كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: يجري الحديث عن سعي جدّي لعقد مؤتمر حوار لبناني (مسيحي- مسلم) بمشاركة عربية ودولية تستضيفه إحدى العواصم العربية الثلاث: القاهرة أو بغداد أو سلطنة عُمان، في حال لم تُحلّ الأزمة اللبنانية في الداخل خلال الأسابيع المقبلة. فهل سيُعقد هذا المؤتمر بعد خلوة النوّاب المسيحيين في بكركي، وأيّاً كانت نتائجها بالنسبة للتوافق على اسم رئيس الجمهورية المقبل؟ وما هو المتوقّع من انعقاده بعد أشهر من الشغور الرئاسي وتفاقم الانهيار الإقتصادي والمالي في لبنان؟
تجيب مصادر سياسية مطّلعة أنّ “اتفاق بكين” الأخير الذي يُتوقّع أن ينعكس إيجاباً على الداخل اللبناني في غضون بضعة أشهر، لا بدّ وأن يواكبه اتفاق داخلي على الإنتخابات الرئاسية، وما يليها من تكليف رئيس حكومة وتشكيل الحكومة، ووضع بيانها الوزاري وخطّة عملها وما الى ذلك.. لهذا باتت الحاجة ماسّة اليوم الى اجتماع جميع النوّاب، المسلمين مع المسيحيين الذين رفضوا دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي مرتين للحوار. ولكن إذا أتت الدعوة من إحدى الدول العربية المؤثّرة التي قد تستضيف هذا المؤتمر، أو دولة عربية أخرى، فلن يعتذر أي أحد عن تلبيتها، خصوصاً إذا أتت من السعودية أو من مصر التي تحتضن مقرّ جامعة الدول العربية.وأوضحت المصادر أنّ القاهرة تريد إعادة بسط نفوذها في المنطقة، ولهذا نجدها من بين الدول الخمس التي اجتمعت في لقاء باريس الخماسي في 6 شباط الماضي، والذي يُبقي اجتماعاته دورية أو مفتوحة، كلّما دعت الحاجة لذلك. ويهمّها بالتالي أن يتوصّل المسؤولون اللبنانيون الى حلّ الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد، وتبدي جهوزيتها لتقديم المساعدة. وأتت الزيارة الأخيرة للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الى لبنان لتعزّز الحركة السياسية، وقد أكّد خلالها على أنّه “سيكون هناك رئيس للجمهورية والمسألة مسألة وقت، ويجب أن نُسرع بهذه الخطوة لأنّ الأمور خطرة”. وهذا يدلّ على اهتمام مصر بالملف الرئاسي وانخراطها في التفتيش عن حلّ للأزمة اللبنانية.
وفيما يتعلّق ببغداد أو بسلطنة عُمان لاستضافة هذا المؤتمر، فذكرت المصادر نفسها، أنّ عقد المؤتمر ومكان انعقاده لا يزالان قيد البحث. غير أنّ ترجيح استضافته في بغداد يعود لكون العراق تدخل ضمن ملفات الاتفاق السعودي – الإيراني. أمّا في حال تقرّر اختيار دولة محايدة، لا يعتبرها أي فريق حليفة للفريق الآخر، فقد يقع الاختيار على سلطنة عُمان. هذا إذا لم تصرّ مصر على استضافته على أراضيها.
وبالنسبة لموعد انعقاد المؤتمر، فلم يتمّ تحديده بعد، على ما شدّدت المصادر، غير أنّه من المؤكّد أنّه لن يحصل خلال شهر رمضان لدى الطوائف الإسلامية، ولا خلال الصوم لدى المسيحيين وعيدي الشعانين والفصح، ما يعني أنّه سيؤجّل الى ما بعد شهر نيسان المقبل. كما سيُعمل على ألّا يتزامن أيضاً مع موعد مؤتمر القمّة العربية الذي سيُعقد في أيّار المقبل في المملكة العربية السعودية، ويرجّح أن يكون الموضوع الرئيسي على طاولته إقتصادياً يتناول كيفية مساعدة الأقاليم العربية المحتاجة. وكلّ هذا يعني أنّ المؤتمر قد يُعقد في حزيران المقبل في حال بقي التوافق الداخلي غير قائم على انتخاب رئيس الجمهورية وما يليه من إستحقاقات.
وعن هذا المؤتمر، تقول المصادر عينها أنّه سيكون أقلّ من “اتفاق الطائف” الذي عُقد في الطائف في السعودية في العام 1989، وأكثر من “اتفاق الدوحة” الذي عُقد في قطر في العام 2008، ما يعني أنّه لن يكون “اتفاق الدوحة 2” ولن يحلّ الأزمة بشكل مؤقّت. وما يُنتظر من هذا الاتفاق ألّا يكون “مؤتمراً تأسيسياً”، هذه العبارة التي تُخيف قسماً كبيراً من المسؤولين اللبنانيين، بل سيتمّ خلاله الاتفاق على أسس المرحلة المقبلة انطلاقاً من “وثيقة الوفاق الوطني”. فالوقت حان لإعادة قراءة هذه الوثيقة التي لم يجرِ تطبيق جميع بنودها مثل إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ وتطبيق اللامركزية الإدارية وغير ذلك، ولسدّ بعض الثغرات التي أظهرتها التجارب السابقة طوال الأعوام الماضية…