“حسونة وحسن أخوة وشرف واحد. حسن غسل عاره وعار حسوّنة، والموضوع انتهى”، بهذه الكلمات برّر أقارب اللبنانية، زينب زعيتر، في مقطع انتشر على مواقع التواصل في لبنان بعد مقتل الضحية في منطقة صحراء الشويفات على يد زوجها أمام أطفاله الثلاثة.
كانت زينب في منزلها حين أقدم زوجها حسن موسى زعيتر “عند الساعة الثانية من فجر السبت الماضي على إنهاء حياتها بثماني طلقات نارية، قبل أن يفر مصطحباً أولاده”، وذلك بحسب ما أكدته القوى الأمنية لموقع “الحرة”، مشددة على أنها “فتحت تحقيقاً بالحادث، في حين لم يتقدم أهل الضحية حتى الساعة بشكوى ضد حسن”.
استفز المقطع المصور لأقارب زينب (26 سنة) اللبنانيين، كونه يعكس تفاخرهم “بغسل عارهم”، لاسيما شقيقها الذي ظهر من أمام مقهى قاتلها، معلنا أن ما قام به حسن كان سيقدم هو على ارتكابه بعدما تلقى اتصالا منه، إلا أنه سبقه لذلك، مؤكدا أن لا ثأر بينهما، ليعيد فتح المقهى قبل أن تجف دماء شقيقته.
وحتى الآن، لا رواية مؤكدة عما حصل في تلك اللحظات المشؤومة، بعدما هرب القاتل برفقة أطفاله إلى جهة مجهولة.
سيناريوهات عدة يجري تداولها، تتقاطع جميعها حول الادعاء بأنها “جريمة شرف”، منها أن حسن كان في المقهى حين تلقى اتصالاً أُطلع خلاله عن خيانة زوجته له، فما كان منه إلا أن توجه إلى المنزل وأرداها قتيلة، في حين يشير سيناريو آخر إلى أن حسن عثر بهاتف زينب على صور لها من دون حجاب، وأيا تكن دوافع الجريمة، فإن الحقيقة الأكيدة أن زينب فقدت حياتها على يد من اعتبرته يوماً شريكا لها في الحياة، قبل أن تقتل للمرة الثانية بكلمات شقيقها التي اعتقدت أنه سندها، لكنه للأسف بارك إهدار دمها.
“حرب مفتوحة”تعيد حادثة زينب إلى الأذهان مشاهد كثيرة من جرائم قتل النساء في لبنان، فما يحصل “حرب مفتوحة” عليهن، بحسب وصف مديرة جمعية Fe-Male حياة مرشاد، شارحة في حديث لموقع “الحرة” أن “أي امرأة تخرج عما يسمى بطاعة زوجها أو لا تعمل على إرضائه بالدرجة المطلوبة، من الممكن أن تكون معرضة في أي لحظة لخسارة حياتها، وأن يكون أطفالها معرضين لمشاهد رعب، كما حصل مع أبناء زينب الذين لا يتخطى عمر كبيرهم 8 سنوات، ما سيترك آثاراً نفسية عليهم لسنوات طويلة قادمة”.
ورصدت منظمة “كفى” حوالي 18 جريمة قتل نتيجة عنف الأزواج، العام الماضي. مع هذا، تقول المحامية في المنظمة، فاطمة الحاج، لموقع “الحرة”: “لا يصل الزوج إلى هذه المرحلة (القتل) من دون أن يمر في مرحلة تعنيف زوجته، وهذه نتيجة طبيعية لثقافة الإفلات من العقاب ولنظام التسلط الذي يعطيه حق تأديبها، مما يعزز الذكورية في لبنان واستسهال إنهاء حياة النساء”.
كذلك، تعتبر مرشاد أن هذه الجرائم لا تقع من العدم، وتضيف: “ففي العادة يسبقها سجل حافل من العنف التي تتعرض له الضحية، ومن المؤكد أنه سيتم التوصل إلى ذلك، إذا حصل تحقيق جديّ في قضية زينب، لا بل قد يظهر أن أطفالها يتعرضون كذلك للعنف، كما أن مراجعة سجل قتل النساء في لبنان، تكشف أن الحجة المعلبة والجاهزة دائماً للقاتل، هي الاضطرابات والأمراض العصبية والشرف، كونها تؤدي إلى إفلاته من العقاب”.
المخيف، كما تقول مرشاد، “هو تستر المجتمع الدائم على المجرم، إذ أظهرت المقاطع التي انتشرت لشقيق الضحية ورجال القبيلة معه، كيف أنه من السهل جداً التحكم بحياة النساء وقتلهن، ومن ثم عقد صلح على دمهن، في وقت يتغاضى فيه القضاء والقوى الأمنية والمجتمع وحتى الإعلام عن قضاياهن”.
ونُقلت الجثة المشوهة المعالم، من جراء تعرض الضحية لعياراتٍ ناريّة في الرأس والعينين، إلى أقرب مستشفى ثم دُفنت في مقبرة “حي السلم”، وسط محاولاتٍ للتكتّم على الجريمة، بحسب ما ذكرت منصة “شريكة ولكن” عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، معلّقة على الجريمة بالقول: “في الوقت الذي صمتت فيه الضحية الى الأبد، انطلقت جوقة التبرير المجتمعي المعتادة للمجرم بذريعة أنه يُعاني منذ زمنٍ طويل من اضطرابات عصبيّة عدّة.
لتبدأ معها محاولات تحميل الضحية ذنب قتلها وحرمانها من حقها بالحياة، عبر الادعاء بأن القاتل لم يضبط نفسه حين تلقى اتصالاً من مجهول، يفيده بخيانة زوجته له”.
مع هذا، فقد انتشرت ادّعاءات أخرى بحسب “شريكة ولكن”، ترتبط بسيناريو عثور الزوج على صور من دون حجاب لزوجته على هاتفها، الذي اختفى من موقع الجريمة، ما أثار حفيظته ودفعه لقتله زوجته، بحسب ما أشارت المصادر الأمنيّة”.