات أو الاعمال العسكرية، إما على خلفية هروب إسرائيل من ازمتها الداخلية عبر اشعال فتيل خارج حدودها، وإما عبر توجيه اميركي لها يرمي الى زعزعة اتفاق بكين، على خلفية ان لا يد لواشنطن فيه ولا رصيد، وان من شأنه اذا استُكملت فصوله في مهلة الشهرين المحددة في الاتفاق، ان يطيح الوجود الاميركي في المنطقة ويكرّس العملاق الآسيوي وسيطَ سلامٍ او صانعاً له في منطقة توزعت دولها بين ولاء شديد لواشنطن مقابل عداء شديد لها.
لم يساعد الانسحاب التدريجي واللامبالاة الاميركية بالمنطقة إلا على زيادة حالة التشتت والتقهقر بين الدول الدائرة في الفلك الاميركي، الى ان قررت المملكة العربية السعودية الامساك بزمام القرار وادارة اللعبة وفق قواعدها. فالمملكة التي وقّعت قبل ايام اتفاقا مع ايران، أتمّت امس صفقة تأسيس “شركة طيران الرياض” وطلب اسطول طائرات مكوّن من 72 طائرة “بوينغ دريملاينز” لربط الرياض بأكثر من 100 وجهة عالمية بحسب ما اعلن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وقد رحب البيت الابيض بالصفقة البالغة قيمتها نحو 37 مليار دولار، كاشفاً انها تدعم اكثر من 140 ألف وظيفة اميركية.وتذهب المخاوف الى حد الخشية من ردة الفعل الاميركية حيال الدخول الصيني القوي الى المنطقة من باب اتفاق بكين، ما يدفع مصادر سياسية الى التحذير من مخاطر مرحلة المخاض السعودي – الايراني المحددة بشهرين قبل ولادة الإتفاق النهائي الذي سيرسم معالم العلاقات المستقبلية بين البلدين في الدرجة الاولى، وبين الدولتين وحلفائهما في درجة ثانية لا تقل اهمية، على اعتبار انها ستحدد بوصلة التسويات الآتية الى هذه الدول، بدءاً من اليمن مروراً بالعراق فسوريا وصولاً الى لبنان.والسؤال: هل يصمد الاتفاق في مرحلته التجريبية فيؤدي الى تسويات متكاملة وشاملة يتقاسم فيها راعيا الاقليم خريطة النفوذ في المنطقة، أم يسقط امام اختراقات وتدخلات اميركية بأذرع اسرائيلية في سياق ابقاء الامر في يد واشنطن؟الاكيد حتى الآن بالنسبة الى لبنان ان القرار الاميركي بصون الاستقرار ودعم الجيش لمنع زعزعته لن يحولا دون استمرار سياسة واشنطن غضّ الطرف عن الانزلاق المتمادي نحو اعماق الانهيار الجهنمي الذي بدأ مع عهد العماد ميشال عون ولم ينتهِ بنهايته.