تسير القوى السياسية في لبنان ببطء بإتجاه الحل المرتقب، ان كان في موضوع الاستحقاق الرئاسي او الازمة السياسية الكبرى التي تصيب البلد منذ سنوات والتي تؤثر بشكل حاسم على عملية الانقاذ او اقله على مساعي الحد من الانهيار وفرملته، خصوصا وان معظم القوى التقليدية تجد ان خسائرها في حال تقديم تنازلات حقيقية تفوق خسائرها في حال استمرار الازمة.
في اللحظة التي وصل فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد انفجار المرفأ، وفك العزلة عن القوى السياسية المأزومة حينها، لم تعد الاحزاب الاساسية مستعجلة لاتمام التسوية او تقديم التنازلات، وهذا التوجه استتبع بالانتخابات النيابية التي اعادت الشرعية الشعبية بشكل شبه كامل لغالبية القوى والاحزاب والشخصيات.هذا الكباش يقوم بشكل اساسي على قناعة لدى الطوائف واحزابها بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة تأسيسية ومهما حاولوا نكران فكرة التعديلات المقبلة على النظام السياسي، فهم متيقنون بأن الازمة الحالية تعادل بتداعياتها الحرب الاهلية، وعليه فإن التعديلات في شكل الحكم آتية حتما، وان لم يتم تكريسها بالنصّ الدستوري والقانوني.كل ذلك يوحي بأن الازمة مستمرة، وان التسوية لن تكون سريعة بل ان احتمالات الانهيار الكامل قد تكون كبيرة على اعتبار ان هناك من يراهن على فكرة تحسين ظروفه التفاوضية في حال سقط الهيكل بشكل نهائي، وهذا يعني ان البناء السياسي والدستوري سيكون اسهل بعد الارتطام الاقتصادي والمالي.كل ذلك، بدأ يظهر تدريجيا، وبدأت فكرة الانهيار السريع تطل برأسها، ولعل ما حصل في الايام الماضية من ارتفاع سريع وانخفاض اسرع في سعر الصرف، مع ما يستتبع ذلك من تداعيات اقتصادية ومالية، خير دليل على المستوى المستجد من الانهيار الذي يعيشه لبنان، وهذا ما سيتكرر في المرحلة المقبلة.وبحسب مصادر مطلعة فإن الخطاب المذهبي والطائفي المتزايد هو من “منتجات الانهيار”، وهذا الامر قد يترافق مع اضطرابات امنية وشعبية وان كانت محدودة، لذلك فإن المرحلة المقبلة، وفي حال فشل الوساطات الدولية، ستشهد تطورات سلبية وفوضى مجتمعية.وترى المصادر ان هذا الواقع تراه بوضوح القوى الدولية والاوروبية الامر الذي يدفعها بشكل واضح وعلني الى الضغط “الفجّ” بإتجاه التسوية الرئاسية اولاً، وبإتجاه اقناع بعض الدول الخليجية بالانخراط بالحل المرتقب بهدف دعم لبنان ومنعه من الانفجار..