عملية مجدو.. هل تخفي نوايا إسرائيلية مبيّتة للتصعيد مع لبنان؟!

18 مارس 2023
عملية مجدو.. هل تخفي نوايا إسرائيلية مبيّتة للتصعيد مع لبنان؟!


 
فجأة ومن دون سابق إنذار، بدت إسرائيل وكأنّها “تقرع طبول الحرب”، وذلك على خلفية عملية مجدّو، التي وُصِفت إسرائيليًا بـ”الحادث الخطير والبالغ الحساسية”، والتي كان لافتًا تكتّم المؤسستين السياسية والعسكرية الإسرائيلية عن تفاصيلها لأكثر من 48 ساعة، قبل أن تكشف النقاب عنها على وقع “استنفار” لم يُفهَم، قاد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى “قطع” زيارة خارجية، والعودة “على عجل” لمواكبة التطورات الأمنية.

Advertisement

 
ومع أنّ هذا “الاستنفار” تراجع بعد ذلك من حيث الزخم، على وقع الحديث عن عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي للردّ “الفوري”، في ما بدا أنّه “مراجعة” للتحليلات الأمنية التي انتشرت في الساعات الأولى عن “جبهات ستشتعل”، من بينها جبهة إيران، فإنّ علامات استفهام بالجملة طُرِحت حول مغزى “الاستعجال” بإقحام “حزب الله” في المسألة، من خلال الإيحاء الإسرائيلي بـ”تورطه” في العملية، ما فتح الباب أمام تكهّنات من الطراز “الحربي”.
 
وفي وقت التزم “حزب الله” الصمت، ولم يعلّق على “التصعيد” الإسرائيلي، الذي ترافق مع إعلان مجموعة غير معروفة تسمّي نفسها “قوات الجليل” مسؤوليتها عن العملية، ومع نفي قوات “اليونيفل” أن تكون قد سجّلت أيّ عملية عبور للخط الأزرق، يبقى السؤال: ما الأبعاد الحقيقية لما جرى، وما رافقه من ضجّة رآها كثيرون “مفتعلة”؟ وهل من “نوايا” إسرائيلية “مبيّتة” للتصعيد مع لبنان في هذه المرحلة تحديدًا؟
 
توقيت إسرائيلي “حَرِج”
 
يقول العارفون إنّ أكثر ما يلفت في “الإثارة الإسرائيلية” التي رافقت عملية مجدو لا يكمن في “التكتّم” عليها لأكثر من 48 ساعة، ثمّ الكشف عنها بغياب أيّ تفاصيل واضحة لها، ولكن توقيتها بشكل عام، الذي يمكن وصفه بـ”الحَرِج إسرائيليًا”، في ظلّ سلسلة من الاستحقاقات الداخلية والخارجية، التي تهيمن على “أجندة” المؤسستين الأمنية والسياسية في إسرائيل هذه الأيام، ما دفع البعض لاعتبار أيّ حدث أمني “ملهاة” للإسرائيليين.
 
ويشير العارفون في هذا السياق، إلى التظاهرات التي تشهدها الأراضي المحتلّة منذ أسابيع ضد حكومة بنيامين نتنياهو على خلفية ما بات يُعرَف بـ”مشروع الإصلاح القضائي”، في ظلّ انقسام سياسي عمودي غير مسبوق على خلفيّتها، إذ يتمسّك بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، المُلاحَق قضائيًا بتهم فساد، فيما ترفضها شريحة واسعة، بوصفها محاولة لـ”تقويض” السلطة القضائية، عبر المحكمة العليا، وتطويعها في يد السلطة السياسية بكلّ بساطة.
 
ولعلّ ما يثير الاهتمام في هذا السياق أنّ هذه التظاهرات بدأت بالخروج عن السيطرة، مع تسجيل اعتداءات على المتظاهرين، ومواجهات واشتباكات مع الشرطة، علمًا أنّ الرئيس الإسرائيلي نفسه دخل على الخط، محذّرًا من “حرب أهلية”، واصفًا إياها بأنّها “خط أحمر”، ولو باءت محاولته بالتوصل إلى “تسوية” بالفشل بعد رفض الحكومة لخطته، ما يثير تساؤلات بالجملة عن محاولات هذه الحكومة لنقل الاهتمام إلى مكان آخر، وتحديدًا إلى “الجبهة”.
 
المقاومة “جاهزة”
 
وإلى هذا الاستحقاق الداخلي “المؤرق” لحكومة نتنياهو، يُحكى عن “امتعاض إسرائيلي” من الأجواء الإقليمية والدولية، فالاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين لم ينزل بردًا وسلامًا على تل أبيب التي كانت “تمنّي النفس” بتوسيع معسكر “مواجهة طهران”، فإذا برياح “التسوية” تأتي “عكس التيار”، علمًا أنّ هناك من ربط موضوع “إقحام” إسرائيل لإيران فورًا وحديثها عن “الجبهات” بهذا المعطى تحديدًا.
 
لكنّ ما سبق لا يعني بتاتًا أنّ إسرائيل “مستعدة” فعلاً لتصعيد “غير محسوب” مع لبنان، وفق ما يقول العارفون، الذين يلاحظون تغيّرًا سريعًا في اللهجة، قد تكون له دلالاته، بعد “استنفار” الساعات الأولى، علمًا أنّ صمت “حزب الله” قد يكون لعب دوره على هذا المستوى، ولا سيما أنّه ترافق مع تسريبات الأوساط القريبة من المقاومة أنّ الأخيرة “تراقب” المشهد، لكنّها “جاهزة” للردّ على أيّ “مغامرات” إسرائيلية يمكن أن تحصل.
 
ويستبعد العارفون أن يكون على “الأجندة” الإسرائيلية أيّ نوايا فعليّة لإشعال “الجبهة” مع لبنان في الوقت الحالي، باعتبار أنّ مثل هذا التصعيد لن يكون في صالحها، ولو حجب الأنظار لبعض الوقت عن المشاكل الداخلية، حتى إنّ هناك بين الخبراء العسكريين من قدّر سلفًا أنّ أيّ ردّ إسرائيلي، إن حصل، سيكون مضبوطًا بشكل لا يفتح “معركة” مع لبنان، وحتى هناك من رجّح أن يتركّز في مكان آخر، على غرار العمليات في سوريا.
 
قد يكون أيّ “تصعيد” على الجبهة الحدودية آخر ما يريده اللبنانيون في هذه المرحلة، في ظلّ الشلل السياسي الناجم عن الفراغ الرئاسي، معطوفًا على الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وجنون الدولار، الذي لا يحتاج إلى “جنون إسرائيلي” بموازاته. لكنّ الأكيد أنّ أيّ تصعيد لن يكون أيضًا في صالح إسرائيل، المنشغلة بأزماتها الداخلية والخارجية، والتي تدرك قبل غيرها أنّ الاعتداء على لبنان ليس “نزهة”!