تراوح الازمة اللبنانية بتشعباتها السياسية والاقتصادية والمالية مكانها.وفيما لم يصدر اي بيان رسمي عن لقاء باريس الذي جمع مستشار الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل ومستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تشير المعلومات الى ان المجتمعين ركزوا مجددا على ضرورة انتخاب رئيس بعيدا عن المحاور السياسية يكون مقبولا عربياً ودولياً، ويقدم رؤية اقتصادية اصلاحية من شأنها ان تساعد على انقاذ الوضع في البلد، كما ان معطيات دبلوماسية تشير الى تقارب سعودي اميركي في الملف الرئاسي اللبناني.
وبانتظار ان يتضح الموقف الاميركي صراحة، وسط ترقب لزيارة مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى لبنان بين 23 و25 آذار الحالي، فإن زيارة وفد من مجموعة العمل الأميركي من اجل لبنان الى بيروت، في زيارة تعتبر الثالثة خلال عام، كانت محور متابعة واهتمام محليين نظراً لتوسيع الفريق مروحة لقاءاته التي شملت الى رئيسي المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعددا من قادة الأحزاب السياسية ونوابا من كتل مختلفة. وبحسب المعلومات فقد ركز الوفد خلال جولته، على نقطتين اساسيتين: الاولى انتخاب رئيس للبنان. والثانية تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي.اذن، جدد وفد مجموعة العمل الاميركي من اجل لبنان دعوة القوى السياسية التعاون لانجاز الأولويات المطلوبة من لبنان. ويقول رئيس الوفد السفير السابق ادوارد غابريال لـ”لبنان24″ : “نحن نأتي إلى لبنان بشكل دائم ودوري لأننا نلاحظ أن القادة السياسيين في لبنان بطيئون في تنفيذ الإجراءات بشأن الأولويات المطلوبة لتحقيق الاستقرار في البلاد. ونحن نريد من اللبنانيين ألا يكونوا وحدهم في كفاحهم لإحداث التغيير في بلدهم. وعندما زرنا لبنان في تشرين الأول الماضي، حثينا القادة السياسيين اللبنانيين على اختيار رئيس وتشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات المالية اللازمة. وعندما وصلنا هذا الشهر ، نقلنا الرسالة نفسها، لأنهم لم يفعلوا شيئًا منذ عدة أشهر”.ويضيف: “نحن لا نمثل الحكومة الأميركية ، انما الجالية اللبنانية الأميركية المهتمة بالأزمة اللبنانية، ونأمل من خلال العمل عن كثب مع المجتمع اللبناني والحكومة الأميركية ، أن نساعد في تسريع الخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والإصلاح في البلاد.ويضيف غابريال: التقينا بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض لتشجيع لبنان على التعاون الوثيق مع البنك الدولي والانتهاء من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء تمهيدا لانجاز صفقة الطاقة في بلاد الشام من مصر والأردن عبر سوريا الى لبنان. كما التقينا بوزير العدل هنري الخوري وسألناه عن التأخير المستمر في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ونقلنا رغبة المجتمع الدولي بإجراء تحقيق محايد ومستقل.إنه لأمر مخز عدم اجراء تحقيق في انفجار مرفأ بيروت، فلبنان كدولة ديمقراطية فاعلة، يجب أن يتمتع بقضاء مستقل ، ونحن نشجع المشرعين اللبنانيين على تمرير قانون استقلالية القضاء. وعليهم أن يأخذوا على محمل الجد الانفجار الرهيب الذي حدث في 4 آب 2020 وأن يتحركوا بشكل سريع ومستقل لحل هذه القضية من دون اي تدخل سياسي.لا شك ان الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة تقديم المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني والدعم للجيش والقوى الامنية، (علما ان وفد مجموعة الدعم الاميركي من اجل لبنان التقى خلال زيارته بيروت قائد الجيش العماد جوزاف عون). لكن المشرعين في واشنطن يلاحظون التأخير والمماطلة من جانب المعنيين في لبنان في اختيار رئيس وتشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي، مذكرا بدعوة رئيس وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي بوب مينينديز (ديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي) وجيم ريش (جمهوري عن ولاية نيوجيرسي)، الرئيس جو بايدن إلى استخدام كل الأدوات الدبلوماسية المتاحة لها، بما في ذلك العقوبات ، ضد النخبة السياسية والمالية في لبنان. والساعة تدق، يقول غابريال.ويضيف غابريال: نشهد قلقا دوليا واسعا من استمرار سوء ادارة الازمة اللبنانية الحالية من قبل قادة هذا البلد. وهذا الأسبوع ، دعت الدول التي شاركت في الاجتماع الخماسي في باريس القادة اللبنانيين للالتقاء حول انتخاب رئيس وتشكيل حكومة مع التهديد بفرض عقوبات على الطاولة. كما ستسافر باربرا إلى لبنان هذا الاسبوع للضغط من أجل حل الأزمة الرئاسية والدعوة إلى الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة. ولا شك ان هناك خيبة امل غربية وعربية من مآل الامور في لبنان والمجتمع الدولي يعمل بشكل وثيق كل يوم للضغط على قادة لبنان لوضع مصالحهم جانبا والاهتمام بحقوق الشعب اللبناني ومصلحته.اما على خط الترشيحات المطروحة من قبل القادة السياسيين لرئاسة الجمهورية والتي من ابرزها الوزير السابق سليمان فرنجية فيقول غابريال: ليس لدى الولايات المتحدة خيار أو فيتو في السباق الرئاسي اللبناني. الأمر متروك للشعب اللبناني ليقرر. ونحن في مجموعة الدعم من اجل لبنان رسالتنا إلى البرلمان اللبناني مفادها انتخاب رئيس غير فاسد ويتمتع بكفاءة عالية ومهتم بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان وملتزم بتلبية احتياجات الشعب اللبناني.و إذا انتخب البرلمان رئيسًا يستوفي هذه المعايير ، فسنشجع الولايات المتحدة على دعم الدولة اللبنانية.والى ذلك الحين، فإن الترقب لا يزال حاضرا لما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة بعد الاتفاق الايراني – السعودي. وبحسب غابريال يمكن لهذا الاتفاق ان يحد من التوترات في المنطقة ويترك اثرا ايجابيا بشكل غير مباشر على دولها. ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكي اعلن أن “أي شيء يمكن أن يساعد في تقليل التوترات وتجنب الصراع وكبح الأعمال الإيرانية الخطيرة أو المزعزعة للاستقرار بأي شكل من الأشكال هو أمر جيد”، وأثنى على وساطة الصين. ويضيف غابريال : لم يكن لبنان حاضرا في المفاوضات الايرانية – السعودية ونحن لا نتوقع أي تأثير حقيقي في المدى المنظور لهذه الاتفاق على لبنان، علما اننا نأمل في إيجاد حل. ونأمل أن يُترجم الحد من التوترات الإقليمية خلق مساحة أكبر للحوار في لبنان بين القوى والاحزاب المتنافسة.الحقيقة أن هناك حاجة دائمة للادارة الأميركية في لبنان، بحسب غابريال. و ATFL لطالما كان لديها رؤية أن لبنان دولة ذات سيادة وتتمتع بالديمقراطية والتعددية والازدهار. وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، فإن الإدارة الاميركية، إلى جانب حلفائها في أوروبا والخليج يرون ان من الضروري تعزيز هذه القيم في وقت يبدأ لبنان بالتعافي.