مصادر ديبلوماسية فرنسية أشارت إلى أن لقاء باريس الذي عقد الشهر الماضي بحضور ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر لمناقشة ملف الانتخابات الرئاسية انتهى إلى نتائج غير حاسمة. لكن رغبة الدول المشاركة في حث اللبنانيين على إنجاز الخطوات سريعاً، دفع إلى البحث عن عناصر ضغط.
وأشارت المصادر نفسها إلى «أن مسألة العقوبات جدية، من الجانب الفرنسي والأوروبي أيضاً، وأن الموضوع مطروح أيضاً أميركياً». وأوضح هؤلاء أن باريس «لن تنتظر الأميركيين لفرض عقوبات، وأن الاتحاد الأوروبي يدرس أيضاً فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذي يعرقلون انتخاب الرئيس، وأن هنغاريا هي الوحيدة التي تعارض هذه العقوبات»، بحسب ما كتبت” الاخبار”.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة الفرنسية تدرس «فرض عقوبات فردية على مسؤولين لبنانيين تتمثل بمنع الدخول إلى فرنسا وسحب التأشيرات الممنوحة سابقاً، والعمل على تجميد الأصول المالية لهؤلاء في حال وجودها في مصارف فرنسية».
واعتبرت المصادر أن «العقوبات ليست سياسية لكنها تهدف إلى دفع هؤلاء الأشخاص اللبنانيين للقيام بواجبهم للحفاظ على لبنان والخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية».
وفي معرض الحديث عن فعالية هذه التهديدات، قال دبلوماسي فرنسي في باريس إن خطوة الرئيس نبيه بري باستعجال ترشيح فرنجية، ومن دون التنسيق الكامل معه أو حتى مع حزب الله، إنما جاءت استجابة لهذه التحذيرات، وهو الموقف نفسه الذي دفع برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى البحث عن توافق سريع حول الرئيس المقبل.
دوكان والأميركيون والطاقةفي جانب آخر، تواصل باريس مساعيها من أجل «تخفيف الأعباء» عن لبنان كما سبق أن قال الرئيس إيمانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين، وفي هذا الإطار كانت الزيارة الأخيرة لمنسق المساعدات الدولية للبنان السفير الفرنسي بيار دوكان إلى بيروت، وهو سافر بعدها إلى الولايات المتحدة لتذليل العقبات أمام تمرير صفقة جر الكهرباء والغاز من الأردن ومصر عبر سوريا، وبتمويل من البنك الدولي.
وقالت المصادر الفرنسية إن دوكان أجرى محادثات مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارتي الخارجية والخزانة، كما التقى أعضاء في الكونغرس (السيناتور الديموقراطي كريس مورفي والسيناتور الجمهوري جيم ريش العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية) إضافة إلى اجتماع أساسي مع إدارة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وفي ملف استجرار الطاقة أكد دوكان موقف بلاده الداعم لإمرار المشروع بدعم من البنك الدولي، وهو تيقن من استمرار الدعم الأميركي للمشروع، وخصوصاً من قبل البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأميركية. وسمع دوكان من المسؤولين الأميركيين «أن العقوبات وقانون قيصر ليست عقبة أمام تنفيذ مشروع نقل الطاقة العربي، باعتبار أن الإرادة الأميركية هي الأساس، وهناك نية أميركية فعلية لمساعدة لبنان في هذا المجال. وفي الإطار عينه، أكدت وزارة الخزانة الأميركية أن محاميها يستطيعون حل إشكالية مرور الغاز عبر سوريا وعدم شمول هذا النشاط لقانون قيصر».
لكن المصادر الفرنسية أشارت إلى أن دوكان لمس أن المشكلة «تكمن في المؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولي الذي لا يزال يطالب بإجراء الإصلاحات في قطاع الطاقة كي يستطيع الموافقة على التمويل. وبصورة عامة، لمس الوفد الفرنسي إحباطاً كبيراً لدى المسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد من عدم التقدم في الملفات الإصلاحية».
وشرحت المصادر موقف دوكان بالقول «لقد ركز السفير على إيجابية الجهود اللبنانية لرفع سعر التعرفة الكهربائية، وتقديم خطة استرداد التكلفة، وتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء، طالباً من البنك الدولي ملاقاة الحكومة اللبنانية، وأن عدم التجاوب سيتسبب بإحباط اللبنانيين والمسؤولين الذي يسعون إلى إجراء إصلاحات ولو محدودة».
وبحسب المصادر الفرنسية فإن خلاصة محادثات دوكان مع البنك الدولي لم تكن إيجابية. وأوضحت أن المسؤول الفرنسي أبلغ الأميركيين بضرورة القيام «بجهود كبيرة وإجراء محادثات مباشرة مع إدارة البنك الدولي في واشنطن، لإقناعه بقبول تسهيل مشروع نقل الطاقة عبر سوريا.
وأن موقف وزارة الخزانة يجب أن تبلغه واشنطن مباشرة إلى البنك الدولي».وقالت المصادر إن دوكان لفت إلى أن أبرز العوامل المساعدة يتركز في العمل مع إدارة البنك، بعد استقالة الرئيس الحالي دافيد مالباس المعروف بقربه من الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقد عينت إدارة الرئيس جو بايدن أغاي بانغا مكانه ما يُمكن أن ينعكس إيجاباً على ملف استجرار الطاقة والغاز إلى لبنان من مصر والأردن عبر سوريا».