لم يأتِ ترشيّح رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه برّي والأمين العامّ لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله بأيّ نتائج إيجابيّة على الإستحقاق الرئاسيّ، فبقيت الكتل النيابيّة مُتشدّدة في مواقفها الرافضة بأغلبيتها بوصول رئيس تحدٍ إلى بعبدا. ورغم أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” قرأ من خلال التقارب السعوديّ – الإيرانيّ رسالة أمل لتعزيز موقعه السياسيّ في لبنان،كانت أوّل خيبة له عدم التوافق بين باريس والرياض على إسم فرنجيّة في آخر إجتماع بينهما تناول الشأن اللبنانيّ، ما عزّز التوجّه مرّة جديدة إلى المرشّح الوسطيّ، إنطلاقاً من مبدأ التحاور والتوافق بين الأفرقاء في الداخل.
وأمام التطوّرات الدوليّة المتسارعة، يبقى الثابت الوحيد أنّه يجب لبننة الملف الرئاسيّ مع تدهوّر سعر الصرف بمستويات دراماتيكيّة جديدة، فهل هذا يعني أنّ ورقة سليمان فرنجيّة قد طويت؟ على ما يبدو بحسب مراقبين، لم يكن موفقاً إعلان “الثنائيّ الشيعيّ” دعم رئيس “المردة” وتعطيل الإنتخابات بهدف وصوله، فالمجلس النيابيّ الحاليّ لا يسمح لأيّ فريقٍ بأنّ يفرض شروطه أو مرشّحه على الآخر. ويُضيف المراقبون أنّ برّي خسر العديد من الأصوات عندما انتُخب لولاية جديدة، وهذه كانت إشارة لـ”حزب الله” و”حركة أمل” على أنّهما لم يعودا قادرين على التحكم بالمرشّحين والأصوات.
كذلك، فإنّ مراهنة “حزب الله” على الوقت للضغط على النواب من أجل إقتناعهم بفرنجيّة خطاً من قبل الضاحيّة الجنوبيّة، إذ تقول أوساط سياسيّة إنّ الوضع المعيشيّ والإقتصاديّ مختلف جدّاً عما كان عليه قبل انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، فـ”الحزب” يُدرك أنّ كلّ تأخيرٍ سيزيد من غضب جمهوره في الشارع إحتجاجاً على التأزم الإجتماعيّ والماليّ في البلاد. وتُشير الأوساط إلى أنّ حظوظ فرنجيّة لم تتقدّم أصلاً لتتراجع، فهو يلقى معارضة مسيحيّة ودرزيّة وسنّية قبل وبعد ترشّيحه، فيما الدول العربيّة والغربيّة تنتظر وصول رئيسٍ قادرٍ على جمع اللبنانيين وليس تفريقهم.
من هذا المنطلق، تُتابع الأوساط أنّ التسويّة عادت لتتقدّم على إسم فرنجيّة أو ميشال معوّض، في ظلّ غياب الحوار بين المكوّنات السياسيّة، وتقول إنّ برّي الذي رمى كرة التعطيل في ملعب المسيحيين، يعلم جيّداً أنّه لو حصل التلاقي بين “القوّات” و”التيّار الوطنيّ الحرّ”، فإنّهما لن يتّفقا على الإقتراع لفرنجيّة، أيّ أنّ لا شيء يدلّ على أنّ هناك ما يُشير إلى أنّ أسهمه ارتفعت، وقد أتى ترشّيحه ليضعه في خانة الشخصيّات التي تشكل تحديا ، ويفرض البحث عن رئيسٍ وسطيّ.
ويعتبر مراقبون أنّ “حزب الله” دخل في مأزق سياسيٍّ منذ إحتجاجات 17 تشرين 2019، وصولاً إلى الإنتخابات النيابيّة. وما قد زاد الطين بلة بالنسبة إليه هو خلافه المستجدّ مع النائب جبران باسيل، وبين الأخير وبرّي، ما يُحتّم على السيّد نصرالله البحث عن حلفاء جدد في خندق “المعارضة”. ولكن في المقابل، فإنّ الإتّصالات الرئاسيّة بين المختارة وحارة حريك متوقّفة بعدما رفض “الحزب” مناقشة أسماء وسطيّة مع النائب والوزير السابق وليد جنبلاط، وإعلان “الثنائيّ الشيعيّ” في ما بعد عن دعم فرنجيّة، واللافت أنّ كتلة “اللقاء الديمقراطيّ” لن تتوجّه إلى انتخاب رئيس “المردة” طالما أنّ لا موقف سعوديّاً داعماً له. ويُضيف المراقبون أنّ عدّاد فرنجيّة متوقّف عند أصوات “الثنائيّ الشيعيّ” وبعض نواب “الممانعة” فقط.
وترى أوساط سياسيّة أنّ “حزب الله” وبرّي أمام خيارين: الأوّل إستمرارهما بترشّيح فرنجيّة ريثما يقتنع الخارج والداخل به، تزامناً مع إنهيار البلاد أكثر إقتصاديّاً ومعيشيّاً، وخصوصاً وأنّ نصرالله أعلن صراحةً أنّ التعطيل هو حقٌّ دستوريّ لأيّ فريقٍ، والثاني وهو الذهاب إلى تسويّة والإقتراع لشخصيّة وسطيّة. وتُتابع الأوساط أنّ التوجّه الأخير يعني لـ”الحزب” ميشال سليمان جديد، أيّ لا حريّة مطلقة له في الداخل والخارج، بينما إنتخاب فرنجيّة بمثابة ربح سياسيّ واستراتيجيّ وتعزيز لخطّ المقاومة في المنطقة.
وتختم الأوساط قولها لا خطّة ولا مرشّح آخر لدى عين التينة والضاحيّة الجنوبيّة، لذا، من المتوقّع أنّ يُكمل “الثنائيّ الشيعيّ” برئيس “المردة” حتّى النهاية، إلى حين يُجمع عليه بعض الأفرقاء اللبنانيين، ويتمّ إنتخابه بأقلّ عدد ممكن من الأصوات.