كتب صلاح سلام في” اللواء”: المواصفات الشخصية للرئيس أصبحت معروفة، وأثبتت التجارب المريرة أنها لم تعد تكفي وحدها لضمان فترة من الإستقرار والإنتاجية المطلوبة في السلطة التنفيذية، حيث لا بد من سلة تفاهمات تتناول إلى شخصية رئيس الحكومة، برنامج العمل المُلحّ، والخيوط العريضة لخطة العمل الإصلاحية، وتوفير كل ما يلزم من تسهيلات ودعم لخطوات الإنقاذ، بعيداً عن المزايدات الشعبوية، والبهورات الحزبية.
ولعل الخطوات الإصلاحية الأولى تبدأ بالخروج عن القيود التي كانت تحيط بتشكيل الحكومات في الفترة الأخيرة، وفي مقدمتها طي صفحة «الثلث المعطل»، وكسر إحتكار الطوائف لبعض الوزارات السيادية أو الدسمة، والعودة إلى نظام المداورة بين الطوائف ومختلف الوزارات، السيادية منها وغير السيادية، وتوفير المناخات المناسبة لتسريع الخطوات الإنتاجية للحكومة في أجواء من التهدئة السياسية، تُساعد على تفعيل إجراءات إنعاش الليرة وتخفيض الدولار الأسود، وصولاً إلى توحيد سعر الصرف، كما يُطالب صندوق النقد الدولي.
غير أن المحك الأساسي لجدية الأطراف السياسية في سلوك سبيل الإصلاح والإنقاذ، يبقى في إمكانية منح حكومة العهد الأولى الصلاحيات الإستثنائية في بعض التشريعات المالية والنقدية، بعيداً عن دورة الروتين التشريعي التقليدي، وبما يؤمن متطلبات الدول المانحة والمؤسسات المالية من سرعة في إتخاذ القرارات الإصلاحية وإحالتها إلى التنفيذ فوراً.
التصدي لتحديات المرحلة الإستثنائية والصعبة التي يتخبط فيها البلد، وما يواكبها من إنهيارات وتعقيدات، يتطلب خطوات استثنائية وقرارات تنفيذية سريعة، ليس سهلاً تزخيم مفاعيلها وإحداث الصدمة المطلوبة منها، دون منح صلاحيات إستثنائية للحكومة الإنقاذية، على غرار ما كان يحصل في فترات الأزمات السياسية والأمنية في مرحلة ما قبل الطائف، حيث كانت الحكومات الأولى لبعض العهود تُمنح الصلاحيات الإستثنائية، لتمكينها من تطويق الأزمات، ومعالجة المشاكل قبل أن تتفاقم، وبعيداً عن المزايدات السياسية والخطابات الشعبوية في مجلس النواب.
فهل نشهد عهداً إستثنائياً قادراً على إخراج البلد من هذا الجحيم الإستثنائي، بسرعة الصلاحيات الإستثنائية؟
بعيداً عن حسابات التفاؤل ومقاييس التشاؤم، يمكن القول أن ما كان مستحيلاً قبل العاشر من آذار، أصبح ممكناً بعد الإتفاق السعودي الإيراني، الذي قد يكون لبنان محطته الثانية بعد اليمن.