نشرت صحيفة “التايمز” تقريراً قالت فيه إن الرئيس العراقي السابق، صدام حسين كشف لمحقق في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) أنه لم يكن يحب زعيم القاعدة، أسامة بن لادن وأنه تخلص من برامج التسلح.
وبعد القبض على صدام في كانون الأول 2003، كان هدف الوكالة هو التوصل في التحقيق مع الزعيم العراقي إلى المدى الذي وصله العراق في مجال أسلحة الدمار الشامل وتحديد علاقة نظامه مع تنظيم القاعدة الذي شن هجوماً إرهابياً على أميركا في 11 أيلول 2001. وفعلياً، فقد كان الأمران المذكوران ذو أهمية كبرى في قرار الرئيس جورج دبليو بوش والوكالات الاستخباراتية الأميركية في ربط نظام صدام حسين بهجمات 9/11 على نيويورك وواشنطن.وقالت الصحيفة إنه بعد أشهر من التحقيق مع الزعيم العراقي، اقتنع المحقق جورج بيرو الذي كلف بالتحقيق مع صدام أن نظامه لا يملك أسلحة دمار شامل ولكنه لا يحمل سوى احتقار للقاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، حيث قال الرئيس العراقي للمحقق: “لا يمكنك الوثوق حقا بشخص له لحية كهذه”.وحقق بيرو مع صدام لمدة 7 أشهر، وكان يلتقي معه وحيداً كل يوم ولساعات طويلة بعد اعتقاله قرب بلدته تكريت.وذكر بيرو في تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأميركية أنه “في أول لقاء لي مع صدام، في غضون 30 ثانية، عرف شيئين عني. أخبرته أن اسمي جورج بيرو، وقال على الفور “أنت لبناني”. أخبرته أن والداي لبنانيان، ثم قال: “أنت مسيحي”. عندها سألته إذا كانت لديه أي مشكلة في ذلك، إلا أنه لم يبد أي اعتراض، بل قال له: “أحب اللبنانيين”.وأضاف بيرو: “تحدثنا عن كل شيء. لذلك خاصة في الشهرين الأولين، كان هدفي هو جعله يتحدث فقط. كنت أرغب في معرفة ما يقدره في الحياة وما يحب وما يكره وكيف يفكر. لذلك تحدثنا عن كل شيء من التاريخ والفن والرياضة إلى السياسة. كنا نتحدث عن أشياء كنت أعرف أنه لن يكون لديه أي تحفظات أو تردد في الحديث عنها”وقال بيرو: “أخبرني صدام أنه لا يحب أسامة بن لادن ولا يؤمن بأيديولوجية تنظيم القاعدة التي تهدف لإقامة دولة إسلامية في كل العالم العربي”.وأضاف: “حسناً، لم تكن لدى صدام الرغبة للتخلي عن السلطة لأي شخص آخر”، مشيراً إلى أن الرئيس العراقي الراحل لم يتحدث عن أسلحة الدمار الشامل إلا بعد عدة أشهر وانتقد تبرير إدارة جورج بوش لغزو بغداد في آذار 2003.واعتقد بيرو أن مزاعم صدام حسين بأن لديه أسلحة دمار شامل لم تكن سوى حيلة لردع جارته وعدوته إيران. كذلك، فقد اعترف حسين لبيرو أن برنامج الأسلحة العراقي انهار بسبب العقوبات الأميركية وبرنامج التفتيش الذي مارسته الأمم المتحدة عبر فرقها في أعقاب غزو الكويت عام 1990.ولفت بيرو إلى أن “عدو صدام الأكبر لم تكن الولايات المتحدة ولا إسرائيل، بل كانت إيران”، وأردف: “لقد أخبرني أنه كان يحاول دائما الموازنة أو التنافس مع إيران”. ووفقاً لبيرو، فقد اعترف صدام أنه كان يرغب بإعادة بناء أسلحة الدمار الشامل لو رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن العراق وقبل أن تغير هجمات 9/11 مسار التاريخ. وأضاف: “سألت صدام عما سيفعله لو رفعت العقوبات؟ وأجاب “كنا سنفعل ما يجب علينا فعله أو ما نعمله من أجل حماية أنفسنا”، وهي طريقته للقول إنه سيعيد بناء برنامج أسلحة الدمار الشامل”. كذلك، قال صدام إنه كان يعرف أن جيشه لن يصمد سوى عدة أيام حالة غزت أميركا العراق، ولكنه توقع حرب تمرد لعدة سنين تؤدي لمقتل 4.700 جندي أميركي إلى جانب نصف مليون عراقي. وفي السياق، قال المحقق إن صدام لم يتفاجأ من الغزو الأميركي للعراق، وأردف: “في البدء كان لديه انطباع بأننا سنقوم بضربات جوية، كما فعلنا في عام 1998. لكن عندما أدرك أن الرئيس جورج بوش ينوي غزو العراق، غير موقفه وسمح لمفتشي الأسلحة بالدخول إلى العراق لمحاولة منع ذلك. ومع ذلك، أخبرني أنه بحلول تشرين الأول أو تشرين الثاني 2002 على الأرجح، أدرك أن الحرب كانت حتمية، ثم بدأ في إعداد نفسه وقيادته وجيشه للحرب”.وأكمل بيرو: “كان صدام من أكثر الديكتاتوريين وحشية في زمننا وهو مسؤول عن أفظع المجازر في التاريخ، ولكنه أخبرني في الجانب الآخر عن صعوبة حكم العراق وأننا سنكتشف هذا بعد الإطاحة به”. وبعد مقابلة صدام والتحقيق معه، تم ترفيع بيرو في صفوف “أف بي آي” قبل أن يستقيل في تموز، ويكتب كتاباً عن لقاءاته مع الزعيم العراقي الذي أعدم في كانون الأول 2006. (عربي21)